أبو البركات شرف الدين مبارك بن أحمد بن مبارك بن موهوب بن غنيمة بن غالب اللحمي الأربلي (٥٦٤ ج ٦٣٧ هـ) .
مؤرخ، أديب، شاعر، عالم بالحديث، ومتبحر في فن الاستيفاء. ولد في إربل (العراق حاليًا) . نشأ في أسرة تتألف أكثر أفرادها من أهل الفضل والأدب. بقي بعد وفاة أبيه في إربل متصديًا لديوان الاستيفاء.
أخذ القرآن والأدب عن محمد بن يوسف البحراني ومكي بن ريان الماكسيني وأخذ الحديث عن عبد الوهاب بن هبة الله ومبارك بن طاهر الخزاعي وآخرون كما وأجازه العديد من العلماء في الرواية.
تولى أبو البركات في عهد حكومة مظفر الدين الكوكبري حاكم إربل منصب الاستيفاء الذي كان مهمًا آنذاك وفي عام ٦٢٩ هـ عُهدت إليه وزارة الملك مظفر.
وحين هجوم المغول لجأ مع بعض قوّاد الجيش وعدد من أهالي إربل إلى قلعة وبقي فيها آمنًا. ثم هاجر إلى الموصل وحظي بحماية حاكمها وبقي فيها إلى آخر عمره حتى توفي ودفن بمقبرة السابلة خارج باب الجصاصة.
آثاره
من مؤلفاته: شرح المشكل من ديوان أبي تمام والمتنبي أو النظام في شرح شعر المتنبي وأبي تمام، نباهة البلد الخامل لمن ورده من الأماثل المعروف بتاريخ إربل. وقد فقدت بعض آثاره مثل: أبا قماش، إثبات المحصل في نسبة أبيات المفصل، ديوان شعر وسرّ الصنعة.
Halaman tidak diketahui
[القسم الاول]
الفهرس
الموضوع: الصفحة
اولا- مقدمة المحقق ٧
١- كلمة لا بد منها ٩٧
٢- مخطوطة «تاريخ اربل» ٨
أ- وصفها وحالتها ٩
ب- صحة نسبتها الى ابن المستوفي ١٩
ت- المخطوطة منقولة عن مسودة (الادلة على ذلك) ٢٢
١) عدم انسجام بعض المعلومات مع بعضها البعض ٢٢
٢) عدم انسجام بعض المعلومات مع ظروف التأليف ٢٣
٣) نقصان بعض العبارات ٢٤
٤) عدم ترتيب التراجم وفق نسق معين وتكرر بعضها ٢٥
٣- منهج التحقيق ٢٦
ثانيا- النص المحقق ل «تاريخ اربل» ٣٣
ثالثا- الحواشي والتعليقات المتعلقة بالنص (مرتبة حسب التراجم) ٤٦٣
1 / 5
بسم الله الرّحمن الرّحيم
اولا- مقدمة المحقق
(١) كلمة لا بد منها
عقب خروجي من وظيفتي الدبلوماسية في كانون الثاني ١٩٦٩، وتحرري من اعبائها، عنت لي فكرة العودة الى الجامعة، وتحقيق امنية عزيزة على قلبي، الا وهي مواصلة الدرس والتحصيل بصرف النظر عن فوات سن التلمذة حسب اعتقاد الكثير من الناس (من اللطيف ان جامعة كمبرج استقبلت في تشرين الاول ١٩٧٤ طالبا عمره ٦٧ سنة لدراسة اللغات والحصول على شهادة ب ع)، لان طلب العلم لا يتحدد بسن معينة. وقد جاء في الحديث: «اطلبوا العلم من المهد الى اللحد» . ولذا فانني قصدت بريطانيا للتعرف على امكانيات الحصول على قبول في احدى جامعاتها. وكان من حسن حظي ان اختار كمبرج. والذي حصل ان المستشرق البريطاني الكبير الراحل الاستاذ آربري، تفضل رغم مرضه الشديد باستقبالي في داره لبحث الموضوع، وقد رحب بفكرتي كل الترحيب مشجعا اياي على المضي فيما عزمت عليه وواعدا بالمساعدة. واثناء الحديث سألني عما اذا كنت قد فكرت في دراسة موضوع معين، فاجبته بالنفي، وقلت له بانني أفضل موضوعا يتصل بالتاريخ مما لا علاقة له بالاحياء من قريب او بعيد، لانني قد
1 / 7
شبعت من امور هؤلاء خلال خدمتي الدبلوماسية التي قاربت ربع قرن من الزمان، كما انني قاسيت منهم ما فيه الكفاية، وكل الذي اريده هو الابتعاد عنهم ما استطعت الى ذلك سبيلا.
وعندها تفضل الأستاذ الراحل فاقترح عليّ دراسة «تاريخ اربل» لابن المستوفي والقيام بتحقيقه، وناولني جزءا من فهرس مخطوطات «مكتبة جيستر بيتي» في دبلن، الذي يحوي ما ذكره هو عن الكتاب المذكور. ورغم انني لم اسمع من قبل بالكتاب ولا بمؤلفه، ولم اعرف عنهما اي شيء كثير أو قليل، وان المذكور في الفهرس لا يتجاوز بضعة اسطر هي وصف للمخطوطة لا غير، اقول رغم ذلك كله فقد بادرت بالموافقة على الاقتراح فورا، ووعدته ببذل كل جهد ممكن للاخذ باقتراحه. ففرح بذلك واوصاني بمراجعة الأستاذ سارجنت في «معهد الدراسات الشرقية» بالجامعة، لان مرضه كان يحول دون مشاركته في اعمال المعهد، وقد كان ذلك. وهنا ايضا وجدت من الأستاذ سارجنت كل ترحيب وتشجيع، كما وعدني بالمساعدة في الحصول على القبول، وهكذا كان. وانني اذ اكتب هذه المقدمة ارى من واجبي الاعتراف بفضل الأستاذ الراحل آربري عليّ، اولا لتشجيعه اياي على دخول الجامعة بعد ان كنت مترددا بسبب انقطاعي عنها منذ امد بعيد، وثانيا لاقتراحه عليّ دراسة «تاريخ اربل» الذي وجدته بالفعل كتابا يستحق الدراسة والتحقيق. اما الاستاذ سارجنت فانني عاجز عن إيفائه حقه من الشكر والامتنان على المساعدات القيمة التي توالت منه باستمرار منذ لقيته اول مرة في شباط ١٩٦٩ حتى اللحظة الاخيرة من انجاز اطروحتي تحت اشرافه الحكيم وارشاداته الثمينة.
