Sejarah Mesir Modern: Dari Penaklukan Islam hingga Sekarang dengan Ringkasan Sejarah Mesir Kuno
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Genre-genre
فأمر عمرو أن تنصب الخيم فيما بين الحصن والمقطم لجهة الشمال قرب مصر القديمة اليوم، ولم يكن هناك إلا بعض المزارع والغياض، وجعل يسرح نظره ويتأمل بما يهدده من الأخطار في مقاومة هذا الحصن. ثم نظر إلى وادي النيل فإذا هو يانع خصب يشتهيه النظر يخترقه النيل المبارك. على غربيه آثار منف والأهرام، وعلى شرقيه ذلك الحصن وفيه قد حشدت جنود الروم متأهبين للدفاع، ولم يكن قد رأى شيئا من ذلك فيما مر به من البلدان، فعظم عليه الأمر إلا أنه عاد إلى عزمه عندما تصور ما يلحق به من العار إذا عاد خائبا، وما يقع في يده من الخيرات إذا فاز بالنصر بعد الجهاد الحسن، وإذا لم يفز في جهاده هنا واستشهد ففي الآخرة ما هو أفضل مآبا.
وكان في الحصن المقوقس، وقد تقدم أنه حاكم من قبل دولة الروم على مصر العليا والسفلى ومعظم سكانها من القبط، وكانت عاصمة حكومته منف على الضفة الغربية، وأما هذا الحصن فقد اتخذه مركزا حربيا ليمنع العرب من المرور إلى عاصمته، وكان المقوقس من حزب الوطنيين، ويقال: إنه كان بينه وبين الرسول مكاتبة، وعلى كل فإنه لم يكن له أن يفعل ما يشاء.
فلما علم بقدوم جيوش المسلمين جهز جندا تحت قيادة أحد كبراء جيشه المدعو الأعيرج، وجاءوا بما لديهم من العدة والسلاح، وتحصنوا في ذلك الحصن.
أما عمرو فأخذ في المهاجمة مدة فأبطأ عليه الفتح، فكتب إلى الخليفة يستمده؛ فأمده بأربعة آلاف رجل عليهم أربعة من كبار القواد، وهم: الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد، وقيل: إن الرابع خارجة بن حذافة دون مسلمة، وورد معهم خطاب أمير المؤمنين ونصه: «إني قد أنفذت إليك أربعة آلاف على كل ألف منهم رجل مقام ألف.»
فأنفذ عمرو أحد قواده - ولعله حذافة - بخمسمائة فارس إلى الجهة الثانية من الحصن من وراء الجبل، فساروا ليلا، وكان الروم قد خندقوا خندقا، وجعلوا له أبوابا وبذروا في أقنيتها حسك الحديد، فالتقى القوم حين أصبحوا فانهزم المصريون حتى دخلوا الحصن، فصارت العرب محيطة بالحصن من كل الجهات إلا النيل، وكان حول ذلك الحصن الخندق فلم يستطع العرب الهجوم عليه، واستمر رمي السهام صباحا ومساء، ثم تشاور عمرو والزبير بشأن ذلك فأقرا على تشديد الحصار، ففرقا الرجال حول الخندق، وألح عمرو على الحصن بالمنجنيق، ثم خابر القوم بشأن التسليم فلم يفعلوا، وكان المقوقس يريد التسليم تخلصا من نير الروم لما بينه وبينهم من الضغائن الدينية وإن لم يتجرأ على التصريح ببغيته؛ لأن رجاله لم يكونوا كلهم من حزبه ولا سيما الأعيرج، ولما رأى من إقدام العرب وصبرهم على القتال ورغبتهم فيه خاف أن يظهروا على رجاله فتكون الخسارة مزدوجة؛ فعمد برجاله إلى باب الحصن الغربي على ضفة النيل، وعبر بهم على الجسر إلى الجزيرة، ثم تبعه الأعيرج، ولم يترك في الحصن إلا نفرا قليلا من رجاله، والعرب غير عالمين.
ولما أبطأ الفتح قال الزبير: «إني أهب الله نفسي، وأرجو أن يفتح الله بذلك على المسلمين.» فعبر الخندق، ثم وضع سلما إلى جانب الحصن من ناحية سوق الحمام، وأخبر عمرا أنهم إذا سمعوا تكبيره أن يجيبوه جميعا، فما شعر إلا والزبير على رأس الحصن يكبر والسيف في يده، فتحامل الناس على السلم حتى كادوا يكسرونه لكثرتهم فنهاهم، ثم كبر وكبر الناس معه، وأجابهم من كان خارجا، فظن من كان باقيا في الحصن من الروم أن العرب جميعهم هاجمون فهربوا، وعمد الزبير وأصحابه إلى باب الحصن ففتحوه، واقتحموا الحصن وتملكوه، ثم عمدوا إلى الجسر فتعقبوا القبط إلى الجزيرة، وأما هؤلاء فساروا إلى منف عاصمة ولايتهم، وبعد أن عبروا النيل رفعوا الجسر عنه فتوقف العرب عن تعقبهم؛ إذ لم يكونوا يستطيعون عبور النيل، فأصبحوا محاطين بالماء من كل الجهات. (أ) المخابرة بشأن الصلح
فلما رأى المقوقس ذلك أنفذ إلى عمرو كتابا نصه: «إنكم قوم قد ولجتم في بلادنا، وألححتم على قتالنا، وطال مقامكم في أرضنا، وإنما أنتم عصبة يسيرة، وقد أظلتكم الروم، وجهزوا إليكم ومعهم من العدة والسلاح، وقد أحاط بكم هذا النيل، وإنما أنتم أسارى في أيدينا، فابعثوا إلينا رجالا منكم نسمع من كلامهم فلعله أن يأتي الأمر بيننا وبينكم على ما تحبون ونحب، وينقطع عنا وعنكم القتال قبل أن تغشاكم جموع الروم فلا ينفعنا الكلام ولا يقدر عليها، ولعلكم أن تندموا إن كان الأمر مخالفا لطلبتكم ورجائكم فابعثوا إلينا رجالا من أصحابكم نعاملهم على ما نرضى نحن وهم به من شيء.»
فلما أتى رسل المقوقس إلى عمرو حبسهم عنده يومين وليلتين حتى خاف عليهم المقوقس، وإنما أراد بذلك عمرو أن يروا حال المسلمين.
وعند ذلك رد عمرو الرسل وكتب إلى المقوقس: «إنه ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال؛ إما إن دخلتم في الإسلام فكنتم إخواننا وكان لكم ما لنا، وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون، وإما إن جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم الله بيننا وبينكم وهو خير الحاكمين.»
فلما جاءت رسل المقوقس إليه قال: كيف رأيتم هؤلاء؟ قالوا: «رأينا قوما الموت أحب إلى أحدهم من الحياة، والتواضع أحب إلى أحدهم من الرفعة، ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نهمة؛ إنما جلوسهم على التراب، وأكلهم على ركبهم، وأميرهم كواحد منهم، لا يعرف رفيعهم من وضيعهم ولا السيد منهم من العبد، وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد، يغسلون أطرافهم بالماء، ويخشعون في صلاتهم.»
Halaman tidak diketahui