Sejarah Masoni
الحقائق الأصلية في تاريخ الماسونية العملية
Genre-genre
وهناك سبب آخر أوجب هذا التضارب في الآراء والتباين في الأفكار عن أصل هذه الجمعية وأول واضع لها، وهذا السبب هو اختلاف الامتحانات في القبول بالدرجات، ففي الأولى تشبه كثيرا ما كان يجريه المصريون، أما في الثانية والثالثة فهي عين ما يعلمه العبرانيون وما يجرونه. وهاك تفصيلا كافيا يدفع الشك والارتياب:
عندما أمر نوما بومبيليوس (وهو أول واضع لمدارس علم البناء في رومية) بتشييدها وإعلاء هذا الفن ومساعدة تلك الصناعة، وعرض حمايته العظمى عليها، وسن لها قوانين وشرائع عظيمة لا يمكن أحدا أن يتعداها، كان كثير من المترشحين إلى قبولها من اليونان الذين تلقنوا أسرارهم وتعاليمهم عن المصريين، وأتوا بها إلى بلادهم فأدخلوا هذه التعاليم إلى تلك المدارس، وجعلوا أسرار بلادهم عين تلك الأسرار التي أخذها من ثم عنهم الرومان. ولكن عندما اتسعت المملكة الرومانية وكثرت فتوحاتها وأصبحت وهي المالكة على العالم المعروف بأسره القابضة على زمام أموره، بدأ الناس يهاجرون زرافات إلى تلك البلاد لما رأوا فيها من عظم المكاسب وفرط المغانم وجاءوا البلاد الرومانية، فرأوا فيها الجمعيات الماسونية وهي شبيهة بالجمعيات التي عندهم من حيث إخفاؤهم الأعمال وعدم كشف الأسرار فانخرطوا في سلكها، وأدخلوا عليها كثيرا من تعاليمهم وأسرارهم السامية، وهذه الأسرار هي ما كان يعلمه اليهود زمن بناء الهيكل.
ولو أن الامتحانات والتجارب المستعملة الآن في قبول الطلاب تختلف كثيرا عما كان يجريه الأقدمون لما رأوا وجوب تغيير أشياء كثيرة منها حسب اختلاف الزمان والمكان وأهلية الأساتذة الذين كانوا يرأسونها، ولكنا نرى كثيرا منها حفظ بتمام النظام ولم يطرأ عليه تغيير البتة مع توالي الأيام وكرور السنين والأعوام، فالامتحانات التي أدخلت إلى محافل لوندرة سنة 1650م، والتي حورت أيضا سنة 1717م هي عين التعاليم والامتحانات التي كان يجريها قدماء الأنكلوساكسون. وفي تلك الأزمان تركت الجمعية مبدأها الأصلي التي بنيت لأجله واتبعت مبدأ آخر أعظم منه وهو إسعاد العالم والنظر في شئونه وأعماله والإتيان بكل مبرة يمكن إجراؤها وأدخلوا إلى الامتحانات التي يجرونها للأستاذ الأعظم نفس الطريقة الإسرائيلية التي أخذت عنها.
ومع هذه المشابهة كلها في الامتحانات بين الماسونية العملية والرمزية نرى اختلافا عظيما بينهما فلا يمكننا أن نخلط بين هذه وتلك، ولا أن نعد الامتحانات التي يجريها الماسون، إلا ما كان يجريه الأقدمون، إذ إنهم يتشبهون بهم ليس إلا.
وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح
فكانت الماسونية الرمزية تكتفي بعد هذه الامتحانات بتثقيف الطلاب في العلوم البنائية والرياضية والهندسية والفلسفية، وتبث فيهم روح التكافؤ على العمل ومحبة القريب ودرس الحوادث الطبيعية وما جرى مجراها، في حين أن الماسونية العملية تهذب العقول وتدمث الأخلاق وترفع المرء إلى مراكز سامية جدا من حيث الشهامة؛ فتلقنه علم الفلسفة الحقيقي والحكمة البشرية مقترنة بالإلهية مجتهدة لتجعل صفات الماسون لا عيب فيها ولا شيء يشينها فتقرب الخالق من المخلوق وتفهم كل ما له وما عليه من حيث العالم المدني، فهي الحكمة وأصالة الرأي التي يضطر لمعرفتها أي إنسان من أي مكان وأي مذهب كان فلا تقبل شرائع عليها، بل هي تعطي وتلقن الشرائع العظيمة؛ لأن مبدأها واحد وهو شريف إلى الغاية لا تشوبه شائبة وهو في أمن حريز من طوارق الحدثان وعوامل الأيام.
والماسونية منتشرة انتشارا يحسدها عليه أعظم الأديان المولودة التي امتدت في أربعة أقطار المعمور؛ لأن تلك تفرق في العالم بين الشعوب فمن عابد صنم، وكافر وجاحد ومبدع ومخالف، بينما نرى الماسونية فاتحة ذراعيها لقبول أولادها داعية إياهم إخوة فيدخلون هيكلها حزانى ويخرجون فرحين، يدخلونه وهم جهلاء لا يفقهون من دنياهم وأحوالهم شيئا، ويخرجون وكلهم عالم فاهم، فهي الممهدة السبل الوعرة المروضة الأخلاق الآمرة بالخير الناهية عن الشر وهي التي أعتقت الإنسان من شوائب المكر والضلال وصيرته عالما نحريرا.
فالماسونية تصلح ما فسد من عقائد الأديان بتعليمها المحبة والتواثق على السراء والضراء؛ لأنها تنفر من الضلال والشرور حليمة رءوفة حتى مع مضطهديها. وغايتها محصورة في هذه التعاليم، وهي: إبطال الغايات والتحزب في الأديان والأشكال والحرف والمراكز والآراء والوطنية، وملاشاة الأحقاد فتبيد معها شرور الحروب، والوصول بواسطة السلم إلى غاية شريفة سامية، وهي أن تجعل العالم كله عائلة واحدة لا فرق بين أعضائها ولا انفصال، يربطهم رابط الشهامة وتجمعهم جامعة الإخاء.
ورأى العالم فضل هذه الجمعية وغايتها السامية فبدأ العقلاء ينتظمون في سلكها متقاطرين، ولكنهم لم يدركوا حتى الآن الغاية التي طالما جنحوا إليها والأمنية التي تعللوا بها، إذ لا يتم هذا الأمر إلا حين يدرك الجميع القصد من وجودها ويعلمون أن الماسونية عضد الأديان التي تأمر بالخير وتنهى عن الشر فيدخلون في عدادها وتصبح هي الجمعية الوحيدة السائدة على العالم، ويظهر إذ ذاك كوكب الحق ساطعا في سماء العلم والعمل.
Halaman tidak diketahui