Sejarah Napoleon Bonaparte
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Genre-genre
زحف أيضا على رأس شعبه؟ أيجهلون أن فخفخة النسب، وخاصيات السلطة العظمى، والوشاح البرفيري الذي يستر الملوك، إنما هي تروس سريعة العطب في هذه الظروف التي يتمشى فيها الموت من جيش إلى آخر مترقبا طرفة عين النبوغ ليختار القسمة التي من حقها أن تؤدي إليه ضحاياه؟ ألا إن جميع الرجال لسواء في يوم القتال!
إن من دأب المواقع، والتفوق في الفن العسكري، واطمئنان القيادة أن يوجد القاهرين والمقهورين. وإن ملكا في الثالثة والستين من عمره يضع نفسه للمرة الأولى على رأس كتائبه سيكون عثرة لذويه فوق ما عندهم من العثرات، وضربا جديدا من ضروب النجاح لأعدائه.
ليس من شأن الحكمة البشرية أن تعرف ما تخبئه الحكمة العلياء لمعاقبة المزورين الذين يهيجون الحرب ويعملون على هرق الدم البشري، ولكننا نستطيع أن نتفاءل بثقة فنقول إنكم لن تأخذوا مالطة ولا لامبيدوز، وإنكم ستوقعون معاهدة أقل نفعا من معاهدة إميان.
أما الانكسار والويل! ... فهما غير جديرين بشعب كبير وبرجل عاقل، ثم إنه من الفجور أن يؤكد أن الجيش الفرنسي الذي لم يلحقه الحيف حتى الآن لن يجد في أرض بريطانيا العظمى إلا الانكسار والويل.»
أظهرت الحرب أن بونابرت إنما هو أعظم قائد وجد في العالم، وأما الحكومة فقد بينت فيه نبوغ رجل الأمة، إلا أن الذي بقي غير حاصل عليه هو تأديته البراهين للظهور بمظهر كاتب في زمن كانت الطباعة فيه قوة سياسية عظمى. أجل، إن مناشيره، وأوامره، ونبذه العسكرية، وخطبه الرسمية كان يحق لها أن تعطي صورة عن نبل إنشائه ونموه، ولكن ذلك لم يكن كافيا لإظهار رحابة مزاياه وأنواعها. كانت فطرة الرجل العظيم تقول له إنه من الواجب عليه أن يمارس جميع أسلحة العصر الغلابة: السيف، والكلام، والقلم، وأن لا تغرب عنه وسيلة من الوسائل المهمة التي تحتاج إليها السلطة للتأثير على الشعب في الداخل والدفاع عن حقوقه في الخارج. وكانت الصحافة يوم ذاك لها سطوتها العظمى، ما جعل بونابرت يفتخر بأن يجمع لقب صحافي إلى لقب فاتح وشارع. إننا نعتقد كل الاعتقاد أن قاهر مارنغو لم يكن يحترم القلم محاربا به أعداءه فرنسا في السطور البليغة بأجلى ما يكون من قوة الحجة أقل من احترامه السيف في ساحات القتال. وبعبارة أجلى: لقد قال أكثر من مرة: إنه إذا اختير بين الصفات الأهلية والصفات العسكرية فلا يتردد أن يمنح الأولى الأفضلية، ولقد رأيناه قبل هنيهة، في مصر وإيطاليا، يضع لقب عضو في المجلس العلمي قبل لقب قائد عام.
لم يكن في ذلك تصنع من بونابرت؛ لا، إنه إنما كان يدرك بأية حالة يستطاع أن يحكم شعب أثارته الفلسفة على ملكية لويس الرابع عشر العسكرية. كان يدرك أن الثورة الفرنسية لم تكن إلا كفاح الذكاء ضد الطرق الاقطاعية التي وضعتها القوة الوحشية الفظة، وأنه إذا أقدمت تلك الثورة بعض الأحيان على الالتجاء إلى القوة الوحشية لتدافع عن كيانها فليس ذلك عن تعمد منها بل عن اضطرار أرغمها على معالجة تلك الطريقة في القتال. كان بونابرت إذن يؤثر أن يخدم الثورة بسلاحه الطبيعي: المنطق، الذي ينير الأرواح فتذعن للعقل، على أن يخدمها بالوسائل القاتلة التي تعالج في الحرب لهرق الدم البشري، والتي لا تعطي إلا نتيجة إخضاع العقل للقوة، ثم إنه في جميع الحروب التي قام بها وهو قائد وقنصل وإمبراطور إنما كان يهتم دائما بأن يؤكد - كما فعل في شقاق معاهدة إميان - أنه لم يخضع إلا لضرورة دفع تهجم غير عادل، وأنه يلقي على أعداء فرنسا تبعة الآلام والمصائب التي ستنزل بالإنسانية.
كان القنصل الأول يهتم في الوقت نفسه بتنظيم داخل الجمهورية. ففي العشرين من شهر كانون الأول عام 1803 دعا بونابرت إلى مرسوم ديوان أعيان نوع قاعدة الفرقة التشريعية كان فاتحة أعماله في السادس من كانون الثاني وعام 1804، وانتخب السيد ده فونتان رئيسا لتلك الفرقة. أما بيان موقف الجمهورية فقد جرى في الفرقة التشريعية في جلسة السادس عشر من كانون الثاني. وتكلم السيد ده فونتان وهو على رأس وفد معبرا عن تمنيات هذه الفرقة للقنصل الأول، قال: «إن الفرقة التشريعية تشكرك باسم الشعب الفرنسي على الأعمال القيمة التي بدأت بها لفائدة الزراعة والصناعة والتي لم تكن الحرب لتوقفها يوما. إن من عادات الأفكار السامية أن تهمل التدابير أحيانا، إلا أن الأجيال لن توجه إليك هذا اللوم؛ لأن فكرة حكومتك وعملها يمشيان في كل مكان جنبا إلى جنب.
كل يتكمل، الأحقاد تنطفئ، والمصادمات تمحى، والمهمات، والقواعد، والرجال الذين خيل لنا أنهم بعيدون يقتربون ويمتزجون ثم يؤلفون كتلة واحدة للمجد والوطن تحت تأثير روح منتصرة تجر كل شيء وراءها. أما العادات القديمة والحديثة فإنها تتكاتف، وكل ما من شأنه أن يؤيد مساواة الحقوق الأهلية والسياسية فهو محفوظ، ولقد استرجع كل ما يئول إلى إنماء عظمة الملك الكبير وجدارته.
إن هذه الخيرات أيها القنصل الأول المواطن، إنما هي عمل أربع سنوات، وإن أشعة المجد الوطني التي كانت تخبو منذ خمسة أعوام استعادت اليوم نورا لم تره قط قبلك.»
هذا الإعجاب العمومي الذي تمتع به القنصل المؤبد في قلب فرنسا أضعف روح الأحزاب وأجبرها على عدم الإتيان بعمل؛ أما زعماء الحزب المهاجرون فقد ظلوا مستمرين في أحقادهم ودسائسهم ضد القاعدة الجديدة؛ إذ إنهم كانوا يثقون بمساعدة الممالك الأوروبية لا سيما مملكة إنكلترا التي نكثت عهدها في إميان. ولقد خيل إليهم أن استمرار الأمن الداخلي لا يلبث أن يجعل التمرد صعبا، وأنه من الضروري أن يشرع بمنازعة القنصل قبل أن تستحكم سلطته استحكاما أقوى مما هي عليه، وما هو إلا وقت قصير حتى دبرت مؤامرة على الحكومة وحياة بونابرت.
Halaman tidak diketahui