(٢) مخطوطة «تاريخ اربل»
بعد ان بينت ظروف اختياري «تاريخ اربل» يحسن بي تعريف
1 / 8
القارئ الكريم بمخطوطة الكتاب التي كانت عماد بحثي ومدار دراستي. لقد بينت في دراستي لهذا الكتاب (راجع الاطروحة) بان الجزء الذي اكتشفه الأستاذ اربري في دبلن، هو الجزء الثاني من «تاريخ اربل» وليس الرابع كما توهم الأستاذ الراحل. وانني واصف في الصفحات الآتية مخطوطة هذا الجزء تمهيدا لتحقيقها، علما بانني لم اهتد الى اية نسخة اخرى لهذا الكتاب.
أ- وصفها وحالتها
بقي «تاريخ اربل» مدة طويلة في عداد المفقودات، بل ان الكثير من الباحثين استمروا على اعتباره مفقودا حتى وقت قريب. من ذلك ان السيد صلاح المنجد (وكان مدير معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية) ذكر في كتابه «اعلام التاريخ والجغرافية العرب» المنشور سنة ١٩٥٩ م (١/٦١) بان «تاريخ اربل» في عداد المفقودات. وقال مثل ذلك الأستاذ فؤاد سيد في احدى حواشي «العقد الثمين» الذي نشره سنة ١٩٦٤ (٣/٣١١- حاشية) . وان الدكتور طليمات ذكر في كتابه عن «كوكبوري» المطبوع سنة ١٩٦٣ م (ص ٢٢٥) بانه مفقود ايضا. بل ان السيد بشار معروف ذكر في مقدمته لكتاب «تكملة المنذرى» المطبوع سنة ١٩٦٨ م بان «تاريخ ابن المستوفي» من الكتب الضائعة (١/٥٢)، رغم انه بذل جهودا جبارة في جمع المخطوطات التي لها علاقة بالتراجم والوفيات، وزار العديد من البلاد العربية والاوربية. بل واكثر من هذا فان السيد رشاد عبد المطلب (من موظفي معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية حاليا) ظل يعتقد بضياع «تاريخ اربل» حتى زار كمبرج في تشرين الثاني سنة ١٩٧٢ م، عند ما اطلعته على صور لمخطوطة الجزء الثاني الذي اتولى تحقيقه.
والطريف في الامر ان المرحوم عباسا العزاوي قال سنة ١٩٥٧ م عن الكتاب «بان تاريخ اربل لم يصل الينا منه الا ما علم اخيرا من وجود جزء منه في
1 / 9
لندن. ثم غاب ذكره ولم يعرف مصيره» (مجلة مجمع دمشق ص ٤١٢ و«التعريف بالمؤرخين» للمؤلف نفسه ص ٦٠) . وقال مثل ذلك المرحوم مصطفى جواد سنة ١٩٦٢ م (معجم ابن الفوطي ١/٥٠٧- حاشية) .
والظاهر ان احدا لم يكلف نفسه عناء البحث بعد صدور تلك الاشاره من المرحوم العزاوي ثم من المرحوم مصطفى جواد. بل ان احدا لم يخطر بباله القاء نظرة على فهرس مخطوطات «مكتبة جيستر بيتي» في دبلن الذي اعده الاستاذ اربري، ويبدو ان معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية او اية مؤسسة عربية اخرى ذات علاقة بالموضوع، لم تحاول اقتناء الفهرس المذكور، علما بان الجزء الاول منه صدر سنة ١٩٥٥ م والجزء الثامن- وهو الاخير صدر عام ١٩٦٤!!
وعلى اي حال، فان الفضل في اكتشاف هذه المخطوطة يعود الى المستشرق البريطاني الراحل الأستاذ آربري، فقد اسعفه الحظ بالكشف عنها اثناء توليه مهمة اعداد فهرس للمخطوطات العربية في المكتبة آنفة الذكر، وقد ذكرها في الجزء الخامس (ص ٣١ برقم ٤٠٩٨) المطبوع سنة ١٩٦٢ م، الا انه توهم فظنها- كما اسلفنا- الجزء «الرابع» من «تاريخ اربل» . والمخطوطة تقع في ٢٣١ ورقة، غير ان احد متملكيها (واظنه محمد علي النجفي الذي علق في بعض حواشيها بشيء من شعره) اخطأ في الحساب فظنها ٢٢٨ ورقة (مخ ورقة ٢٣١ ب) . اما قياس صفحتها فهو ٢، ٢٥ سم طولا و٥ و، ١٦ عرضا على وجه التقريب. وفي كل صفحة ١٩ سطرا على وجه التعديل، ويتألف السطر من ١٢ كلمة تقريبا. فيكون مجموع كلماتها على هذا الاساس حوالي ١٠٥٠٠٠ كلمة.
