Sejarah Kegilaan: Dari Zaman Purba Hingga Hari Ini
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Genre-genre
إذا كان البرنامج الذي اقترحه بنجامين ديبورت - مدير مكتب المساعدة العامة - وعرضه، في عام 1821، على المجلس العمومي للمشافي ودور الإيواء المدنية في باريس، يعد بمنزلة تكرار للإرشادات الجوهرية التي سبق أن أوردها إسكيرول، فإنه (البرنامج) تغلغل في بعض التفاصيل الخاصة بالتنفيذ وفي بعض الاعتبارات؛ مما أدى في النهاية إلى إرساء دعائم البناء الاستشفائي في بداية القرن التاسع عشر.
6 «إن المصحة المكرسة لمعالجة الاستلاب العقلي هي بمنزلة صرح خيري تفتقر إليه فرنسا.» أو أنه لم يكن في الإمكان محاكاة الدول المجاورة، التي تضحي مؤسساتها بالتنسيق والترتيب الداخلي في سبيل «عظمة التنفيذ». «ينبغي على فرنسا تقديم هذا النموذج.» فلا يتسم مشفى الأمراض العقلية بأي مغالاة معمارية: «تعتمد فخامة مصحات الأمراض العقلية على توفير أكبر قدر من الرفاهة لكل فرد من خلال توفير مكان مريح ونظيف له ؛ فيجب ألا تظهر عبقرية المعماري إلا من خلال النسب الدقيقة والخطوط المستقيمة دائما والتنسيق المعين للكتل، بحيث تمر عليها العين بسهولة. أما فيما يتعلق بالموقع، فنجد مبادئ إسكيرول: «مساحة واسعة خارج المدن (والدافع الفكرة الواضحة التي تستهدف إبعاد المختلين لإلهائهم عن أفكارهم الثابتة، وفي ذات الوقت عزلهم عن فضول الآخرين) وهواء نقي وموارد مياه وفيرة ... على أن يكون مكان المباني ناحية الشرق، كما ينص إسكيرول. وبالتالي يجنب المرضى «حرارة الجنوب في الصيف وبرودة الشمال في الشتاء»، [...] الأمران اللذان يساهمان في تأجيج خيالاتهم.» في حين أن الشرق - بغض النظر عن جودة ونقاوة الهواء «وانتعاشه الذي يهدئ من احتدام الذهن» - يتيح للمرضى الاستفادة من وضوح أشعة الشمس الأولى، التي لها القدرة على تحسين حالتهم وتهيئهم للخضوع دون مقاومة للرعاية التي يتطلبها وضعهم.»
يسع مثل هذا النوع من المصحات خمسمائة مريض: ثلاثمائة امرأة ومائتي رجل «يفصلهم أكبر قدر ممكن من الفراغ»، لدرجة تحولهم إلى مصحتين داخل واحدة كبيرة، مع الاحتفاظ بإمكانية المرور بسهولة من واحدة للأخرى. ويتكون كل من هذين الجزأين الكبيرين من اثنتي عشرة منطقة على الأقل؛ أي اثني عشر مشفى صغيرا منفصلا بعضها عن بعض دون أن يستطيع أحد رؤية أو سماع ما يدور في أي منها: «مجانين ثائرين أثناء العلاج ومجانين ميئوس من شفائهم في حالة هياج، ومجانين هادئين في طور العلاج موضوعين في غرف، إلى مجانين في حالة صرع وهياج، ومجانين مصابين بالصرع في مهجع، وأيضا مجانين هادئين موضوعين في المهجع ومجانين هادئين ميئوس من شفائهم، بخلاف المصابين بالسوداوية والبله والأمراض العرضية ومن هم في طور النقاهة.»
