Sejarah Terjemahan di Mesir di Zaman Pengaruh Perancis
تاريخ الترجمة في مصر في عهد الحملة الفرنسية
Genre-genre
6
ثم وضع الأستاذ بعد ذلك إصبعه على موطن الداء، وسبب هذا الركود، فقال: «قد يرجع الركود إلى أن القوة العثمانية حالت بلا شك دون اتصال أمم الدولة بالحضارات الأجنبية عموما، وبالحضارة الأوروبية خصوصا.»
ولكنه شأن الباحث المنصف المدقق يعود فيلتمس للعثمانيين العذر في النقطتين التاليتين فيقول: (1)
ولكن الباحث المنصف لا يستطيع أن يسلم بأن الأوروبيين في القرن السادس عشر وما تلاه من الأزمنة كانوا على استعداد لأن يقدموا للشرقيين المسيحيين والمسلمين من رعايا السلطان ثمرات نهوضهم العلمي هدية خاصة. كما أن الباحث لا يستطيع أن يجهل أن تقدم الحضارة الأوروبية كان في أغلب الأحايين اسما مرادفا لما كانت تقوم به الأسرات المالكة في أوروبا من الحروب في سبيل المجد، ويشد أزر الملوك - ولكن في سبيل المجد الأعلى - رجال الدين، وفي سبيل الاستقلال رجال المال. أما والأمر كذلك، فلا سبيل إلى القول بأن الشرق العثماني كان يستطيع الإفادة من النهضة الأوروبية دون أن ينزل عن رجولته وحريته ... (2)
والصحيح في مسألة الركود هو أن الدولة العثمانية تولت أمر أمم كانت على نوع من الإعياء، لم يكن الحكم العثماني قادرا على أن يزيله عنها: فالعثمانيون كانوا قوما يأخذون ولا يعطون، تشهد بذلك خططهم وفنهم وآدابهم، فلم يكن منهم إلا أن نظموا ما وقع تحت سلطانهم في ملك عريض وعملوا على ألا يتطرق إليه تغيير أو تعديل، شأنهم في هذا شأن الدول الكبرى المتعددة الأجناس والأديان تتهددها دول أخرى معادية.
7
ومهما تكن الأسباب، فإنا لا نستطيع أن ننسى أن هذا الركود الطويل دفع مصر وسكانها إلى الانكماش داخل بلادهم كما تنكمش القوقعة داخل صدفتها، وطال انكماش مصر وسكانها فأصيبت وأصيبوا بالضعف، شأن المريض يطول به الرقاد وتطول به الوحدة؛ ولهذا لا نعجب إذا قرأنا وصف الرحالة الأوروبيين الذين وفدوا على مصر والشام وسائر بلدان الدولة العثمانية في أواخر القرن الثامن عشر، أمثال سافاري وفولني وغيرهما. قال فولني يصف الحالة الصناعية والعلمية في مصر وقتذاك: «الجهل عام في هذه البلاد مثل سائر تركيا، وهو يتناول كل الطبقات، ويتجلى في كل العوامل الأدبية والطبيعية، وفي الفنون الجميلة، حتى الصناعات اليدوية، فإنها في أبسط أحوالها، ويندر أن تجد في القاهرة من يصلح الساعة، وإذا وجد فهو إفرنجي، أما الصياغة فأصحابها فيها أكثر مما في أزمير وحلب، لكنهم جهلاء، وإنما يتقنون المنسوجات الحريرية، وإن كانت أقل إتقانا وأغلى ثمنا من صنع أوروبا، أما العلم فوجود الأزهر فيها جعلها مرجع الطلاب في الشرق الإسلامي.»
وحتى هذا العلم، وحتى هذا الأزهر، لم يكونا في القرن الثاني عشر الهجري (القرن الثامن عشر الميلادي) في حالة طيبة مبشرة، بل شملتهما موجة من الركود والجمود. وقد وصف مؤرخ مصري معاصر هو الشيخ عبد الرحمن الجبرتي، مدى ما وصلت إليه الحالة العلمية في مصر من تأخر وجمود في ذلك القرن، فذكر أن أحمد باشا الوالي التركي على مصر (1162-1163ه / 1749 -1750م) كان: «من أرباب الفضائل، وله رغبة في العلوم الرياضية، ولما وصل إلى مصر، واستقر بالقلعة، وقابله صدور العلماء في ذلك الوقت، وهم: الشيخ عبد الله الشبراوي شيخ الجامع الأزهر، والشيخ سالم النفراوي، والشيخ سليمان المنصوري، فتكلم معهم، وناقشهم، وباحثهم، ثم تكلم معهم في الرياضيات فأحجموا، وقالوا: «لا نعرف هذه العلوم.» فتعجب وسكت.»
ثم ذكر مؤرخنا أن الشيخ الشبراوي طلع على عادته إلى القلعة في يوم جمعة، «واستأذن، ودخل عند الباشا يحادثه، فقال له الباشا: «المسموع عندنا بالديار الرومية أن مصر منبع الفضائل والعلوم، وكنت في غاية الشوق إلى المجيء إليها، فلما جئتها وجدتها كما قيل: «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه».» فقال له الشيخ: «هي يا مولانا كما سمعتم معدن العلوم والمعارف.» فقال: «وأين هي، وأنتم أعظم علمائها وقد سألتكم عن مطلوبي من العلوم فلم أجد عندكم منها شيئا، وغاية تحصيلكم الفقه والمعقول والوسائل، ونبذتم المقاصد؟» فقال له: «نحن لسنا أعظم علمائها، وإنما نحن المتصدرون لخدمتهم وقضاء حوائجهم عند أرباب الدولة والحكام، وغالب أهل الأزهر لا يشتغلون بشيء من العلوم الرياضية إلا بقدر الحاجة الموصلة إلى علم الفرائض والمواريث، كعلم الحساب والغبار (؟).» فقال له: «وعلم الوقت كذلك من العلوم الشرعية ، بل هو من شروط صحة العبادة، كالعلم بدخول الوقت، واستقبال القبلة، وأوقات الصوم والأهلة، وغير ذلك.» فقال: «نعم، معرفة ذلك من فروض الكفاية، إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وهذه العلوم تحتاج إلى لوازم وشروط وآلات وصناعات، وأمور ذوقية كرقة الطبيعة وحسن الوضع والخط والرسم والتشكيل، والأمور العطاردية، وأهل الأزهر بخلاف ذلك غالبهم فقراء وأخلاط مجتمعة من القرى والآفاق، فيندر فيهم القابلية لذلك.» فقال: «وأين البعض؟» فقال: «موجودون في بيوتهم يسعى إليهم.» ثم أخبره عن الشيخ الوالد (يقصد والده الشيخ حسن الجبرتي العالم الرياضي الفلكي الكبير في ذلك الحين)، وعرفه عنه، وأطنب في ذكره ...»
ثم ذكر الجبرتي بعد ذلك أن الباشا أرسل إلى الشيخ حسن الجبرتي فاستدعاه لمقابلته، وأنه «سر برؤياه واغتبط به كثيرا، وكان يتردد إليه يومين في الجمعة ... وأدرك منه مأموله ... ولازم المطالعة عليه مدة ولايته، وكان يقول: «لو لم أغنم من مصر إلا اجتماعي بهذا الأستاذ لكفاني».»
Halaman tidak diketahui