وهي مكتوبة بخط نسخي جيد، وبحبر بني بهت لونه بمرور الزمن وكاد يختلط احيانا بلون الورق الضارب الى الصفرة، مما جعل قراءة النص عسيرة في
1 / 10
بعض الاحيان. وقد حمل ذلك احد متملكي المخطوطة (واظنه النجفي آنف الذكر) على ان يعيد تحبير الكتابة في عدد غير قليل من المواضع محاولا اظهارها، ولكنه بدلا من ان يجعلها واضحة للقارئ، فقد مسخها في حالات عدة اذ اخطأ في رسم الكلمات الامر الذي ادى الى تصحيفها وجعل قراءتها اكثر صعوبة من ذي قبل. ويبدو انه لم يكن مؤهلا لمثل هذا العمل (مخ ورقة ١٥ ب و٢٠ ب و٢٢ أو ٢٣ أو ٢٣ ب، و٢٧ ب و٤٧ أو ٥١ ب- ٥٢ ب و٥٩ أو ٧٦ أو ٨٦ أو ٨٦ ب و٩٢ ب و٩٤ ب و١٠٢ ب و١٠٩ ب و١٢٩ أوب، و١٣٩ أو ب و١٤١ أ) . والخط بمجمله خال من الشكل، الا عن ضبط بعد الكلمات التي قد تم ضبطها احيانا بوصف تهجئتها او بكتابة الحركات في احيان اخرى (مخ ورقة ٧٣ أو ١٤٣ ب و٢١١ ب و٢١٣ أو ٢١٧ أ) . هذا وان الناسخ ضبط بعض الابيات بالشكل، كما كتب مرتين بضعة اسطر من كلام المؤلف مشكولة (مخ ورقة ١٥٣ ب و٢٣١ أ) . وكتب اسماء اصحاب التراجم بخط غليظ مما جعلها بارزة عن بقية الكلام. اما السطر الاخير من الصفحة فقد انمحى في كثير من الاوراق بسبب اللمس عند التقليب (مخ مولا ورقة ١٦٥ ب و١٦٨ أ، ١٦٩ أو ١٩٧ ب و١٩٨ أو ٢٢٣ ب- ٢٢٤ ب و٢٢٦ ب) .
وهذه المخطوطة مؤرخة في شوال من سنة ٦٤١ هـ الموافق لشهر آذار سنة ١٢٤٤ م (مخ ورقة ٢٣١ ب)، اي بعد اربع سنوات من وفاة المؤلف، اما الناسخ فغير معروف اذ لم يذكر اسمه خلافا لما اعتاد عليه كثير من النساخ. وهي (اي المخطوطة) على ما يبدو، مؤلفة من اجزاء او كراسات، وتتألف كل كراسة من عشر ورقات (ذكر الشيخ الاثري في مقدمة «خريدة العماد- عراق» ١/٣٢ بان ابن عساكر كتب «تاريخ دمشق في ٧٠٠ كراسة، كل كراسة في ٢٠ ورقة. قلت ان مخطوطة «تكملة المنذرى» الموجودة في مكتبة جامعة كمبرج مؤلفة من ١٢ جزءا، مجموع اوراقها ١٨ ورقة، انظر المطبوع من التكملة
1 / 11
١/٣٧) - كما يلاحظ من الاعداد المكتوبة في الزاوية العليا من اليسار في بعض الاوراق، وقد أمكنني قراءة بعضها وهي، في الورقة ٧٨ كتب الناسخ كلمة «تاسعة»، وفي الورقة ١٠٨ كتب «ثانية عشر»، وفي الورقة ١٣٨ كتب عبارة عسيرة القراءة وهي تشبه «خامسة عشر»، وفي الورقة ١٤٨ كتب «سادسة عشر»، وفي الورقة ١٥٨ كتب «سابعة عشر»، وفي الورقة ١٧٧ كتب «عشرون»، وفي الورقة ٢١٧ كتب عبارة غير مقروءة. اما في باقي الاجزاء فقد انمحت الكتابة او ان زوايا الاوراق التي تحمل الكتابة قد تقطعت بسبب كثرة الاستعمال.
والذي يمكن استنتاجه من هذا، ان كراسات المخطوطة كانت بالاصل مؤلفة من عشر اوراق، وانه سقطت ثلاث اوراق من الكراريس الثماني الاولى مما جعل الكراسة التاسعة تبدأ بالورقة ٧٨ بدلا من الورقة ٨١. وهذا واضح جدا من سقوط شيء ما بين الورقتين ٢٩ و٣٠، اذ لا يستقيم المعنى بين آخر عبارة في الورقة ٢٩ ب مع اول عبارة في الورقة ٣٠ أ، فهما يعودان لترجمتين مختلفتين. ووقع مثل ذلك بين الورقتين ٥٧ و٥٨، وهنا ايضا لا يستقيم السياق بين آخر عبارة في الورقة ٥٧ ب واول عبارة في الورقة ٥٨ أ. وهناك احتمال غير أكيد عن سقوط شيء ما بين الورقتين ٦٤ و٦٥، اذ ينقطع الكلام بصورة مفاجئة في نهاية الورقة ٦٤ ب، وليس بالوسع التحقق من كون الكلام قد انتهى فعلا او ان له تتمة لان الورقة ٦٥ أتبدأ بترجمة جديدة. وهناك احتمال قوي ايضا بسقوط ورقة او اكثر بعد الورقة ٩٧ لان الترجمة الواردة في آخرها جاءت مبتورة ولم تتجاوز السطرين وبضع كلمات. وليس بالوسع التحقق من شيء لأن الورقة ٩٨ تبدأ بترجمة جديدة. ولذا فانه من غير الممكن القطع برأي حاسم. اما بالنسبة للكراسة «عشرون» فكان من المتعين ان تبدأ بالورقة ١٩١، او على الاقل بالورقة ١٨٨ (بعد حذف الورقات الثلاث الساقطة)، ولكنها تبدأ بالورقة ١٧٧، وهذا معناه سقوط ١١ ورقة اخرى. واغلب الظن ان موضع
1 / 12
سقوطها بقع بعد الورقة ١٦٦ لان الكلام في نهاية هذه الورقة ينقطع بصورة مفاجئة بعد اربعة اسطر فقط من بدء الترجمة رقم ٢٣٣، وبعد سطر ونصف السطر من بداية نص دعاء نقله المؤلف، ولم يتجاوز فيه سوى الحمد لله والصلاة على رسول الله، مما يحمل على الاعتقاد بان الترجمة المذكورة ناقصة.
