Sejarah Napoleon Bonaparte
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Genre-genre
من الواضح أن فوز نابوليون السريع كان يقلق مجلس الشعب؛ إذ إنه شعر بالإمبراطور في قاهر إيطاليا، ولقد اعترف هو نفسه في سنت هيلين، أنه منذ موقعة لودي، صور له أنه يستطيع أن يكون ممثلا جازما على المسرح السياسي. قال: «عندئذ ولدت في نفسي أول شرارة من شرارات الطمع السامي.»
أما المديرون الذين بصروا بتلك الشرارة، والذين كانوا يخشون أن تحرق البناء الجمهوري الذي يشغلون قمته، فقد عاكسوا انتشارها ونموها بما أوتوه من الحسد الشخصي والفطرة الديموقراطية، لقد كانوا ينظروا بألم إلى أن عرفان الجميل العمومي وإعجاب أوروبا جمعاء سيؤديان إلى انضمامهم تحت سيطرة رجل واحد، ولم يكونوا ليرغبوا في إعطاء هذا الرجل الوسائل لتطفيح كيل هواه بدخوله إلى فيينا دخول المنتصر على رأس جيوش الجمهورية جميعها، وأما نابوليون فقد حذر كل ذلك منهم كما حذروا هم منه، وأظهر استياءه من هذا التصرف في جميع رسائله ومطارحاته، إلا أن مجلس الشعب استطاع قدر إمكانه أن يكتم الأسباب الحقيقية التي دفعته إلى هذا التصرف، ما جعل الجنرال بونابرت، قائد جيش الداخلية بعد فنديميير، أن يرسم ويترك في خزانة أوراق الحرب خطة حملة تحدد نهاية المشاحنات على قمة سيميرنك، هكذا كان قد وضع بنفسه ذلك الحاجز الذي يضطرم اليوم لقطعه، إلا أن قاهر الأمير شارل وجب أن يكون ذا أفكار ونظرات أرحب وأسمى من أفكار قاهر الباريسيين ونظراته.
كان بونابرت في إحدى جزر تاكليامانتو عندما انتهى إليه أن مورو قد عبر الرين،
17
في ذلك الوقت كانت المداولات تمتد ببطء، فاستفاد القائد العام من الفراغ الذي تركته له الهدنة ليزور لومباردية وممالك البندقية وينظم حكومة فيها، كان يحتاج إلى رجال للقيام بهذا العمل، فبحث عنهم طويلا من غير فائدة، قال: «لله، كم أن الرجال قليلون! ففي إيطاليا ثمانمائة مليون من الرجال لم أقع منهم إلا على اثنين: داندولو، وملزي.»
تعب نابوليون في نهاية الأمر من القيود التي كبل بها زعماء الجمهورية تنفيذ خططه وسئم بطء مداولي النمسا، فقال: إنه سيستعفي من قيادة جيش إيطاليا ويأخذ لنفسه بعض الراحة التي زعم أنه بحاجة إليها، لم يكن ذلك سوى تهديد هو بعيد الرغبة عن تحقيقه، كان يعرف كل المعرفة أنه لا يمكنهم الاستغناء عنه بعد الخدم التي أداها، والمواهب العظمى التي أبرزها وبرهن عنها، واستمالة قلوب الشعب التي كسبها، وكان خبر استعفائه ينبئه بحادث سياسي خطير يعرض للخطر الحكومة التي دعت إليه بظلمها وقبلته بفطرة نكران الجميل والحسد.
إلا أن هذا التهديد لم يكن إلا تهديدا كاذبا، فاكتفى نابوليون بالتظلم والشكوى واسترجع موقفه الفخور وصوته العالي في مراسلاته الرسمية، وبعد أن صرح أن المداولات مع الإمبراطور إنما أصبحت عملا عسكريا، تظاهر بأنه قد تشبع من المجد ليؤكد للمعجبين به، لمزاحميه ولأعدائه، أن مصالح فرنسا لا مصالحه الخصوصية كانت المحرك الوحيد للنشاط العظيم الذي أبداه، قال في إحدى رسائله: «لقد وثبت على فيينا بعد أن ربحت من المجد فوق ما تقتضيه شروط السعادة، وبعد أن تركت ورائي سهول إيطاليا الجميلة، وأطعمت الجيش الذي عجزت الجمهورية عن إطعامه.»
قيض لمجلس الشعب، فوق ذلك، أن يعضده هيجان السياسية الداخلية في وسط حسده ومخاوفه، كانت الرجعة الترميدورية قد أنعشت الملكية التي أنهضتها الانتخابات من سقوطها في فندميير، وكان من الأمر الطبيعي أن يهاب الحزب المعاكس الثورة تفوق القائد الذي كان قد أنقذ الجمهورية بخمسين فوزا، والذي كان مجده وشهرته ووجوده متصلة جميعها بإنقاذ الثورة ورقتها، أما خطباء هذه الحرب وكتبته فقد استفادوا من حرية المنبر والصحافة، تلك الحرية اللاحد لها، لكي يذيعوا كل نوع من أنواع الضجيج ويشيعوا الظنون المعيبة عن خلق نابوليون ومقاصده، وأما مجلس الشعب فقد فسح لهم في كل ذلك، وأخذوا يكتبون في الجرائد والرسالات ويخطبون في المجالس والمجتمعات أن حكومة البندقية إنما هي ضحية خداع القائد الفرنسي ومهيجاته السرية، وأن جميع تلك المذابح لم تكن سوى حوادث مستدركة هيأها الجيش الجمهوري بغدر ومخاتلة.
بلغ نابوليون جميع تلك الحملات والمقاصد الرديئة فكتب إلى مجلس الشعب يقول: «كان يحق لي، بعد أن عقدت الصلح خمس مرات وضربت الحزب ضربة قاضية، أن أعيش هادئا مطمئنا، هذا إذا لم يكن لي حق في الانتصارات الوطنية ومساعدة حكام الجمهورية الأولين، واليوم أراني محفوفا بالوشايات من جميع أقطاري، مضطهدا، مهتوك الحرمة، تعزى إلي جميع المعائب التي في وسع السياسة أن تتهم بها من ترغب في اضطهاده ...
ماذا! ألم يعمل الخائنون فينا القتل؟ ألم يمت منا أكثر من أربعمائة رجل؟ إنني إنما أعرف أن هناك جمعيات يصرخون فيها: هل هو طاهر نقي هذا الدم؟ ... لو كان هذا الصراخ صادرا من أفواه رجال جبناء ماتت في صدورهم عاطفة المجد والوطنية لما اكترثت قط، ولما حدثتني النفس يوما بالتشكي، إلا أني أجدني جديرا بالتظلم من المهانة التي يلطخ بها حكام الجمهورية الأولون هؤلاء الذين رفعوا عاليا مجد الاسم الفرنسي.
Halaman tidak diketahui