يرضينى ويسدد سلطانى، فأقام المغيرة على الكوفة عاملا لمعاوية سبع سنين وأشهرا، وهو حسن السيرة، إلا أنه لم يدع الدعاء لعثمان والوقيعة فى على رضى الله عنه، وكان حجر بن عدى إذا سمع ذلك قال : أنا أشهد أن من تعيبون لأحق بالفضل ، وأن من تزكون الاولى بالذم؛ فيقول له المغيرة: ويحك! اتق غضب السلطان وسطوته، فقام المغيرة يوما، فأثنى على عثمان فصاح به حجر : إنك قد حبست ارزاقنا، وأصبحت مولعا بتقريظ المجرمين، وقام معه اكثر من ثلاثين يقولون: صدق حجر، فمر لنا بأعطياتنا؛ فنزل المغيرة ودخل عليه قومه فقالوا: علام تترك هذا الرجل يجترئ فى سلطانك، ولو بلغ معاوية كان أسخط له عليك؟! فقال لهم المغيرة : إنى قد قتلته، إنه سيأتى أمير بعدى فيحسبه مثلى؛ فيصنع به شبيها بما ترونه يصنع بى، فيأخذه عند أول وهلة فيقتله شر قتلة ، إنه قد اقترب أجلى، ولا أحب أن أبتدئ أهل هذا المصر بقتل خيارهم، فيسعدوا بذلك وأشقى، ويعز فى الدنيا معاوية ويذل يوم القيامة المغيرة، ولكنى قابل من محنهم، وعاف عن مسينهم، وواعظ شقيهم حتى يفرق بينى وبينهم الموت، وسيذكروننى ولو قد جربوا العمال بعدى.
~~فلما هلك المغيرة وولى زياد بن أبى سفيان قام فذكر عثمان وأصحابه، فقرظهم، وذكر قتلتهم ولعنهم، فقام حجر ففعل مثل الذى كان يفعل بالمغيرة، فقال : ويل أمك يا حجر!
~~سقط بك العشاء على سرحان، وفى رواية أخرى: أن زيادا خطب، فأطال الخطبة وأخر الصلاة؛ فقال له حجر بن عدى : الصلاة! فمضى فى خطبته، ثم قال : الصلاة، فلما خشى الفرت ضرب بيده إلى كف من الحصا، وثار إلى الصلاة وثار الناس معه؛ فنزل زياد فقصلى بالناس، ثم كتب إلى معاوية فى أمره، فاستشهد عليه جماعة من أهل مصره - منهم أبو بردة بن أبى موسى - أنه خلع الطاعة ودعا إلى الفتنة؛ فكتب إليه معاوية أن شده في الحديد ثم احمله إلى، فبعثه إليه مع جماعة ممن يرى رأيه، فاستوهب بعضهم، وبقى بعضهم، فقيل لهم : تبرءوا من على حتى يطلقكم، فلم يفعلوا، فلما دخل حجر على معاوية قال : السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال له معاوية : لا والله، لا أقيلك ولا أستقيلك، أخرجوه فاضربوا عنقه، فأخرج فقال : دعونى أصلى ركعتين فصلاهما، ثم قال لمن حضره من أهله : لا تطلقوا عنى حديدا، ولا تغسلوا عنى دما؛ فإنى ألاقى معاوية غدا على الجادة! ثم قدم فضريت عنقه، وقتل معه جماعة من أصحابه ممن يرى رأيه .
~~ولما لقيت عايشة أم المؤمنين معاوية قالت : يا معاوية، أين كان حلمك عن حجر؟!
~~تقال لها: يا أم المؤمنين، لم يحضرنى رشيد. قال ابن سيرين: فبلغنا أنه لما حضرته ----
Halaman 87