الا انه من المؤسف ليس بالوسع الجزم بشيء لان الورقة ١٦٧ تبدأ بترجمة جديدة لا تلقي اي ضوء على سياق الكلام. ولعل الاوراق العشرة التي وضعت في غير محلها (وسيأتي الكلام عليها) هي من الاوراق الساقطة هنا، لا سيما وان اولها تتمة لدعاء.
وعلاوة على ما تقدم، فهناك موضع اضطرب فيه تسلسل الاوراق نفسها- عند التجليد- فسياق الكلام في نهاية الورقة ١٩٦ لا ينسجم مع العبارات الواردة في بداية الورقة ١٩٧، ولا بين الورقتين ٢٠٦ و٢٠٧. وبعد التحري الدقيق والمراجعة، اتضح ان مكان الورقة ٢٠٧ وما بعدها ينبغي ان يكون بعد الورقة ١٩٦ مباشرة وهي تخص ترجمة عبد الله بن الحسين بن رواحة، ذلك ان المؤلف يستأنف كلامه عنه في الورقة ٢٠٧ وما بعدها، وانه بالفعل يذكره بالاسم (اي ابو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة)، علاوة على ان الشعر الوارد في الورقة ٢٠٧ يعود الى والد الحسين المذكور (وهو عبد الله) وان تاريخ ميلاده (اي ميلاد الوالد) سنة ٥١٥ يتفق وميلاد والد صاحب الترجمة. بل ان ابن خلكان (٣/٢٩٢- ٢٩٣) روى الشعر الذي رواه ابن رواحة من المبارك بن كامل بن منقذ وفقا لما في الورقة ٢٠٨ من مخطوطتنا مرويا عن ابن رواحة المذكور، مما لا يدع مجالا للشك بتبعية الورقتين ٢٠٧ و٢٠٨ للورقة ١٩٦ (انظر ايضا شعر عمه عبد المحسن) . الا انه من المؤسف ان الاوراق ١٩٧- ٢٠٦ (وهي كراسة كاملة) يتعذر القطع بتعيين مكانها الصحيح ضمن المخطوطة، خصوصا وان الكلام يستمر متناسقا بين الورقة ٢٠٧ ونهاية المخطوطة ولكنني اميل الى ان يكون موضعها بين الورقتين
1 / 13
١٦٦ و١٦٧، كما اميل الى ان ورقة قد سقطت من اولها وانها كانت بالاصل ١١ ورقة. ولقد قمت بنقل الاوراق آنفة الذكر من مواضعها الى المواضع التي ظننت انها هي الاصلية، على انني ابقيت ترقيم الاوراق وفق الترتيب الوارد في المخطوطة نفسها.
هذا ولا تحمل المخطوطة اسماء من تملكها- ما عدا النجفي الذي سنأتي على ذكره-. اما التعليقات المكتوبة في حواشيها فلا تفيد شيئا عن اشخاصهم (ما عدا تعليقات ابن الشعار الذي ذكر اسمه صريحا، ولكنه على ما اظن لم يكن قد تملكها، وانما تولى مراجعتها) . ان وجه الورقة الاولى- وهو بمثابة ورقة الغلاف- يحمل رسما في وسط الصفحة وكأنه عين انسان، وفوقها زهرة صغيرة تتدلى من عودها بعض الاوراق الغريبة الشكل. وفي الزاوية العليا منها الى اليمين كتبت عبارة «في الرجال المحدثين»، وفوقها كتب، (MS.٤٠٩٨)
والى يسارها عبارة «يا محمد» . وفي الزاوية المقابلة لها كتبت عبارة «سيد محمد او سند محمد» . وتحت الرسم المذكور رسمت فتحات وكسرات وشدات في ثلاثة صفوف متوازية، والى يسارها كتبت عبارة بالحبر الاحمر «اودعت في هذا المكان شهادة اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله»، وتحتها بخط غليظ على شكل سطرين هذا البيت:
«يا قارئا كتابي ابكي على شبابي ... بالامس كنت مثلك وصبحت في التراب»
وكتب في موضع آخر بقلم الرصاص عبارة «١٥٠ ليرة»، ولعل ذلك كان قيمة شراء المخطوطة، وكتب فوقها بقلم الرصاص ايضا هذه العبارة (X Ellis ٢٩٢ Cat) وتحتها الرقم (٤٠٩٨) وحوله دائرة. وكتب تحت عبارة (١٥٠ ليرة) بقلم الحبر هذا الاسبارة (A.G.Ellis) وتاريخه (١٥. ٥. ٦) . والى هذا كان احد موظفي قسم المخطوطات والكتب الشرقية في المتحف البريطاني، وهو الذي صنف فهرس الكتب العربية المطبوعة الموجودة في مكتبة المتحف المذكور،
1 / 14
وقد تقاعد سنة ١٩٠٩ م (انظر الفهارس المذكورة، وهي مطبوعة سنة ١٨٩٤ أو ١٩٠١ و١٩٢٦ م) وعلى كل حال فان هذه الورقة ليست من الاصل، كما سنرى.
اما داخل المخطوطة، فقد سمح الناسخ لنفسه بالتعليق على ما اورده المؤلف، بل وعلى اقوال بعض الرواة احيانا، ويصب اللعنة حينا على من ينقل المؤلف اقوالهم، فيقول مثلا «ليته لم ينقل ذلك» إذ لم يعجبه ما نقله المؤلف من اخبار عن ابي الفتوح الغزالي. او يقول «شعر غث»، او ان الصحيح كذا وكذا، او ان ما قاله احدهم «خطأ او كذب»، وهكذا (مخ ورقة ٢ أو ١١٢ أو ١١٤ أو ١٢٧ أو ١٨٧ أو ٢١٨ ب و٢٢٠ أ) .
