Sejarah Kegilaan: Dari Zaman Purba Hingga Hari Ini
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Genre-genre
الدفعة الثانية
بمجرد إنشائها، أصبحت مصحات الأمراض العقلية محط انتقادات عديدة، شأنها شأن قانون 1838. وسنعود لدراسة مسألة التنديد الطويل بمصحة الأمراض العقلية: انتقادات شديدة من الصحافة ومن الأدب ومن محتجزين سابقين، بل وأيضا من بعض أطباء الأمراض العقلية، الذين زاد عدد المحبطين منهم من جراء قلة النتائج العلاجية التي تعطيها هذه المصحات الكبيرة الجميلة والمكلفة والمنغلقة على ذاتها . وسرعان ما أدركوا أن المصحة - هذه المؤسسة العلاجية التي كان من المفترض أن تكون في حد ذاتها علاجا - أصبحت، بسبب نوع من المنطق الفاسد، وسيلة ليس للشفاء كما كان يطالب إسكيرول، وإنما لصناعة المزيد من الميئوس من شفائهم.
منذ الإمبراطورية الثانية، والجدل يدور ما بين مؤيد ومعارض مبدأ عدم القيود، استنادا إلى نموذج إنجلترا؛ حيث قرر طبيب الأمراض العقلية جون كونولي (1794-1866) إلغاء استخدام كافة وسائل الحبس في مشفى هانويل منذ عام 1839: سترات المجانين أو كراسي الاحتجاز وكل أنواع القيود. ومن هنا نشأ مبدأ عدم استخدام القيود الذي يضعه الإنجليز - بنوع من الاحتقار - كمقابل لنظام التقييد المطبق في المصحات الفرنسية. ولقد أحدثت هذه الثورة الحقيقية هزة في عالم أطباء الأمراض العقلية. وينتقد مورو دي تور بعنف هذه الفكرة «الإنجليزية المنشأ التي ترجع إلى بعض أشباه النظريات النفسية، والتي تغالط جميع فكر علم الطب العقلي»
22 (ويذكر أن مورو دي تور كان رائد فكرة الأصل العضوي للأمراض العقلية). «أتظن أن المرضى عقليا في إنجلترا لهم طبيعة أخرى غير التي لمرضانا؟ ربما هم أقل هياجا، وأقل استجابة للاستثارة؟»
23
ويستكمل مورو دي تور حديثه بأن كل هذه إنما هي أوهام وأكاذيب؛ ففي حالة إصابة مريض مهووس بنوبة غاضبة، سيتطلب الأمر من الحرس استخدام أساليب أشد عنفا من مجرد ارتداء سترة المجانين للسيطرة عليه. ويضيف مورو دي تور - بسذاجة فجة - أن استخدام سترات المجانين إنما يعوض نقص العاملين. في الواقع، لم يأخذ مبدأ عدم القيود في الانتشار في فرنسا إلا في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر، خاصة في سانت آن على يد فالنتين مانيان (1835-1916).
ثم، ما الفائدة من تطبيق مبدأ عدم القيود إذا كان المشفى ذاته - «هذه السترة الحجرية»
24 - لم يحرر بعد؟ في عام 1896، صدر مقال لمارندون دي مونتييل - كبير الأطباء بمصحة مدينة إفرار - يعرض فيه لحصيلة قرن بأكمله من الاحتجاز لأسباب علاجية: «عندما حطم بينيل قيود المريض عقليا، لم يعطه أيضا حريته. وأعتقد - مثله مثل من تبعوه حتى الوقت الحاضر - أنه في سبيل علاج مريض، لا بد من إخضاعه لنظام صحي خاص، وكان هذا النظام هو العزل. وأصبحت المصحات محاطة جميعها بأسوار عالية [...] فقد كان هناك اعتقاد راسخ بأنه يجب وضع المريض عقليا في بيئة مختلفة عن التي يغوص فيها عقله ووضعه بمنأى عن الانفعالات كافة، حتى الأكثر شرعية والأكثر رقة.»
25
هل كانت مصحة الأمراض العقلية في طريقها إلى الزوال بناء على ذلك؟ بالطبع لا! يكفي استبدال نظام الحرية، بنظام العزل: «لا توجد جدران، لا داخلية ولا خارجية، ولا في البدروم، ولا ممرات مغطاة، وإنما فيلات موزعة في متنزه أو مجمعة على هيئة قرية، فيلات لها أبواب ونوافذ مفتوحة لأكثر من ستين بالمائة من المرضى الموجودين بالمصحة، وتغلق فقط باستخدام قفل صغير وشبكة لمن يشكل ربما تجولهم بحرية نوعا من الخطورة؛ أي إيجاد مكان يذكرهم بالحياة العادية.»
Halaman tidak diketahui