Sejarah Kegilaan: Dari Zaman Purba Hingga Hari Ini
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Genre-genre
بيد أن جالينوس نبذ نظرية الرحم المتجول المسبب للهستيريا (لنطلق على هذا المرض ذلك الاسم الأكثر ملاءمة)، كما رفض نظرية احتباس دم الحيض ليستبدل بها نظرية احتباس المني، استنادا إلى الفرضية القائلة بأن المرأة تفرز المني مثل الرجل (يحل المبيضان لدى المرأة محل الخصيتين لدى الرجل). وبناء على ذلك، يسبب احتباس المني لدى المرأة، مثلما يحدث لدى الرجل، آثارا مرضية. ويتعرض لهذا الأمر على وجه الخصوص النساء اللواتي ينقطعن فجأة عن ممارسة الجنس بعد أن كن مداومات عليه بصورة منتظمة، مثل الأرامل.
ظل لجالينوس تأثير كبير حتى القرن الثامن عشر الميلادي. إضافة إلى كونه اختصاصيا في علم التشريح والفسيولوجيا، كان جالينوس فيلسوفا أيضا، وكان على صلة وثيقة بأفلاطون وأرسطو. ولكنه فند الفكرة القائلة بفناء الروح العاقلة بصفته طبيبا وليس بصفته فيلسوفا. وأوضح أن الروح موجودة بالدماغ، كما أكد أفلاطون، ولكنها ليست فانية . بالنسبة إلى عالم الفسيولوجيا، الروح عبارة عن وظيفة عضوية يتجلى من خلالها عمل عضو ما في الجسم.
على مدى القرون اللاحقة، تطورت المفاهيم التي عرفها أبقراط في أبحاثه ومؤلفاته بشكل كبير، بحيث أصبحت أكثر وضوحا عن ذي قبل، ولكن أكثر تعقيدا في الوقت نفسه. وبالطبع، كان الهوس - باعتباره خير مثال للجنون - هو أكثر مجال حظي باهتمام واسع. بالنسبة إلى أريتايوس الكبادوكي، «هناك عدد لا يحصى من أنواع الهوس، أما عن الأعراض، فأبرزها [...] حدوث هذيان مستمر دون حمى.» أعطى كاليوس وصفا تفصيليا للهوس كما يلي: «يصاب به على وجه الخصوص الشباب والرجال في منتصف العمر [...] وأحيانا يباغتهم هذا المرض بشكل عنيف ومفاجئ، وفي أحيان أخرى تحدث الإصابة بشكل تدريجي [...] وعندما يسيطر الهوس على فكر شخص ما، يظهر ذلك في صورة إحساس بالغضب، أو الفرح، أو الحزن، أو التصرف بأسلوب طائش، أو كما يذكر البعض، الشعور بمخاوف لا أساس لها من الصحة [...] وفي بعض الأحيان يستمر الجنون - أو لنقل: الهوس - لفترة طويلة، وفي أحيان أخرى تخف حدته على فترات زمنية غير محددة، وما يحدث في هذه الفترات هو أن المريض إما ينسى ما فعله وإما لا يدرك هفواته [...] لدى غالبية المرضى، عندما تنتابهم النوبة، تحتقن أعينهم بلون الدم الأحمر وتصبح نظراتهم حادة. وقد يصابون أيضا بأرق دائم [...] وتصبح قوة المريض على غير عادتها.»
فيما يتعلق بالهوس، يعد سيلسوس من أوائل الذين قدموا توصيفات لمرض الجنون، وفرق بين ثلاثة أنواع من الجنون: التهاب الدماغ، والسوداوية، والهوس، وهو أكثر الأنواع امتدادا لفترة طويلة؛ لأنه لا يهاجم إلا الرجال الأقوياء. كما ميز سيلسوس بين نوعين من المصابين بالهوس: أولئك الذين يعانون من اضطراب عقلي، والذين تخدعهم صور (أي تراودهم أوهام وهلاوس).
ابتداء من النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي، تشكلت ملامح الهوس باعتباره مرضا محددا، يخضع لتشخيص طبي، بينما لم يكن في نظر أبقراط إلا مجرد عرض. وبالطبع، استمر الاعتقاد في كلا الرأيين سائدا، كل على حدة، لدرجة أن المصطلح نفسه أصبح مبهما. غير أنه قد ترسخ، في كل الأحوال، مبدأ الفصل بين أمراض الروح (الأمراض النفسية) التي تدخل ضمن نطاق الفلسفة، والأمراض الجسدية التي يختص بها مجال الطب، حتى ولو أخذنا في الاعتبار أنه في حالة الهوس، تكون لهذا المرض آثار على النفس؛ وعندئذ «يمتنع الطبيب عن التفلسف» (جاكي بيجو). وهكذا، كتب كاليوس عن الهوس قائلا: «وأخيرا، يخطئ أولئك الذين يعتقدون أن الهوس يعد مرضا نفسيا في المقام الأول، ومرضا جسديا في المقام الثاني؛ لأنه ما من فيلسوف قط استطاع علاج هذا المرض.» خلاصة القول أن الجنون من اختصاص الأطباء.