هذا وان بعض صفحات المخطوطة بخط ابن الشعار- على ما اعتقد- لان الكتابة في الورقات ١٥٢ أ- ١٥٤ ب و١٧٨ ب ١٧٩ ب تشبه الى حد كبير خط بعض اجزاء كتاب «عقود الجمان» تصنيف ابن الشعار (مخ استانبول) كما تشبه خط التعليقات والاضافات التي كتبها ابن الشعار على صفحات «تاريخ اربل» وذكر فيها اسمه صراحة، كما انه صحح بعض العبارات بما يتفق وما جاء في كتابه، ولا سيما ما له علاقة بالمواصلة من اهل بلدته، واحيانا اكمل معلومات لم يكملها ابن المستوفي كتلك المتعلقة بنسب ابن الشعار نفسه الوارد في ترجمته التي كتبها ابن المستوفي، كما صحح فيها تاريخ ولادته هو (تبدأ احدى الاضافات ورقة ٥٣ أبقوله «قَالَ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْمُبَارَكُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَمْدَانَ الْمَوْصِلِيُّ- عَفَا الله عنه-.. الخ» وفي الورقة ١٨١ أزاد عليها عبارة «غفر الله له ولوالديه» . وواضح من هذه الصيغة انها كتبت من قبل قائلها.
انظر ايضا مخ ورقة ٣٤ ب و٣٥ ب و٦٧ ب و٦٥ أو ١١٧ أو ١٨١ ب و٢٠٣ أو ٢١٠ أو ٢١٢ أو ٢١٣ أو ٢١٤ ب و٢٢٣ ب و٢٢٤ ب و٢٢٦ أو ٢٣٠ ب) .
1 / 15
ووقعت المخطوطة في يد عدد من القراء فعلقوا عليها بما عنّ لهم، الا انهم- مع الاسف- لم يكشفوا لنا عن هوياتهم، وهم ولا شك من اهل الحديث والادب والتاريخ، اذ تناولوا بالتصحيح بعض المعلومات الواردة في الكتاب (راجع ورقة ٢٧ أو ٥٧ ب و٥٨ أو ٦٥ أو ٨٨ أو ٨٩ ب و١٦٠ أو ١٨٥ ب و١٩٣ أو ٨٩٤ ب و٢٠٩ ب و٢٢٧ أ) . وأحد هذه التعليقات (ورقة ٢٢٧ أ) له اهمية خاصة، اذ التقى صاحبه بالعباس بن بزوان (وهو احد اصحاب التراجم الواردة في الكتاب) في شهر رمضان من سنة ٦٤١ هـ (١٢٤٣ م) فأنشده بعض الشعر الذي اورده المؤلف في ترجمته، الامر الذي يدل دلالة اكيدة على صحة تاريخ نسخ المخطوطة، وقد تم ذلك في السنة المذكورة، فضلا عن تأكيد صحة نسبة الابيات المروية الى قائلها.
اما النجفي الذي اشرنا اليه فهو الشيخ محمد علي بن محمد راضي النجفي الذي كتب بخطه الورقة الاولى، وكتب في بعض الحواشي ابياتا من نظمه في الغالب. بل انه سمح لنفسه ان يحشر ابياتا بين سطور بعض المقطوعات الواردة في المتن (مثلا ورقة ٤٧ أو ٨٩ أ) . وشعره في مجموعه ركيك واحيانا غير موزون (مخ ورقة ٤ أو ١٥ ب و٢٠ ب و٢٢ أو ب و٣٠ أو ٤٧ أو ٧٧ ب و٨٠ أو ٨٤ أو ٨٩ أوب و٩٤ ب و٩٥ أو ١٠٣ أو ١٠٩ أ) . علما ليس بين هذه التعليقات ما يشير صراحة الى تملكه للمخطوطة، ولكن تصرفه بها بالشكل الذي بينا يدل على تملكه لها. هذا ويبدو انه من المتأخرين ودليلي على ذلك انه قال عن مجموع اوراق المخطوطة «مجموع اوراق هذا الكتاب مائتين (كذا) وثمانية وعشرين» (مخ ورقة ٢٣١ ب) .
وذكر عددا آخر في الصفحة نفسها قال «سنت (كذا) خمس مائة وثنين وسبعين وكرر ذكر هذا التاريخ بالصيغة نفسها في اول المخطوطة (مخ ورقة ١ ب) .
وكما هو معروف بان الصيغة التي يستعملها المتقدمون في كتابة الاعداد تقضي
1 / 16
بتأخير المئات، فيقولون مثلا «ثمانية وعشرون ومائتان» و«اثنتان وسبعون وخمس مائة» . وعلاوة على ذلك، فان اسمه مركب، اي «محمد علي» واسم والده «محمد راضي»، وغير خاف ان مثل هذا التركيب لم يكن معروفا لدى المتقدمين. هذا وقد حاولت الاهتداء الى معرفة شخصيته فلم اوفق. والذي يغلب على الظن انه هو نفسه الذي اعاد تحبير عدد من صفحات المخطوطة، مما ادى الى تصحيف بعض الكلمات.
اما بالنسبة للاملاء فان الناسخ لم يتقيد بقواعد الاملاء المتبعة في الوقت الحاضر. فيكتب مثلا «اللذي واللتي واللفه» بدلا من «الذي والتي وألفه» (مخ ورقة ٢ أو ٤٠ ب و١٥٦ أو ١٨٩ أ)، و«ااذانهم وااخرة وجاذر» واموالها بدلا من «آذانهم وآخرة وجآذر» (مخ ورقة ٧ أو ٨ أو ١٠ أو ١١ أب و١٥١ أو ١٨٣ ب و١٨٨ ب و٢٠٦ أو ٢١٨ ب) .
