Sejarah Napoleon Bonaparte
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Genre-genre
شعر الإمبراطور بأنه لم يبق يستطيع أن ينجو إلا بضربة قاضية فلم يتردد أن وجه هذه الضربة إلى شوارتزنبرج الذي بدأ دنوه يدب الذعر في العاصمة؛ ولقد ترك لمارمونت ومورتيه العناية بالوقوف في وجه بلوخر وصيانة باريس من جهة أيسن والمارن، وكأنه خشي عدم نجاح هذه الخطة، فأشار إلى أخيه جوزيف بأن لا ينتظر حتى يستفحل الخطر لوضع الإمبراطورة وملك روما في مأمن، ثم زحف إلى أبرناي ليأخذ من الوراء النمسويين الذين حسبهم قد وصلوا إل نوجانت.
في العشرين من آذار التقى نابوليون بجيش شوارتزنبرج الذي كان زاحفا بجملته إلى مدينة أرسيس ليجتاز الأوب ويصل بسرعة إلى سهول شمبانيا؛ فهذا الانقلاب الفجائي الذي حصل في جيوش الحلفاء، قلب خطط الإمبراطور بطنا لظهر؛ لأنه رأى نفسه أمام قوة تضارع قوته ثلاث مرات في حين كان يظن أنه سيجد فرقة من الحرس لا غير؛ إلا أنه لم يتردد تجاه هذا الانقلاب أن أعطى أمثولة في التضحية الشخصية بأن ألقى نفسه في المعمعة غير مكترث بالخطر المحدق به. جاء في مذكرة سنة 1814 ما يلي: «ألقى الإمبراطور نفسه في وسط المعمعة غير عابئ بالخطر المحدق به، وإذا بقنبلة تنفجر تحت قدميه حجبته وراء غيمة من الدخان والغبار، فظنه الجنود قد مات، إلا أنه ما لبث أن نهض فألقى بنفسه على جواد آخر وراح يقف مرة أخرى في وجه المدافع! ... إن الموت لا يريده.»
لم تستطع موقعة أرسيس أن تمنع النمسويين من عبور الأوب، على ما أظهر الجيش الفرنسي من الجهود المدهشة، وما أبرز القائد العام من البطولة العجيبة، فتراجع الإمبراطور بنظام تام بعد أن حمل الأعداء كثيرا من الخسائر، إلا أن شوارتزنبرج لم يلبث أن أخلى له الطريق الذي يوصل إلى بلوخر، وفي اليوم نفسه غادر أوجرو ليون لبيانشي وبوبنا.
أما الآن فقد أصبح طريق باريس مفتوحا، من غير معارضة، في وجه الحلفاء، الذين والوا زحفهم إلى العاصمة الكبيرة طاردين أمامهم بقايا الجيش الذي سحقوه. عندما علم الإمبراطور بانكسار قواده وبالخطر العظيم الذي يهدد العاصمة لم يتردد أن أسرع إلى باريس بعد أن أرسل الجنرال ديجان، مساعده؛ ليبشر الباريسيين بأنه يطير إلى إنقاذهم، وفي الثلاثين مساء كان الإمبراطور على مسافة خمسة فراسخ من عاصمته عندما تبلغ أن الوقت قد فات، وأن هذه المدينة الكبيرة قد سلمت، وأن الأعداء ستدخلها في اليوم التالي. هذا النبأ المشئوم أوقف نابوليون عن الزحف فرجع إلى فونتنبلو! أما جوزيف، فعندما علم بدنو الحلفاء، خف إلى تعجيل سفر الإمبراطورة وملك روما! ... قيل إن الملكة هورتنس، التي حزنت لرؤيتها الإمبراطورة وولدها يغادران العاصمة لأصحاب الدسائس والمؤامرات، ألحت على ماري لوزي بالبقاء قائلة لها بلهجة حملت معاني النبوءة: «إذا تركت التويلري لن تعودي إليه»، إلا أن جوزيف أصر على عزمه وأخذ ماري لويز. قال المؤرخ بونس ده ليرولت: «إن الأمر المدهش الذي حدث في ذلك الوقت إنما هو العناد الذي أظهره ملك روما، الذي لم يشأ أن يترك القصر، فهذا العناد كان شديدا، إلى درجة أن جوزيف اضطر أن يستعمل القوة لإخراج الأمير الطفل. كان صراخ ملك روما يمزق الفؤاد، ولقد كرر مرارا عديدة قوله: قال لي والدي لا تذهب! ... حتى إن جميع الحضور لم يتماسكوا من ذرف الدموع لدى هذا المشهد المؤلم! لا يتصور للقارئ أنه يسمع حكاية ملفقة فإن هذا المشهد الموجع جرى أمام شهود صادقين. قد يكون أحدهم قد أوحى إلى الأمير الطفل ما يجب أن يقول، ولكن الغرابة هي في اختياره اللهجة التي استعملها في التعبير.»
