من الكشاف، مأمور ترحيلات الحربية بالقنطرة، وهو يلتهب غيرة على قومه وبلاده، ودائم التفكر فيما يعود عليهم بالخير والإسعاد، وقد اشتهر في حادثة الحدود سنة 1906 كما سيجيء.
وخالد أفندي حسني:
من مهاجري غزة، صراف نظارة العريش، وهو من الشبان الأدباء النجباء، ومن ذوي اليسار.
هذا، وعند إنشاء الجمعية العمومية المصرية في أول مايو سنة 1883، أعطي للعريش حق النيابة، فكان لها مع الإسماعيلية عضو واحد في الجمعية العمومية، وكان لها مع سائر محافظات القطر عضو واحد في مجلس الشورى، وفي 6 يناير سنة 1908 في آخر انتخاب للجمعية العمومية مثل العريش والإسماعيلية الشيخ عبد الوهاب سليمان - من أولاد سليمان العرايشية - ولكن قانون الجمعية التشريعية الجديد الصادر في أول يوليو سنة 1913، أسقط العريش من المجلس، وألحق الإسماعيلية ببورسعيد، وكانت بورسعيد ملحقة بالسويس، فتفردت السويس بالعضوية وحدها. (3-4) تاريخ العريش القديم
والعريش مدينة قديمة قائمة على أنقاض مدينة للمصريين القدماء تدعى «رينوكلورا»؛ أي مجذوم الأنف، قيل سميت كذلك؛ لأنها كانت منفى الذين حكم عليهم بالإعداد واستبدل الحكم بجذم الأنف، وأما العريش فإنه الاسم الذي أطلقه عليها العرب، والظاهر أن أهلها في القديم كانوا يسكنون في مظال من القش اليابس كما يفعل أهل البادية اليوم في الصيف، فسميت محلتهم العريش، وهذا الاسم لا يزال يطلق هناك على مظال القش إلى الآن. وذكر المقريزي في خططه مدينة العريش، قال: «العريش مدينة فيما بين أرض فلسطين وإقليم مصر، وهي مدينة قديمة من جملة المدائن التي اختطت بعد الطوفان.» قال الأستاذ إبراهيم بن وصيف شاه: «إن مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح - عليه السلام - كان غلاما مرفها، فلما قرب من مصر بنى له عريشا من أغصان الشجر، وستره بحشيش الأرض، ثم بنى له بعد ذلك في هذا الموضع مدينة وسماها درسان؛ أي باب الجنة، فزرعوا وغرسوا الأشجار والجنان من درسان إلى البحر، فكانت كلها زروعا وجنانا وعمارة.»
وقال آخر : «إنما سميت بذلك؛ لأن بيصر بن حام بن نوح تحمل في ولده وهم أربعة ومعهم أولادهم، فكانوا ثلاثين ما بين ذكر وأنثى، وقدم ابنه مصر بن بيصر أمامه نحو أرض مصر حتى خرج من حد الشام، فتاهوا وسقط مصر في موضع العريش، وقد اشتد تعبه ونام، فرأى قائلا يبشره بحصوله في أرض ذات خير ودر وملك وفخر، فانتبه فزعا، فإذا عليه عريش من أطراف الشجر وحوله عيون ماء، فحمد الله وسأله أن يجمعه بأبيه وإخوته، وأن يبارك له في أرضه، فاستجيب له، وقادهم الله إليه، فنزلوا في العريش وأقاموا به، فأخرج الله لهم من البحر دواب ما بين خيل وحمر وبقر وغنم وإبل، فساقوها حتى أتوا موضع مدينة منف، فنزلوه وبنوا فيه قرية سميت بالقبطية «مافة» يعني قرية ثلاثين، فنمت ذرية بيصر حتى عمروا الأرض وزرعوا وكثرت مواشيهم، وظهرت لهم المعادن، فكان الرجل منهم يستخرج القطعة من الزبرجد يعمل منها مائدة كبيرة، ويخرج من الذهب ما تكون القطعة منه مثل الأسطوانة وكالبعير الرابض.»
وقال ابن سعيد عن البيهقي: «كان دخول إخوة يوسف وأبويه - عليهم السلام - عليه بمدينة العريش، وهي أول أرض مصر؛ لأنه خرج إلى تلقيهم حتى نزل المدينة بطرف سلطانه، وكان له هناك عرش، وهو سرير السلطنة، فأجلس أبويه عليه، وكانت تلك المدينة تسمى في القديم بمدينة العرش لذلك، ثم سمتها العامة مدينة العريش. فغلب ذلك عليها، ويقال: إنه كان ليوسف - عليه السلام - حرس في أطراف مصر من جميع جوانبها، فلما أصاب الشام القحط وسارت إخوة يوسف لتمتار من مصر؛ أقاموا بالعريش، وكتب صاحب الحرس إلى يوسف أن أولاد يعقوب الكنعاني يريدون البلد؛ لقحط نزل بهم، فعمل إخوة يوسف عند ذلك عرشا يستظلون به من الشمس حتى يعود الجواب، فسمي الموضع العريش، وكتب يوسف بالإذن لهم، وفي سنة خمس عشرة وأربعمائة طرق عبد الله بن إدريس الجعفري العريش بمعاونة بني الجراح وأحرقها، وأخذ جميع من فيها. وقال القاضي الفاضل: وفي جمادى الآخرة سنة سبع وسبعين وخمسمائة ورد الخبر بأن نخل العريش قطع الفرنج أكثره، وحملوا جذوعه إلى بلادهم، وملئت منه، ولم يجدوا مخاطبا على ذلك. ونقل عن ابن عبد الحكم أن الجفار بأجمعه كان أيام فرعون موسى في غاية العمارة بالمياه والقرى والسكان، وأن قول الله تعالى:
ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون
عن هذه المواضع، وأن العمارة كانت متصلة منه إلى اليمن؛ ولذلك سميت العريش عريشا، وقيل إنها نهاية التخوم من الشام، وإن إليها كان ينتهي رعاة إبراهيم الخليل - عليه السلام - بمواشيه، وأنه - عليه السلام - اتخذ به عريشا كان يجلس فيه حتى تحلب مواشيه بين يديه، فسمي العريش من أجل ذلك. وقيل إن مالك بن زعر بن حجر بن جديلة بن لخم كان له أربعة وعشرون ولدا منهم العريش بن مالك، وبه سميت العريش؛ لأنه نزل بها وبناها مدينة، وعن كعب الأحبار أن بالعريش قبور عشرة من الأنبياء.» ا.ه.
وفي رحلة النابلسي: «إن العريش أول حدود مصر وآخر حدود الشام، وفيها جوامع عامرة، بداخل أحدها قبر الشيخ محمد الدمياطي صاحب الولاية والتقريب، تلميذ الشيخ نور الدين الدمياطي صاحب الدمياطية. وقد وصفها السيد محمد كبريت في رحلته بقوله:
Halaman tidak diketahui