ويكتب «منجا ومرجا وبخارا واتا وتبدّا» بدلا من «منجى ومرجى وبخاى واتى وتبدى» (مخ ورقة ٢٣ أو ب و٣٥ أو ١١٥ ب و١٨٩ أو ٢١٥ أ) (قال المرحوم مصطفى جواد ان القدماء كانوا يكتبون «المنجا والمرجا» بالالف القائمة، وهو ميل قديم الى كتابة الالفاظ بحسب لفظها. انظر «تكملة ابن الصابوني» ص ٧٤ حاشية) . ويكتب الهمزة الراكبة على كرسي الياء ياء، فيكتب «لين ورايك وضيايه» بدلا من «لئن وورائك وضيائه» (مخ ورقة ١٨٣ أو ٢١٠ أ) . كما يحذف الهمزة الواقعة بعد الف، فيكتب «ما وجا» بدلا من ماء وجاء» (مخ ورقة ٧٥ أو ١٨١ ب) كذلك يكتب الناسخ الفا بعد الواو في الفعل المضارع للمفرد الغائب فيكتب «يرجوا ويمحوا ويعلوا» (مخ ورقة ٤١ أو ٣ ب و٦٠ أو ١٨٠ ب و١٨٧ ب و٢١٥ ب) . كما انه لا يتقيد بوضع النقط على الحروف المعجمة فيكتب مثلا «مال» بدلا من «قال» و«الحافظ» بنقطة واحدة لا ندري أهي للفاء ام للظاء و«حديثا» بدلا من «حدثنا» وهكذا. ويكتب احيانا حرف الالف المفصولة موصولة بما بعدها
1 / 17
فيكتب «لبو ولنشدني» بدلا من «ابو وانشدني» (منح ١٦٧ ب و١٧٠ ب) . واعتاد ان يضع فوق حروف «ر، س، ص» هذه العلامة «٧» للتأكيد على انها مهملة (مخ ورقة ١٨٧ و١٩٧ ب و١٩٨ أو ١٤ ب) . ويلتزم عند كتابة «بغداد» بجعل الدالين ذالا معجمة او الثاني منهما على الاقل (مخ ورقة ١ ب و١٦١ ب و١١ ب و١٩٢ ب و٢٠١ أ) . كذلك فانه يحذف الالف من اسماء بعض الاعلام، فيكتب «القاسم والحارث وسليمان وسفيان ومالك ومعاوية» عارية من الالف (مخ ١٢ أو ١٤ ب و١٥ أو ٦١ ب و١٦٧ ب و١٧٦ ب) . ولكنه يزيد الفا على الكلمات التي تكتب عادة بحذف الالف، فيكتب مثلا «الرحمن وهاذا وهؤلاء» بدلا من «الرحمن وهذا وهؤلاء» (مخ ورقة ٣٨ ب و٤٠ أو ٤٨ أ) . ولعل من المفيد الحاق قائمة بهذه الفقرة تبين املاء بعض الكلمات مقارنة بالاملاء المعتاد.
اما بالنص الذي حققته فانني قد غيرت الاملاء القديم آخذا بما هو مألوف في الوقت الحاضر. الا انني قبل انهاء هذه الفقرة يجدر بي ان اشير الى ان الناسخ اعتاد على حذف الالف من كلمة «ابن» عند ما ترد بين علمين، واثباتها اذا وقعت في بداية السطر (مخ ورقة ١٣٩ أو ١٩٥ أمثلا) وهو في هذا يتبع قاعدة سار عليها القدماء (راجع المختصر المحتاج اليه ١/٢١ وتاريخ ابن الدبيثي- مخ كمبرج، على سبيل المثال) . كذلك انه اعتاد على ايراد عبارة «ان شاء الله» لا في مواضع التمني للمستقبل فحسب، وانما لترجح ما وقع في الماضي، كقوله عن شخص ورد اربل «ورد اربل- ان شاء الله- قبل ذلك» (مخ ورقة ١٤ ب و١٦ ب و١٩ أو ٢٤ أو ٢٩ ب و٣٢ ب و٤٤ أو ٧١ ب و٨١ أو ٨٣ أو ١٢٠ أو ١٣١ أو ١٦٧ أ) . كما انه اعتاد على ان يترك بياضا بقدر كلمة واحدة بين نهاية فقرة ختمها وبين فقرة جديدة قد بدأها، او عندما يقتبس نصا او يبدي ملاحظة. وغرضه التفريق بين النصين
1 / 18
(مخ ورقة ١٦٤ أو ب و١٦٦ ب و١٦٨ أو ١٧٣ أو ١٨٥ أو ١٨٩ ب و٢٠٣ أو ٢٢٥ ب) . ويرسم احيانا دائرة صغيرة في نهايات الفقرات او عند رواية الشعر (مخ ورقة ١٩٤ ب) ولكنه لا يلتزم بذلك بصورة دائمة. وكما سبق وبينت فانني من جانبي لم آخذ بهذا الاملاء ولا بهذه القواعد، وانما اتبعت ما جرى عليه العرف في الوقت الحاضر.
