حتى اختلق له عهدا على صدقات تغلب وبكر بالجزيرة، وقال لاصحابه : ان أمير المؤمنين قد ولانى هذه الصدقات، فمن أراد اللحاق بى فليفعل. ثم سار حتى أتى رصافة هشام فأعلم أصحابه ما كان من الاخطل إليه، وأنه افتعل كتابا، وأنه ليس بوال، فمن كان أحب أن يغسل عنى العار وعن نفسى فليصحبنى؛ فإنى قد أقسمت ألا أغسل رأسى حتى أوقع فى بنى تغلب، فرجعوا عنه غير ثلاثماثة، قالوا له : نموت بموتك ونحيا بحياتك! فسار ليلته حتى صبح الرحوب - وهو ماء لبنى جشم بن بكر من تغلب - فصادف عليه جماعة عظيمة منهم ، فقتل فيهم مقتلة عظيمة وأسر الأخطل وعليه عباءة وسخة، فظنه الذى أسره عبدا، فسأله: من هو، فقال: عبد؛ فأطلقه، فرمى بنفسه في جب، وخاف أن يراه من يعرفه فيقتله ، فلما انصرف الجحاف خرج من الجب .
~~وأسرف الجحاف في القتل وبقر البطون عن الاجنة، وفعل أمرا عظيما، فلما عاد عنهم ثدم الأخطل على عبد الملك، فأنشيده قوله :
لقد أوقع الجحاف بالبشر وقعة
إلى الله منها المشتكى والمعول
فهرب الجحاف، فطلبه عبد الملك، فلحق ببلاد الروم، وقال بعد وقعة البشر يخاطب الاخطل :
با مالك هل لمتنى او حضضتنى
على القتل أم هل لامنى كل لائم
الم أفنكم قتلا وأجدغ أنوفكم
بفتيان قيس والسيوف الصوارم
بكل فتى ينعى عميرا بسيفه
إذا اعتصمت أيمانهم بالقوائم
فإن تطردوني تطردوني وقد جري
يى الورد يوما فى دماء الأراقم
تكحت بسيفي فى زهير ومالك
نكاح اغتصاب لا نكاح دراهم
في أبيات.
~~ولم يزل الجحاف يتردد فى بلاد الروم من طرابزندة إلى قاليقلا، وبعث إلى بطانة عبد الملك من قيس حتى أخذوا له الأمان؛ فأمنه عبد الملك فقدم عليه فالزمه ديات من قتل ، وأخذ منه الكفلاء وسعى فيها، فأتى الحجاج من الشام ، فطلب منه فقال له : متى عهدتنى خائنا؟! فقال له : ولكنك سيد قومك. ولك عمالة واسعة، فقال : لقد ألهمت الصدق؛ فأعطاه مائة الف درهم، وجمع الديات فأوصلها ، ثم تنسك بعد وصلح ومضى حاجا، فتعلق بأستار الكعبة وجعل ينادى : اللهم اغفر لى، وما أظن تفعل! فسمعه محمد ابن لحنفية فقال: يا شيخ، قنوطك شر من ذنبك.
~~وقيل : إن سبب عوده كان أن الجحاف اكرمه ملك الروم وقربه ، وعرض عليه ----
Halaman 124