Sejarah Mesir dari Penaklukan Uthmaniyyah hingga Hampir Masa Sekarang
تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر
Genre-genre
وكان هو ومن خلفه من أفراد أسرته هم القابضين على زمام الأمور في البلاد العثمانية، ولهم يرجع كل الفضل في انتعاش الدولة في النصف الأخير من القرن السابع عشر؛ فكان همهم الأكبر أن يعيدوا للدولة مجدها القديم وأن يحيوا في سبيل حكمها السنة التي سار عليها محمد الفاتح ومن قبله من السلاطين. وقد ظهرت ثمرة حكم محمد كبريلي في مدة وجيزة جدا؛ إذ انمحت آثار الفوضى وعاد النظام إلى نصابه، وفي العام الثاني من توليته طرد أسطول البندقية عن الدردنيل بعد قتل قائده «موسنيجو»، واسترجعت الدولة جزيرة «لمنوس» و«تندوس»، ثم ضيق الحصار على جزيرة «إقريطش»، وأعد المعدات لتجديد الفتوح العثمانية في أوروبا. ولما مات «محمد كبريلي» في عام (1072ه/1661م)، كانت كل أجزاء الدولة متحدة الكلمة منبثا فيها روح النشاط، متوجهة بكل قواها لمنازلة عدوها العنيد إمبراطور النمسا.
لبس أحمد كبريلي حلة أبيه، وقبض على زمام الأمور بعده، فكان مثله في الحزم، وحذا حذوه في سياسة البلاد، وكان مبدأ توليه شئون الدولة هو أجل انفراط عقد المحالفة مع النمسا، فسار على رأس جيش يبلغ 200000 جندي، وانقض به على بلاد النمسا والمجر عام (1074ه/1663م)، فعبر نهر الطونة عند «جران» واستولى على قلعة «نيوهوزل» وخرب من «مرافيا» حتى أسوار مدينة «أولمتز»، إلا أن «لويس الرابع عشر» مد إلى الإمبراطور يد المساعدة نكاية بالترك الذين أهانوا سفيره في بلادهم؛ فأعد جيشا يبلغ 30000 مقاتل، ولما وصل هذا الجيش إلى «منتكوكيولي» قائد الجيوش النمساوية أحس أنه يمكنه تهديد جناح الجيش التركي إذا زحف عليه من جهة «فينا»، إلا أن أحمد تقهقر إلى الجنوب نحو «بودا» فتقابل الجيشان عند «سنغوتار» على نهر الراب سنة (1075ه/1664م)، فلم يقو أحمد على عدوه وانهزم أمامه. ورأى الإمبراطور أن يعقد صلحا حتى يتخلص من تدخل فرنسا في شئونه، فتم ذلك بمعاهدة «فزفار» في أغسطس سنة 1664م، وقد اعترف فيها بسيادة السلطان على «ترنسلوانيا»، وبعدئذ وجه الصدر عنايته إلى محاربة البنادقة، واشترك هو بنفسه في حصار «إقريطش» - كريت - وهي من خيرة أملاكهم، فسقطت في يد الأتراك بعد حرب عوان في (17 سبتمبر سنة 1669م/1080ه).
وعقب فراغه من حرب البنادقة دخل مع بولندا في حرب عوان؛ وسبب ذلك يرجع إلى عسف البولنديين وظلمهم لقبائل «القوزاق» القاطنين مقاطعة «أوكرين»، وكان البولنديون يعتبرونهم من رعاياهم، ثم زاد غضب القوزاق وسخطهم على البولنديين حينما تولى «ميخائيل» ملك بولندا؛ إذ كانوا يرون في توليته ابتداء عصر لاضطهادهم؛ لأنه هو ابن أكبر ملك أجحف بحقوقهم وسامهم الخسف وسوء العذاب؛ فثاروا في عام (1081ه/1670م) وآذنوا بالحرب ذلك الملك الطاغي، إلا أنهم هزموا على يد قائده الشهير «جون سوبيسكي».
فلما ضاقت بهم الحال، وأيقنوا أن لا مناص من الخسف والظلم، طلبوا إلى الباب العالي أن يكونوا تحت سيادته ليحميهم من هذا الملك الغشوم؛ فاغتنم «أحمد كبريلي» هذه الفرصة وأعلن الحرب على بولندا بحجة حماية رعاياها المظلومين.