نماذج من املاء الكلمات الواردة في المخطوطة
ب- صحة نسبة المخطوطة الى ابن المستوفي
لقد بينا (انظر الاطروحة، الفقرة المتعلقة بعنوان «تاريخ اربل») ان المخطوطة لا تحمل اسم «نباهة البلد الخامل بمن ورده من الاماثل»، وان
1 / 19
الورقة الاولى التي تشير الى كون المخطوطة هي «تاريخ اربل» تصنيف ابن المستوفي، هي ليست اصلية. ويبدو انها تهرأت بسبب الاستعمال مما حمل احد مالكيها- وارجح ان يكون النجفي سالف الذكر- قد استنسخها وضمها الى الاصل، او ان تملكها لم يكن بوجه شرعي فقام من وقعت بحوزته بنزع الورقة الاولى للتعفية على اسم مالكها الشرعي، اذ كثيرا ما يزيل الوراقون الورقة الاولى من المخطوطات للتعفية على ما فيها من كتابات قد تشير الى مالكها الشرعي من شخص او وقف. اقول ان عدم وجود الورقة الاصلية يلقي بطبيعة الحال ظلالا من الشك على صحة نسبة مخطوطتنا الى ابن المستوفي، وبالتالي عدم امكان القطع بحقيقة كونها «تاريخ اربل»، وهذا يوجب على المحقق العمل لازالة تلك الشكوك. وهذا ما فعلته بالضبط، وقمت بتجميع الادلة القاطعة بهذا الصدد، وها انني ادرجها فيما يأتي، آملا ان اكون قد وفقت في مسعاي:
١- ان المؤلف قد سمّى نفسه بصراحة في اكثر من موضع، اذ ورد فيها قوله «قال المبارك بن احمد» او قال «المبارك ابن احمد بن المبارك» (مخ ورقة ٣٢ أو ٨٣ أو ١٦٨ أو ٢٠٦ أ) على طريقة المؤلفين الاقدمين الذين كانوا يذكرون اسماءهم عند ما يريدون تأكيد نسبة القول المدرج اليهم شخصيا.
وذكر اسم والده «ابي الفتح احمد» وعمه «علي بن المبارك بن موهوب» وتوليهما وظيفة كبيرة لسرفتكين الزيني حاكم اربل، وان والده بنى قبة في احد جوامع اربل ليقيم بها الواردون عليها، كما ذكر تلقّيه تعزية بوفاة اخيه «محمد بن احمد» (مخ ورقة ٣٣ أو ٤٤ أو ١٢٠ ب و١٧٢ ب و١٧٤ ب و٢٠٤ ب) . كذلك ذكر عن نفسه سماعه على احد العلماء وهو صغير في جامع القلعة باربل، ورؤيته لاحد المحدثين بدار. الحديث باربل، ثم اشارته الى بناء كوكبوري دار حديث باربل وتشاوره معه فيمن يصلح لاسماع الحديث بها
1 / 20
واقتراحه (اي المؤلف) عليه استدعاء ابن طبرزذ وحنبل (مخ ورقة ٢٩ ب و٧٠ أو ٢٢٦ ب) .
٢- اشار المؤلف بصورة صريحة الى انه كان يؤرخ الواردين الى اربل (مخ ورقة ١٩٩ ب)، ثم ان القاسم المشترك بين اصحاب التراجم هو قوله «ورد اربل» او «انشدني باربل» وما الى ذلك مما يتكرر في كثير من تراجم الكتاب (مخ ورقة ٣٠ أو ٤٤ أو ٧٠ أو ٩٢ أو ١٠٦ أو ١٢٠ ب و١٣٤ ب و١٣٨ أو ١٣٩ أو ١٦٧ أو ١٧٣ ب و٢٠٤ أو ٢١٧ أو ب و٢٢٢ أو ٢٢٣ ب) .
وقال عن احدهم «انما ذكرته لان له ذكرا باربل»، وقال عن آخر «ورد اربل وعلى يده شفاعة لكوكبوري» (مخ ورقة ١٣٨ أو ١٨٠ أ) . وفي ظني ان ذلك دليل قوي على كون المخطوطة هي جزء من «تاريخ اربل» لابن المستوفي، لانه في جوهره- كما تبين لنا- هو تاريخ الواردين الى اربل.
٣- وعلاوة على ما تقدم فان الاخبار الواردة في المخطوطة تدور في كثير من الاحيان على ذكر ارابلة برزوا في العلم والتقى او احتلوا مراكز مهمة فاستحقوا بذلك ان يشار اليهم. ومجرد نظرة على الكتاب تكفي لادراك هذه الحقيقة. (مخ ورقة ١٣٣ ب و١٧٢ ب و١٧٣ ب مثلا) . كما ان اخبار كوكبوري صاحب اربل مبثوثة في الكتاب بشكل بارز، وتحتل مركز الصدارة فيه، مما لا يدع مجالا للشك بان المخطوطة هي جزء من «تاريخ اربل» .
٤- ودليل رابع لا يقبل المناقشة قط، هو ان ما نقله المؤرخون كابن الشعار وابن خلكان وغيرهما عن «تاريخ اربل» يتفق حرفيا وما ورد في هذه المخطوطة، وهي من الكثرة بما لا يتسع المجال لذكره هنا، ويكفي ان اشير الى مثل واحد من ابن الشعار (مخ استانبول ٧ ورقة ١٩٠) حيث نقل حرفيا
1 / 21
عن «تاريخ اربل» ترجمة محمد بن عبد الكافي الخازن (مخ ورقة ٢١٧ أ)، وآخر من ابن خلكان (٣/٢٣٢ و٤/٢٠ و٥/١٧٩) اذ نقل عن «تاريخ اربل» بعض تراجم القاسم بن المظفر الشهرزوري والخضر بن تيمية وياقوت الحموي (مخ ورقة ٣٤ ب و٩٣ أو ١٥٧ وما بعدها) .