وتعد هذه المناطق الاثنتا عشرة أكثر بكثير مما أنشيء في الواقع، فعادة ما يتعارض تواضع الميزانيات مع المشروعات الطموحة. إلا أن ديبورت يرى وجوب إضافة تقسيمات فرعية أخرى: «توجد بين المجانين فروق، وقد يرغب الأطباء في تصنيفهم منفصلين وفقا لها»، كما يجب تجنب مشاهدة المجانين لنوع آخر من الجنون غير الذي أصابهم؛ ومن ثم فإن مضاعفة هذه التقسيمات قد يعني مضاعفة وسائل الشفاء في الوقت نفسه. ويعتقد ديبورت أن - في جميع الأحوال - وجود اثنتي عشرة منطقة للتقسيم إنما يعد الحد الأدنى. «أي تقسيم أقل من ذلك قد يعرض الأطباء إلى فشل محاولات العلاج.»
وفقا لفكرة إسكيرول، فإن تلك المباني لن تنشأ إلا من طوابق أرضية وقباب مضفية على الأراضي نقاوة أفضل. ويضيف ديبورت أن هذا التصميم يتطلب مساحة أكبر من الأرض، ولكن تكمن ميزته في مضاعفة الباحات والمتنزهات والحدائق. ويكون المحور الرئيس هو «الحاجز الأول للمراقبة بين الجمهور والمرضى.» وبالإضافة لمكوناتهم التقليدية كما في أي مصحة أخرى (كنيسة ومشرحة ومطبخ ومخبز ومغسلة وحجرة للبياضات وأيضا المباني الإدارية)، ينبغي أن تكون المباني بأقسامها الأربعة والعشرين ظاهرة جميعها للعين، وأن تمتلك خدمة متطورة للاستحمام بصفة خاصة. ويخصص ديبورت كتابات مطولة لما يجب أن تكون عليه المنشآت الخاصة بالعلاج بالمياه، الذي هو العلاج الأمثل للجنون.
يكون لكل مناطق الأقسام تكوين مماثل، يتضمن مهاجع وزنازين وقاعة طعام وغرفة اجتماعات ومشغلا ورواقا مغطى ورواقا في الحديقة ونافورة ومراحيض (ويدرس ديبورت بدقة ترتيب وتكوين هذا المكان الحساس في مصحات الأمراض العقلية)، وغرفا وباحة مخصصة للخدمات. وتقع مسئولية الاختيار بين الاحتجاز في المهجع أو الزنزانة على عاتق الإداري الذي يقدر بأن عدد الزنازين لا بد أن يكون قليلا قدر الإمكان. ويكون الباقي عبارة عن مهاجع بها أربعة وعشرون سريرا؛ حيث إن الانفراد هو الاحتجاز في حد ذاته، فيجب ألا يعزل أحد داخل المصحة؛ لأن الحياة في مجتمع - وهي النتيجة المنطقية لتلاشي القيود - إنما هي شرط وضمان إعادة الاندماج. ويرى ديبورت في المهجع هذه الميزة (إنه يعطي إحساسا بالطمأنينة في حد ذاته)، «فهو يساعد على الاحتماء من التقارير التي يعدها الموظفون عن المرضى، خاصة وأن هذه الطبقة قد لا تمتلك دائما القدرات المطلوبة. فحتى من يمتلكون منهم قدرا عاليا من الحساسية، قد يفقدونها في بعض الأحيان ليتحولوا في نهاية المطاف إلى كائنات غير آدمية.»
