فرحت واستبشرت، وجميع القدود وقد استولى عليها الطرب
والسرور، فاهتزت وترنحت، وجميع الثنايا وقد ابتسمت لما قضمت
فترى الترح قد زال، وحل محله الفرح في كل حال، فدم أيها النيل
في عز ويمن وإقبال، وأحيي الأقوام بالأنعام، والأنعام بالحدائق
والرياض، ألا فدم يا نيل في عز ويمن وإقبال، هيا بنا.
خلاصة ما تقدم (1)
يخرج النيل من البقعة التي بها البحيرات الإفريقية الكبرى، ويستمد في سيره بمياه الحبشة الواردة إليه بواسطة النيل الأزرق، ونهر تفزي ثم يجري بها في خلال النوبة ومصر الحقيقية حتى يصب في البحر الأبيض المتوسط. (2)
ومصر هبة من هبات النيل وتمتد من شلال أسوان إلى البحر المالح، وليست في بدئها إلا واديا ضيقا جدا، يبلغ متوسط عرضه 15 كيلومترا. وفيما وراء القاهرة يكون هذا الوادي مثل سهل فسيح أو دلتا يتفرع فيها النيل فروعا كثيرة وترعا ثانوية، قبل أن ينصب في البحر من الفروع الثلاثة الأصلية التي لم يبق منها سوى اثنين في هذا الزمان؛ وهما فرع رشيد وفرع دمياط. (3)
يفيض النيل في كل عام وتصل الزيادة إلى أرض مصر في أوائل شهر يونيو، ثم تغمر الوادي بأكمله إلى أن يحل شهر أكتوبر، وفي أوائل ديسمبر تكون قد بلغت نهاية الكمال. (4)
إن تعاقب الفيضان في أوقات معينة يجعل الحيوانات والأشجار غير متوفرة في مصر بكثرة، تشبه ما هو حاصل في بلاد أوروبا وغيرها. وليس في هذا الوادي إلا قليل من الأشجار الكبيرة؛ مثل أصناف الأقاقيا والجميز وغابات من النخيل، وفيها كثير من النباتات المائية مثل البردي والبشنين. وأغلب الحيوانات الأهلية كانت معروفة فيها من قديم الزمان، ولكن الفرس لم يدخلها إلا في حدود القرن المتمم للعشرين، قبل التاريخ المسيحي. وقد تلاشى منها كثير من الحيوانات الكاسرة والوحوش الضارية؛ مثل الأسد وفرس البحر، ولم يبق من التمساح إلا عدد قليل. (5)
Halaman tidak diketahui