ت- المخطوطة منقولة عن مسودة غير نهائية
بعد دراسة الجزء الثاني من «تاريخ اربل» دراسة عميقة حصلت لدي القناعة بان المخطوطة التي بين ايدينا قد نقلت عن مسودة للكتاب لم تنسق بشكلها النهائي. ويبدو ان ابن المستوفي لم تسمح له ظروفه لكي يعيد النظر فيما كتبه (في هذا الجزء على الاقل) وينسقه، وانما ترك مسودات الكتاب على حالها الذي كانت فيه يوم دونها في وقتها. وقد جاء بعده من استنسخها حرفيا كما تقتضي امانة النقل. ولعل هجمات التتر على اربل، واضطرار المؤلف على الهجرة الى الموصل، وتقدم السن به وما الى ذلك من العقبات هي التي حالت دون اخراج الكتاب بالشكل المطلوب. اما ادلتي على ذلك فسوف اسوقها فيما يأتي:
١- عدم انسجام المعلومات مع بعضها البعض
ولشرح المقصود بهذا، ارى من الافضل الاتيان بأمثلة حية من واقع الكتاب، من ذلك مثلا انه قال عن عبد العزيز بن عثمان الاربلي «لم اتحققه فاذكر من حاله شيئا» (مخ ورقة ٤٨ ب)، الا انه عاد فذكر عن حياته معلومات وافية (مخ ورقة ١٤٤ ب) . اقول لو اتيحت الفرصة لابن المستوفي ان يعيد النظر فيما كتبه لحذف ما قاله اولا، ثم لجمع ما لديه من معلومات عن عبد العزيز هذا في موضع واحد. وقال عن عبد القادر الرهاوي
1 / 22
(مخ ورقة ٥٤ ب) «فهو الآن بحران»، غير انه قال في الصفحة التالية «بلغتني وفاته بحران سنة ٦١٢»، وقال مثل ذلك عن علي ابن الهروي (مخ ورقة ٦٥ أ) وانه رحل الى حلب عند سلطانها «فهو مقيم الى الآن عنده»، ثم قال في الصفحة نفسها. بلغني انه توفي بحلب في سنة ٦١١. وقال عن ابراهيم ابن البرني (مخ ورقة ٧ أب) «فهو الآن مقيم بسنجار»، غير أنه ذكر بعد ذلك (مخ ورقة ٦٨ ب) انه توفي بالموصل سنة ٦٢٢. وقال عن راجية بنت محمد «وهي باقية الى آخر شهر رمضان سنة ٦١٥» ثم ذكر بعد ذلك مباشرة وفاتها في سنة ٦٢٢ (مخ ورقة ١١٣ أ) . وهذه الأمثلة تدل- بلا ريب- على ان المعلومات كانت ترد الى المؤلف تباعا فيضيفها الى ما سبق وكتبه على امل ان يراجعها في يوم الايام وينسقها، ولكن الظروف لم تسمح له بتنسيقها وحذف ما لا ضرورة لا ثباته وتصحيح ما ينبغي تصحيحه.
ولعل من المفيد هنا ان اضيف مثالا آخر على عدم الانسجام، ان المؤلف ذكر كتابا من تأليف عيسى بن لل وانه بخطه ثم عاد وذكر بان ذلك الكتاب هو من تصنيف ابن شبانة (مخ ورقة ١٣١ أو ١٣٣ أ) دون ان يفطن الى هذا التناقض.
٢- عدم انسجام بعض المعلومات مع ظروف تأليف الكتاب
لقد بينت في دراستي لتاريخ اربل (انظر الاطروحة) بان آخر اشارة مؤرخة في الكتاب كانت في سنة ٦٣١ هـ، وهذا يعني بان الكتاب وضع بشكله الحالي في تلك السنة او بعدها، اي انه تم بعد وفاة كوكبوري بسنة على الاقل. ولكن المؤلف كان يدعو لكوكبوري بعبارات الدعاء للاحياء كقوله «ادام الله سلطانه» وما أشبه، ولم يترحم عليه مطلقا. ويمكننا ان نقول مثل ذلك عن الخليفة الناصر المتوفى سنة ٦٢٢ هـ، اذ دعا له في موضعين بعبارة
1 / 23
«خلد الله سلطانه» وفي موضع ثالث بعبارة «﵁» (مخ ورقة ٢٠ أو ١٣٨ ب) . وعند ذكر اسم شيخه صاعد بن علي المتوفى سنة ٦٢٥ هـ، دعا له بقوله «ابقاه الله» و«ايده الله» (مخ ورقة ١٣ أ) . وهنا ايضا اقول لو لم يكن الكتاب مسودة، لخلا من مظاهر عدم الانسجام هذه.
٣- نقصان بعض العبارات
وخير مثال اضربه على ذلك ترجمة الحسين ابن خلكان (مخ ورقة ١٦٤ أ) اذ ختمها بكلمة «وبخطه» وبعدها بياض بمقدار اربعة اسطر.
ويبدو ان المؤلف اراد ان يثبت ما كان قد وجده بخط الحسين المذكور، ولم تسعفه الظروف لاثبات النص المطلوب في موضعه. اقول لو اتيحت له الفرصة لمراجعة ما كتب لكان اثبت النص او على الاقل لبادر الى حذف كلمة «وبخطه» ان تعذر عليه العثور على النص المذكور. هذا وقد قال عن احد المترجمين (مخ ورقة ١٨٧ أ): «وبلغني انه ينظم شيئا من الشعر، فان وقع لي اثبته»، وفي عدد من المواضع لم يثبت التاريخ الذي اراد اثباته، فيقول مثلا «توفي» وبعدها بياض، او «ورد اربل في» ويليها بياض ايضا، اولا يذكر اسم شخص اراد ذكره كقوله «ادرك طبقة عالية مثل ...» دون ان يذكر اسم احد، او يقول «انشدني من شعره لنفسه» ولا يذكر الابيات التي انشدت له. وفي ترجمة «ابن زنزف البغدادي» ترك فراغا بين الكنية والنسبة على امل ادراج اسمه ونسبه ولقبه كالمعتاد، ولكنه لم يفعل (مخ ورقة ٤٩ أو ٨٤ أو ٩٩ أو ١٠٤ ب و١٠٨ ب و١١١ أو ١١٥ أو ب و١١٦ ب و١٢٠ أو ١٢٨ ب و١٥٦ أو ١٦٤ أو ١٧١ ب و١٧٦ أو ١٧٨ أو ١٧٩ أو ١٨٧ أو ١٨٨ ب و١٩٠ ب و٢٠٠ أو ب و٢٠١ أو ٢٢٦ ب) . وهذه الحقائق تدل بصراحة على ان النص الذي بين ايدينا ليس بنص نهائي.
1 / 24