المنافس الأول - إذا جاز التعبير - للهوس هو السوداوية، بأشكالها المتعددة. يقول كاليوس: «يعاني المصابون بسوداوية متأصلة من إحساس عميق بالقلق والانزعاج والضيق، إضافة إلى الشعور بحزن يصاحبه خرس وكراهية للمحيطين. ثم يشعر المريض أحيانا بالرغبة في الحياة، وفي أحيان أخرى تنتابه الرغبة في الموت، ويشك في أن هناك مؤامرات تحاك له.» وهناك ذلك الشعور بالخوف والحزن والنفور من الحياة وكراهية الذات والآخر. وغالبا، تكون النساء أكثر عرضة للإصابة بالسوداوية من الرجال. كما ترتفع نسبة الإصابة لدى كبار السن؛ لأن المرة السوداء تتكون على وجه الخصوص مع التقدم في العمر.
أضفى القدماء على السوداوية العديد من المعاني الأخرى، «ويمثل ذلك ذروة التفكير الطبي نحو الاتجاه الفلسفي» (جاكي بيجو). أليست السوداوية هي المحرك الأساسي للمصير المأساوي؟ أليست العبقرية سمة من سمات الشخصية السوداوية؟ قالها أرسطو على أي حال في مؤلفه «مسائل أرسطوطاليس الطبيعية، الجزء 30»: «ترى لماذا كل الرجال العظماء في الفلسفة والسياسة والشعر والفنون من ذوي الشخصية السوداوية؟ وقد كان بعضهم في الحقيقة مصابا بأعراض مرضية مرجعها المرة السوداء.» وتتجلى مما سبق ازدواجية أخرى كما هي الحال بالنسبة إلى الهذيان الذي يحمل أحيانا طابع الهوس، وأحيانا أخرى طابع الإبداع والتفكير الخلاق. من جانبه، يذكر روفوس - طبيب يوناني من أفسس واختصاصي في علم التشريح عاش في أواخر القرن الأول الميلادي - أن الأشخاص ذوي الفكر الثاقب الذين يتمتعون بقدر كبير من الذكاء يقعون بسهولة في براثن السوداوية.
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر السوداوية أفضل وسيلة توضيحية لإمكانية التحول من شكل إلى شكل آخر من أشكال الجنون. لاحظ روفوس الأفسسي أن مرحلة الإصابة بالهوس تسبق مرحلة الإصابة بالسوداوية. بينما يرى أريتايوس الكبادوكي، الذي عرف السوداوية بأنها: «الشعور بحزن عميق في النفس مع التركيز على فكرة ثابتة»، أن حالات الملنخوليا هي التي تتحول إلى هوس وليس العكس.
فيما يتعلق بالسوداوية كما هي الحال بالنسبة إلى أشكال الجنون الأخرى، لقيت قصص الحالات المرضية اهتماما كبيرا من جانب الأطباء في العصور القديمة، وعلى رأسهم أبقراط، وجالينوس الذي حدثنا، على سبيل المثال، عن إحدى الحالات لرجل من كبادوكيا «استقرت في رأسه فكرة مجنونة وأصيب، نتيجة لذلك، بالملنخوليا.» وكان هذا الرجل قد صرح وهو يبكي بكاء عنيفا أنه يخشى أن يكون العملاق أطلس (أحد آلهة الميثولوجيا الإغريقية) قد تعب من حمله قبة السماء لفترة طويلة على كتفيه؛ مما قد يترتب عليه سقوط هذه القبة السماوية فجأة وتدمير كل شيء. كما ذكر جالينوس حالة أخرى لرجل كان يعتقد أن أحد الموتى قد نادى عليه لدى مروره أمام المقابر، ومنذ ذلك الحين أصيب هذا الرجل بالملنخوليا. وهناك حالة أخرى لمريض مصاب بالملنخوليا كان يعتقد أن رأسه قد قطع لأنه طاغية. وشفي هذا المريض حينما وضعت قبعة معدنية بشكل مفاجئ على دماغه؛ مما أعطاه الإيحاء بأنه قد وجد رأسه!
لا تكتفي هذه القصص بوصف ضروب الجنون فحسب، ولكنها توضح أيضا بالنسبة إلى غالبية الحالات ما هي طرائق العلاج التي طبقت. ونستنتج من ذلك أنه منذ بدايات العصور القديمة، كان هناك اهتمام بعلاج المجانين ...
Halaman tidak diketahui