عندما نشر الطبيب سيبيون بينيل - ابن بينيل الكبير - في عام 1836 مؤلفه «بحث كامل عن النظام الصحي للمختلين عقليا، أو دليل المؤسسات المخصصة لهم»؛ أصبح هو رائد أول النتائج في هذا المجال. ولقد أهله اسمه إلى جانب بعض الإضافات (كان برنامج ديبورت أقدم باثني عشر عاما) للوصول إلى صياغة أكثر تحديدا للمبادئ الملموسة لعلم الطب العقلي، كل هذا في الوقت الذي أعلن فيه عن التصويت على قانون للتمويل بشأن هذا الموضوع الذي ظل طويلا موضعا للنقاش. إلا أن العنوان المزدوج لبحث سيبيون بينيل يؤكد بالفعل على القضية الرئيسة: فالنظام الصحي للمرضى عقليا إنما يندرج برمته داخل المؤسسة العلاجية التي هي المصحة. ويستند سيبيون بينيل في البداية إلى برامج ديبورت وإسكيرول، دون إغفال تعاليم والده الشهير. ولقد استقى من هذا كله الخطوط العريضة لخطته التقليدية التي تقوم على ثلاث كتل متماثلة تربطهم ممرات تصل مناطق إقامة المرضى عقليا بالمباني المركزية وتعطي للمصحة طابع الوحدة والتماسك. إلا أن خطة سيبيون بينيل كانت تقدم بعض ملامح الإبداع: تكون الكتل الثلاث الرئيسة ثلاثة تجمعات رأسية أكثر منها أفقية. وتنشأ الأجنحة في منتصف الفناء وليس حوله. وفي النهاية، يحيط بالأجنحة مزرعة للرجال وغرفة للبياضات والغسيل للنساء، وكأنهما العضوان الفاعلان في هذا الجسد المريض الضخم.
وتعد القضية الأكثر أهمية التي عكف سيبيون بينيل على دراستها طويلا هي مناطق التقسيم. يتحدث لويس-جاك مورو دي لاسارت عن تصنيفات المرضى «الذين يجري توزيعهم في البلدان المختلفة في مختلف المناطق بحسب نوع الجنون الذي أصيبوا به.» ومن جانبه، يذكر هنري داجونيه «تصنيفا لا يقل أهمية على المستوى العملي عن النظري.»
7
يقترح سيبيون بينيل ست مناطق للتصنيف تضم تقسيمتين فرعيتين أساسيتين: تخصص أربع مناطق للمرضى عقليا ممن هم في طور العلاج (قطاع للتمريض وقطاع لمن هم في فترة النقاهة وآخر للمرضى عقليا المسالمين وآخر للمرضى الثائرين داخل الزنازين)، بينما تخصص منطقتان للمرضى الميئوس من شفائهم (واحدة للمسالمين منهم والأخرى لمن يعانون من حالات الهياج أو الصرع). للوهلة الأولى، يقدم هذا التقسيم الحل للمشكلة التي ستظل منذ ذلك الحين موضع انتقاد في كافة مصحات الأمراض العقلية؛ ألا وهي السلوك صعب الانقياد للمرضى عقليا المزمنين. «فهمنا أخيرا أن مصحة الأمراض العقلية مخصصة ليس فقط للعلاج الفعال للجنون، بل وأيضا للاحتجاز الدائم للمرضى عقليا الميئوس من شفائهم»، هكذا كتب سيبيون بينيل. لماذا إذن ستة تقسيمات فقط، بدلا من الاثني عشر التي اقترحها ديبورت؟ ويبرر سيبيون بينيل الأمر باستدعائه للخبرة المكتسبة من تقسيمات مصحة سالبيتريير وبيستر اللتين أنشأهما ديبورت. ويكون الاقتصاد في النفقات بضم المرضى الهادئين الميئوس من شفائهم إلى المصابين بالبله، وبإلغاء الزنازين الخاصة بالمرضى الهادئين في طور العلاج ونقلهم بالتالي إلى المهجع. والشيء نفسه مع النساء؛ حيث تكون هناك منطقة من الزنازين لا تصلح إلا للمصابات بالهوس الجنسي والهستيريا وأولئك اللاتي يطيب لهن العيش عرايا بين القاذورات. ولكن تلك الحالات ليست بالكثرة التي تتطلب تشكيل قطاع كامل خاص بها، ومن ثم فإن الاحتجاز لا يؤدي إلا إلى تفاقم حالات هؤلاء المرضى: «يجب وضعهم في المهجع طالما كان ذلك في الإمكان، وعند الضرورة القصوى قد يكون لدينا زنازين داخل الأجنحة المعزولة.»
Halaman tidak diketahui