كما أن عين السخط تبدي المساويا ولا يخفى على ناظر أن تفرق الناس هو بسبب اتباع الهوى، والميل إلى اتباع المذهبية، وترك العمل بالكتاب والسنة، والأسباب التي تتعدى على الكتاب والمؤرخين كثيرة، وما ذكرت هنا هو أهمها، وقد قمت بجمع هذه التراجم والتواريخ لأهل مدينتي ومسقط رأسي (مدينة حوث) وذلك لمواجهتها الإهمال لدى المؤرخين والكتاب، ولأن الذين أرخوا عنها قد غلطوا في الأنساب، وقللوا من حق علمائها، ونسبوا إليهم ما ليس فيهم، وللأسف أن المؤرخين عند كتابتهم للتاريخ عن أي مدينة أو عن عالم لا يرجعون إلى أهلها أو أهله، وإلى الرجال المؤرخين في المدينة، فلذلك لا يكتبون ويدونون الحقيقة، ولا سيما عن مدينة حوث التي صارت مدرسة من المدارس العلمية الشهيرة، وهجرة علمية زاخرة عظيمة، تخرج منها العلماء والقضاة الحكام، والأدباء، والشعراء والمثقفون الباحثون، ويثبت ذلك ما سنذكره، فالمؤرخون إذا لا يتتبعون خبر هذه المدينة خصوصا، ولا يبحثون عن تدوين علمائها في كل جيل من الأجيال، فكانت هذه الأشياء من الأسباب التي دفعتني إلى الكتابة عن تاريخ مدينة حوث، والذي شجعني على العمل في تدوين تراجم علمائها وفضلائها وبيوتها هو الطلب من بعض الآباء والإخوان المهتمين بتاريخ وثقافة وتراث هذه المدينة العلمية، فقمت على ساق، وشمرت في جمع وترتيب هذا البحث على اتساق، مع قلة الحصيلة والاطلاع، ولكن أسأل المولى التوفيق والإعانة، والتحقيق بهذا العمل، وبلوغ أسمى مكانة.
Halaman 20