وفي الجملة كانت جميع هذه المحاولات نقدية وحسب، بل إن بروتاغوراس يترك كذلك بعض المسائل معلقة، بل إن في تيتاوس - حيث يتجاوز أفلاطون آراء أستاذه - نرى النتيجة سالبة دائما، هذا ولم يذكر أرسطو أمثلة لتعاريف وضعها سقراط، مع أنه يذكر أن سقراط حاول أن يضع تعاريف عامة إلا أنه لا يذكر هل وفق سقراط في ذلك أم لم يوفق. وعلى الخصوص لم يظهر لنا كيف وفق في ذلك، ويبدو من كل هذا أنه إذا كان سقراط قد أدرك ما يجب أن يكون عليه العلم، إلا أنه لم يوفق في تحقيق الفكرة التي وضعها له، فحدد موضوع العلم تحديدا تاما ولم يستطع تحديد مضمونه، ويبدو أن سقراط نفسه كان يشعر بعدم قدرته على تحقيق العلم كما كان يدركه؛ إذ إنه بحث عن السبب الذي دعا كاهنه دلف إلى القول بأنه أعلم الناس، فأدرك أنه أكثر من غيره علما، غير أنه ظهر أسمى وأقدر منهم جميعا في أنه لا يدعي علم ما يجهله، وكثيرا ما كان يردد سقراط أن أحسن ما يعلمه هو أنه لا يعلم شيئا، ويذكر في تيتاوس في كلماته الخاصة بأنه غير كفء لتوليد أية معرفة (تيتاوس 1597)، وطبقا للتعريف المشهور للتوليد المذكور في هذه المحاورة يبين منهج سقراط من بحث أفكار غيره؛ أي التعاريف التي يذكرونها، لا أن يضع هو أفكارا وتعاريف. ويقول سقراط إن كل ما يعمله هو إيقاع غيره في الشك والتناقض، وفي المحاورات المختلفة يرفض أن يضع هو نفسه أي مذهب، واكتفى بنقد مذاهب سواه، وكان يرفض دائما الخضوع إلى مراحل السؤال التي كان هو نفسه يخضع لها محدثيه. ويقول أرسطو: إن سقراط كان يسأل ولكنه لم يكن يجيب. (2) السفسطائيون
كلمة يونانية الأصل ومعناها حكيم أو مفكر، ولكن الناس يطلقونها على من يكابر ويغالط في نقاشه، وفي اليونان (450-400ق.م) ظهر جماعة من الفلاسفة أطلق عليهم اسم السفسطائيين؛ أي الحكماء، وكانت مهمتهم أن ينبثوا في أرجاء اليونان ليعلموا الشبان الحكمة، وينبهوهم إلى الحرية، وقد أداهم البحث في تعليم الشبان وتثقيفهم إلى البحث في أصول الأخلاق، وقواعد الدين، فجاءوا فيها بآراء جديدة تركت أثرا ظاهرا في تاريخ الفلسفة، وثار عليهم لهذا كثير من الفلاسفة، منهم أفلاطون الذي انتقد آراءهم انتقادا شديدا.
وكان خصومهم يتهمونهم بالتلاعب بالألفاظ، فيلبسون الباطل ثوب الحق (3) الفلاسفة
نذكر هنا أسماء الفلاسفة الذين عرفهم التاريخ؛ لأنهم كانوا على رأس من بحثوا الحياة الأولى، موردين تاريخ أعمارهم: (3-1) قبل الميلاد
لوسببيوس (450)، أنا كساغوراس (500-428)، السفسطائيون (500-450)، بارمنيدس (530-465)، هيرقليطس (550-475)، ديموقريطس (460-360)، أمبيروفليس (490-430)، سقراط (469-399)، زينو الألباني (450)، أريستبوس (435-356)، أفلاطون (437-347)، أنتيثينيس (440-370) ديوچينس (412-323)، أرسطوطاليس (384-322)، أبيقورس (342-270)، زينون الكلبي (330-264)، لوكريتوس (95-45). (3-2) اللاهوت المسيحي بعد الميلاد
أبيكنانوس (50-125)، مرقس أوريليوس (121-180)، توما الأكويني (225-274)، فرنسيس باكن (1561-1621)، برونو (1549-1600)، دي كارت (1565-1650)، هوبس (1588-1679)، لوك (1632-1704)، سينيوزا (1622-1677)، ليبنتز (1626-1716)، فولتير (1694-1778)، باركلي (1685-1752)، كنديلاك (1745-1780)، هيوم (1711-1776)، كانت (1725-1804)، كندورسي (1745-1794)، فخت (1762-1814)، شيلنغ (1775-1854)، أوغست كونت (1798-1850)، هيچل (1770-1830)، شوبنهور (1788-1860)، چون ستورات ميل (1806-1875)، أرنست رينان (1822-1894)، سبنسر (1806-1873)، نيتشه (1844-1900)، سنتايانا (1863)، راسيل (1872)، ديوي (1859)، وليم چيمس (1842-1912)، أويكن (1846-1926)، كروس (1866)، برغسن (1859).
الفصل السابع عشر
الصناعة
عرف إنسان عصر ما قبل التاريخ الصناعة الساذجة كما أوضحنا هذا في بعض الفصول السابقة؛ ومن أجل هذا رأينا أن نتحدث هنا عن نشأة بعض الصناعات، وتطورها إلى العصور التاريخية. (1) النار
يبدو أن الإنسان عرف النار اتفاقا، ذلك أن النار تشتعل في الغابات إذا ما اشتد الجفاف، واحتكت بعض الغصون ببعضها الآخر، وكذلك إذا سقط حجر على حجر سقوطا قويا، اندفعت شرارة، ومن هنا يبدو أن الإنسان البدائي قد عرف النار، إما عن طريق سكناه إلى جوار الغابات مستخدما حريقها الذي أشرنا إليه، وإما عن ضرب حجر بحجر ووضع خرقة مشيطة جافة بين الحجرين، تتقد على أثر انقداح الشرارة.
Halaman tidak diketahui