بعد أن سافرت ماري لويز وولدها جرى في باريس الاستعداد للدفاع، إلا أن الفوضى كانت سائدة في جميع الدوائر، ولا سيما في الدائرة الحربية، التي نهج فيها رئيسها الدوق ده فيلتر نهجا غريبا ألقى على رأسه شبهات صارمة! كان السلاح ينقص من جهة، والمئونة من جهة أخرى، وكانت يد خفية تشل الدفاع في جميع الجهات وتساعد على الهجوم. ولكن، بالرغم من جميع الموانع التي قاساها الحماس الوطني، قام الحرس الوطني الذي يقوده مونساي الباسل بأعمال عظيمة في موقعة ثلاثين آذار؛ ولقد اشترك تلاميذ ألفور والمدرسة الحربية مع الحرس الوطني في الدفاع عن مدينتهم الجميلة. أما الحلفاء فقد قاسوا مقاومة شديدة في كليشي، حيث كان مونساي المحترم وولده وعدد من رجال الفن المشهورين والكتبة الممتازين جاءوا يدافعون عن مدينتهم الجميلة، وقد تركوا أعمالهم في سبيل الواجب، نذكر منهم إيمانوئيل دوباتي، شارله، أوبرت، موكن وهوراس فرنه. قال مونساي يحث الرجال: «لقد أحسنا البداية فيجب أن نحسن النهاية. هنا قتالنا الأخير فلنقم بجهود أخيرة، فالشرف والوطن يأمراننا بذلك!»
إلا أن الشجاعة كان يجب عليها أن تقهر وتتراجع أمام العدد، كان يحب عليها أن تقهر في كل مكان وتضؤل في وسط الجبن والخيانات. أما مونساي، فإذا رأى تحت أسوار باريس نزوات الشباب الفرنسي، فإن الذين بدءوا مثله سيرون ما هو مؤلم وينتهون بأسوأ حظا منه؛ فلقد ترك مارمونت نفسه يغلف بجنود العصبة الملكية، ولقد أكدوا للأمير ده بنيفان أن العاصمة لن تنجو إلا بتسليم؛ أما هو، فلكي ينقذ العاصمة، سلم الإمبراطورية! في الواحد والثلاثين من شهر آذار دخل الغرباء إلى باريس منتصرين ليقلبوا عرش نابوليون، والذين فتحوا لهم الأبواب هم الرجال أنفسهم الذين وضعوا في الثلاثين من شهر آذار عام 1806 أنظمة السلالة الوراثية الجديدة! •••
روما، فيينا، برلين، مدريد، نابولي، ليسبون، موسكو، يا عواصم أوروبا القديمة لقد انتقم لك! لقد قاست باريس في دورها سيادة الغرباء المتغطرسين، وأصبح التويلري واللوفر في قبضة الروسيين والجرمانيين، وعسكر الكوزاك في مراكز الثورة، وسيعود البوربونيون! لقد خيل للبربرية أنها انتصرت، وانتهت مهمة الأريستوقراطيين، أما البربرية والأريستوقراطية فإنهما لعلى خطأ مبين!
لم تنتصر الأريستوقراطية والبربرية على الديموقراطية والترقي؛ لأنهما قد احتلتا مدينتهما؛ فإن كانت العصبة نشرت سيادتها على باريس، فالفرنسيون لا يزالون أسيادا على الحلفاء؛ إذ إنهم سيثابرون على تعليم هؤلاء الحلفاء الفن والرياضيات والصناعة والعادات والشرائع، ويبثون فيهم أفكارهم الحرة التي بنوا عليها أساس إمبراطوريتهم!
الفصل الحادي والعشرون
لم تسفر جهود الملوك منذ خمس وعشرين سنة إلا عن انتصار واحد سينقلب عليهم بعد حين! إن الرجل الكبير لن يهبط من المركز السامي الذي يشغله في التاريخ إذا هبط عن العرش؛ لأنه إذا فقد تاجا فهو يبقي كل مجده وكل نبوغه وكل عظمته الأدبية، وهكذا الشعب الكبير فإنه سيبقى شعبا ثوريا فيحافظ على سلطته الحضرية ويثابر على سيادته في العالم الراقي. هذا هو سلوك الحكمة العلياء! فإن تحرير البشرية التدريجي، وتحرير العمل، وتقديس حقوق الأهلية، وتأسيس أريستوقراطية الفضائل والنبوغ والخدم، أعني تنظيم الديموقراطية الحقيقية، إنما هي الغايات السامية التي شخصت إليها فكرتها النبيلة - فكرة الحكمة العلياء - والتي ستثابر على تحقيقها في كرور الزمن!
Halaman tidak diketahui