Sejarah Kegilaan: Dari Zaman Purba Hingga Hari Ini
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Genre-genre
كما حدث في مصر، أنشئت مدارس تنافسية: في قوريني، ورودس، ولا سيما في كنيدوس، في آسيا الصغرى، وفي جزيرة كوسفي دوديكانيسيا. وتزايد الاهتمام بتسجيل العوارض الصحية وطرق معالجتها على ألواح، بحيث تكون في بعض الأحيان بمنزلة مرجع طبي متكامل، ونذكر على سبيل المثال في هذا الصدد كتاب «الحكم الكنيديسية». ومع ذلك، كان الكهنة الأطباء من سلالة أسكليبيوس يميلون إلى الاقتصار على معالجة الجروح والأمراض الحادة؛ ولهذا السبب هجر العديد من المرضى المصابين بأمراض مزمنة معابد أسكليبيوس وأخذوا يترددون على صالات الألعاب الرياضية، اعتبارا من القرن الخامس قبل الميلاد. ذاع صيت الألعاب الرياضية في اليونان إلى حد أنها لم تكن تعد وسيلة للتمتع بصحة جيدة فحسب، بل أضحت طريقة لمعالجة الأمراض المزمنة، اعتمادا على التمارين البدنية والسير لمسافات طويلة واتباع أنظمة غذائية.
أما فيما يتعلق بالجنون نفسه، فهو يحتل في الأسطورة اليونانية القديمة وقصائد هوميروس مكانة خاصة؛ فقد كان ينظر إليه على أنه يمثل في أغلب الأحيان عقابا يبتلى به البشر الذين يقعون ضحية الجموح والغطرسة. وهكذا، أصيب أوريستيس بالجنون بعد أن قتل والدته وعاقبته على فعلته إلهات العذاب إيرينيس (المسماة فيوريس عند الرومان). كان الإغريق يخافون بشدة من جنيات الجحيم إيرينيس، لدرجة أنهم كانوا يطلقون عليها «الجنيات الطيبة» حتى لا يغضبوها. وكانت مهمة هؤلاء الإلهات معاقبة القاتل والمتغطرس أيضا.
لقد سلطت الآلهة الجنون على أوديسيوس، الذي كان يحرث الرمال بدلا من الحقول، وأجاكس، وهو أشجع الرجال اليونانيين بعد أخيل. وعند موت هذا الأخير، طالب أجاكس بأسلحته ولكن القادة الآخرين اختاروا أوديسيوس. وهكذا أصابت أجاكس لوثة الجنون وطفق يذبح قطيعا من الخراف ظنه جيشا من الآخيين. وكتب سوفوكليس، في مسرحيته «أجاكس» (التي ألفها حوالي سنة 440 قبل الميلاد)، مشهدا تظهر فيه الإلهة أثينا، حامية الآخيين، وهي تشرح لأوديسيوس كيف أنها بددت غضب أجاكس؛ بأن ضربته ب «غشاوة على عينيه»: «سأوقع على عينيه الوهم الثقيل لانتصار كريه [...]، وسأضغط على الإنسان الواقع ضحية هذيانه، وأدفعه نحو عمق شبكة الموت.» وعندما أدرك أجاكس خطأه، لم يبق أمام هذا البائس إلا الانتحار.
بيد أن آلهة الأساطير الإغريقية لم تكتف بلعب دور المنتقمين أو الحماة. فقد كان لدى هذه الآلهة جميعها عيوب الفانين نفسها. وهكذا كان زيوس زير نساء بمعنى الكلمة وكانت هيرا زوجته (راعية الزواج وحامية النساء المتزوجات) غيرى بشكل رهيب. ونظرا لعدم قدرتها على الانتقام من زوجها الفاسق، والذي يعد في الوقت نفسه كبير الآلهة أو رب الأرباب؛ كانت هيرا تتجه نحو العديد من الفانيات اللائي نلن جانبا من إحسانها. وهو ما حدث على سبيل المثال مع ألكمن، أميرة الميسينيين، التي أغواها زيوس بعد أن اتخذ شكل زوجها الغائب أمفيتريون، ثم حملت منه. فاستشاطت هيرا غضبا وطلبت من ابنتها إيليثيا، إلهة الولادة، أن تطيل فترة حمل ألكمن. وبمجرد ميلاد ابن ألكمن، لم تكف الإلهة الرهيبة هيرا عن وضعه في اختبارات كانت تبعث بها إليه، ولكنه كان دائم الانتصار فيها. ومن هنا جاء اسمه: هرقل، ومعناه «مجد هيرا». وعندما أدركت الإلهة أنه لا شيء يقدر على هزيمة هذا البطل، ضربته بلوثة جنون دفعته إلى قتل أبنائه (وأصبح لزاما عليه فيما بعد القيام بالأعمال الاثني عشر الشهيرة للتكفير عن مثل هذه الجريمة). وقد قدم المؤلف المسرحي يوربيديس نسخة شائقة من جنون هرقل في صورة عمل مسرحي؛ حيث أدركت هيرا فجأة، في تجل مصحوب بإحساس شنيع بالابتهاج، أنه لا يوجد شيء أو شخص بإمكانه هزيمة هرقل. لا أحد، إلا نفسه! وبناء عليه، فليعلن الآن الحرب على نفسه! وليصر مخبولا بحيث يكون، في جنونه، غير مدرك لأفعاله؛ وبذلك يكره نفسه!