ففي عام (1803ه/1672م) ظهر السلطان بنفسه ومعه «أحمد كبريلي» أمام حصن «كامنيك» المنيع، وهو مفتاح مقاطعة «بادوليا» - في بولندا - فسقط الحصن في يد الترك في أقل من شهر، فجبن عند ذلك ميخائيل ملك بولندا، وعقد صلحا مع الترك كان من أهم شروطه أن يتنازل لهم عن «بادوليا» و«أوكرين» ويدفع جزية سنوية للباب العالي.
إلا أن مجلس الأعيان البولندي رأى من العار قبول هذه المعاهدة، وجمع كل من يستطاع تجنيدهم من الجند بقيادة «جون سوبيسكي» ليقاوم بهم عدوهم حتى النهاية. وبالرغم من عدم مساعدة الدول الأخرى له، والدسائس التي كانت تكاد له في بلاده وتمرد الجنود عليه، تمكن بحذقه ومهارته الحربية وقوة شكيمته من استدامة الحرب بينه وبين الترك أربعة أعوام؛ فوقف تقدمهم في «بادوليا» و«غليسيا» وانتصر على أعظم قوادهم انتصارات باهرة في موقعتي «شكزم» سنة (1084ه/1673م) و«لمبرغ» سنة (1086ه/1675م)، وشتت شمل الجيوش التركية إلى أن اجتاز نهر «الطونة».
جون سوبيسكي (عدو الترك اللدود).
وفي عام (1085ه/1674م) - وحينما كانت الحرب في منتهاها من الشدة - مات الملك ميخائيل؛ فانتخب البولنديون بطلهم «جون سوبيسكي» مليكا عليهم، ولكنهم خذلوه مع حبهم له؛ فبعد توليته بيومين وجد نفسه وجيشه محاطين بالترك عند «زرانو» على نهر الدنيستر، ولم ينجده البولنديون. ومع ذلك كانت هيبته وشهرة اسمه سببا في خلاصه من هذه الورطة؛ إذ فضل القائد التركي إبراهيم أن يعقد صلحا رابحا على أن ينازل الأسد في عرينه، وفعلا تم عقد صلح «زرانو» (سنة 1087ه/أكتوبر سنة 1676م)، وأهم شروطه أن تتنازل بولندا عن «كامنيك» و«بادوليا» وجزء من «أوكرين». وبعد مضي سبعة أيام من تاريخ معاهدة «زرانو» مات أحمد كبريلي، إلا أن سياسته لم تقبر معه.
خلف أحمد كبريلي في منصب الصدارة العظمى صهره «قره مصطفى»، وكانت أمانيه وأطماعه لا تقل عن سلفه، ولكنه لم يعط نصيبا وافرا من المقدرة وحسن التدبير؛ فهدم ما بناه محمد وأحمد كبريلي بجدهما ونشاطهما بكبريائه وانغماسه في الشهوات وافتخاره الكاذب. وكان في بادئ أمره يشعر بحسن المستقبل، فعزم عزما أكيدا على أن يخترق قلب البلاد الأوروبية ويقضي عليها القضاء المبرم بفتح «ويانة».
فابتدأ يتأهب سرا بما لم يسمع بمثله من قبل، وجدد علائقه الودية مع «فرنسا»، وعقد صلحا مع «الروسيا»، ووثق صلته ببولندا، وكان غرضه من ذلك أن يترك الإمبراطور وحيدا، وأوشك أن يتم له فعلا ما أراد؛ إذ كان المجر أيضا ناقمين منذ سنتين على الإمبراطور «ليبولد» لتضييقه عليهم في معتقداتهم الدينية والسياسية؛ فثاروا عليه سنة (1085ه/1674م) بقيادة «توكولي»، ثم انضم إليهم بعد أمير «ترنسالوانيا»، فتمكنوا في عام (1092ه/1681م) من إجبار الإمبراطور أن يعيد إليهم ما سلبهم من الحقوق السياسية، ويمنحهم الحرية الدينية.
Halaman tidak diketahui