ورغم أننا هنا في نطاق الأسطورة الإغريقية والشعر التراجيدي، فالجنون المشار إليه، بعيدا عن أي مجاز، لا يقل عن الجنون بصورته الحقيقية؛ لأن الجنون في صورته الأكثر عنفا والأكثر خطورة يتجلى في: هوس هرقل الإغريقي، وغضب هراقليس اللاتيني الهائج.
الإله والجنون
مع آلهة الأسطورة الإغريقية، على الرغم مما كانوا يبدونه من قسوة مع البشر، فقد كان من الممكن - في بعض الأحيان - تقديم تنازلات للوصول إلى اتفاق معهم. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن هذه الآلهة، التي تكون بشرية للغاية، في أحيان كثيرة، لا تتعامل بقسوة إلا بدافع العاطفة أو التسلية، فإن ذلك يخلق مساحة مشتركة من التفاهم والعلاقات المتبادلة. ولا يوجد مثل هذا مع الإله الأوحد لأول دين كتابي. مع عقيدة التوحيد بوجه عام، ليس هناك مجال للمزاح. إن إله العبرانيين والعهد القديم، والذي يدعى يهوه، محب للانتقام وعنيف في أغلب الأحيان. ألم يطلب من إبراهيم التضحية بإسحاق، ابنه البكر؟ وسيجيب البعض قائلا: إن يهوه لم يكن يريد إلا اختبار عبده إبراهيم بدليل وجود كبش الفداء الذي حل محل ولده في اللحظة الأخيرة. إذا سلمنا بذلك، فهذا لا يبرر أن الأب قد وافق، باسم الرب، على قتل ابنه؛ حيث كان إبراهيم قد قيد بالفعل ابنه على مذبح المحرقة. وبالفعل، مد يده ليمسك بالسكين. وهكذا ظهر إله جديد.
وبعيدا عن هذا الإله العنيد، لا سبيل للنجاة (كما ضاقت سبل الخلاص). «أنا أميت وأحيي. سحقت، وإني أشفي، وليس من يدي مخلص» (سفر التثنية، إصحاح 32، آية 39). الله يرسل المرض ليعاقب خلائقه. وماذا يكون العقاب الأمثل إلا الجنون؟ في هذا السياق، يكتسب الجنون طابعا مبهما وباعثا على التشاؤم بشكل جذري. وعليه، يكون المجنون هو بداية من يقع في الخطية - ثم يسقط في شباك الخطيئة والعقاب. «فكر الحماقة خطية» (سفر الأمثال، إصحاح 24، آية 9). «لأن شعبي أحمق. إياي لم يعرفوا. هم بنون جاهلون وهم غير فاهمين» (سفر أرميا، 4، 22). وترد في سفر الأمثال على وجه الخصوص، بشكل متكرر ومهيمن، الصورة الأكثر تشاؤما للأحمق المتعارض مع الحكيم: «الحكماء يذخرون معرفة، أما فم الغبي فهلاك قريب.» ومن يهوه يغضب المخبول ويكون جنونه غير قابل للشفاء: «إذا ما سحقت معتوها بالهاون بين الحبوب، فإن جنونه لا يحيد عنه.» ولذلك، لا بد من الابتعاد عن الأحمق: «ليصادف الإنسان دبة ثكول ولا جاهل في حماقته» (سفر الأمثال، 17، 12).
عندما عرفت التعاليم اليهودية المجنون على أنه الإنسان الذي يفقد عطية منحت له، كان يقصد بذلك المريض عقليا وأيضا الخاطئ الذي لم يستطع الحفاظ على إيمانه وفضيلته باعتبارهما عطيتين من الله. بالإضافة إلى ذلك، أليس المريض عقليا مسئولا، في نهاية المطاف، عن السماح لنفسه بالانزلاق في هوة الجنون؛ وذلك بنسيان الله ومن ثم الاستهانة به؟
هذا الجمع بين المجنون والآثم لم يكف على أي حال عن التأثير في التقليد اليهودي-المسيحي. وفي هذا الصدد، يمكن أن يأخذ الجنون طابعا جماعيا. هكذا، كان موسى يحذر شعبه قائلا إنهم إذا حادوا عن طريق الإيمان، فسيضربهم الرب بالجنون وب «حيرة القلب» (سفر التثنية، 28، 28). وهكذا كان اليهود يدعون السامريين بأسلوب مهين «شعبا مجنونا»؛ وذلك بسبب انشقاقهم الديني (فهم لا يقبلون في الكتاب المقدس إلا التوراة). مجنون، آثم، شرير، كلها مترادفات لشيء واحد.
Halaman tidak diketahui