176

Sejarah Ibn Khaldun

تاريخ ابن خلدون

Genre-genre

أما زعم بعضهم بأن أنور هو الذي قتل ناظم باشا فليس بصحيح، لأن كامل باشا نفسه روى في مصر لمن حادثه من أصحاب الجرائد أن جماعة الاتحاديين اجتمعوا أمام الباب العالي وكانوا نحوا من مئة شخص، ودخل أنور عليه يقدم له الاحتجاج على تخلية أدرنة، وبينما هو يقرأه سمع صوت الرصاص أمام الباب، فخرج فوجد ناظم باشا صريعا. إذا أنور برئ من هذه التهمة بشهادة كامل باشا نفسه، وأما كيفية قتل ناظم باشا وياوره توفيق القبرصلي فقد اختلف فيها، والأقرب أنه انهر الجمع فأهانوه بالكلام فتصدى ياوره للقبض على من استطالوا عليه فحينئذ أطلقوا الرصاص على الناظر والياور معا وقتلوهما. وبعد ذلك وقع استعفاء الوزارة، وذهب كامل باشا وجمال الدين أفندي شيخ الإسلام إلى مصر، وذهب فريد باشا الأرناؤوطي الصدر السابق أيضا إلى مصر، وشاهدتهم هناك ، وجرى بيني وبين فريد باشا جدال طويل في سراي عابدين أمام جمال الدين أفندي، وكان صدره ملآن وغرا على الاتحاديين وكنت أقول له: إنني آسف من هذه المنازعات الحزبية في أثناء ما البلغار مخيمون على أبواب الأستانة، وأتأسف من تفكره والحالة هي هذه بعداوة الاتحاديين. فامعتض جدا مما واجهته به، وشرع جمال الدين أفندي شيخ الإسلام في تهدئة روع كل منا.

ثم في 30 يناير سنة 1913 ردت الدولة الجواب على الدول ومال مذكراتها الجوابية وهي من جهة أدرنة التخلي عن أحد شطريها وهو ما يقع على الضفة اليمنى من نهر المريج، فأما

الضفة اليسرى التي فيها المدينة الحقيقية فتبقى لتركيا، وكذلك لم توافق الدولة على ترك جزائر الأرخبيل. ثم اقترحت على الدول إلغاء الامتيازات الأجنبية التي تعرقل سير الإصلاح الإداري في تركيا، وطلبت أن يكون لها الحق بضرب المكوس التي تستلزمها الحالة، وطلبت إضافة أربعة في المئة على رسوم الجمارك وغير ذلك مما لم تجب إليه الدول. ولما رأى البلغار أن تريا لا تريد تسليم أدرنة جددوا الحرب وهاجموا أدرنة، وجددوا القتال أيضا في شطلجة، وبولايير. بقرب الدردنيل، ومع كون واقعة بولايير لم يوفق فيها الترك فإنه كان يتعذر على البلغار أن يربحوا شيئا من استمرارهم على الحرب. ثم إن الترك كسروهم في واقعة كالكترية، وكانت الدولة استجدت نشاطها، وقطع البلغار آمالهم من التغلب عليها. نعم أن مدينة يانيا في جنوبي ألبانيا كانت استسلمت للجيش اليوناني بعد حصار طال عدة أشهر، ولم يبق فيها قوة ولا ذخيرة فاضطرت حاميتها إلى الاستسلام في 5 مارس ومثل ذلك مدينة أدرنة التي اضطر قائدها شكري باشا إلى تسليمها في 26 مارس فتكون مدة حصارها ستة أشهر وثمانية أيام، كما أن مدة حصار يانيا كانت نحوا من أربعة أشهر وكل من البلدتين لم يتمكن البلقانيون من الاستيلاء عليها إلا بالجوع ولو كان فيهما الميرة الكافية والعلف الكافي للبنادق والمدافع، ما كان في استطاعة البلقانيين دخولها. والدفاع الذي دافعه شكري باشا عن أدرنة يبقى صفحة تاريخية باهرة في تاريخ تركيا، وطالما اقترح عليه البلقانيون تسليم أدرنة تحت شرائط شريفة فأبى، وأجاب بأنه لا يسلمها إلا ميتا، ولكن بعد أن نفذت الذخيرة، وانتهى القوت، لم يبق في استطاعته المقاومة. وأما في الحرب فقد حمل عليه البلغار والسرب مرارا عديدة، وكانوا يرتدون على أدبارهم، وقضى هو وأهالي أدرنة من الجوع وإعواز ضروريات الحياة شيئا كثيرا علمت منه أنا بنفسي حقائق مرة يوم كنت مفتشا للهلال الأحمر المصري في الأستانة مع محمد باشا الشريعي، وكامل باشا جلال. وذلك أنه جاءنا رسول من قبل شكري باشا في أثناء الحصار يقول إنه إنسل من أدرنة خفية ومعه كتابة إلى الباب العالي بطلب مبلغ من المال لشراء حنطة للعسكر، وأن الجوع قد ضرس العسكر بنابه، ولم يجدوا مالا في الخزينة ذلك الوقت. فهل من المكن أن الهلال الأحمر المصري أو لجنة الإعانة المصرية تقرض الدولة مبلغا لأجل إغاثة حامية أدرنة، فتذاكرت مع رفاقي وأرسلنا بواسطة الدولة سرا عشرة آلاف جنيه من مبلغ الإعانة المصرية إلى شكري باشا تحت اسم إعانة لجياع أدرنة.

ثم إننا قررنا بعد ذلك إرسال بعثة من الهلال الأحمر المصري إلى أدرنة، فأبرقت إلى الأمير محمد علي توفيق رئيس الهلال الأحمر المصري وإلى الأمير عمر طوسون رئيس لجنة الإعانة المصرية بوجوب السعي لدى الدول حتى تتوسط مع البلغار لأجل إدخال بعثة إلى أدرنة لمعالجة الجرحى والمرضى، وتم الأمر ودخلت البعثة المصرية وأعانت الجيش العثماني ومسلمي أدرنة إعانة فوق الوصف، وعرفت مقدارها. بنفسي وذلك أنه بعد استرداد الدولة لأدرنة كما سيأتي الكلام عليه، استدعت الدولة وفدا من سورية كان مؤلفا من ثمانية أشخاص، محمد فوزي باشا العظم، وعبد الرحمن بك اليوسف، وأمين أفندي الترزي من دمشق، ومحمد باشا المخزومي، والدكتور حسن الأسير من بيروت، والشيخ أسعد الشقيري من عكا، ونصرى أفندي الشنتيري من بيروت، والأستاذ الشيخ عبد المحسن أفندي الأسطواني قاضي الشام الحالي، وهذا العاجز كاتب السطور، ولم يبق في الحياة من هذا الوفد غيري وغير الأستاذ الأسطواني والشيخ الشقيري ونصرى الشنتيري . وكان ذهابنا من بيروت إلى الأستانة في شهر أغسطس 1913 لأجل مذاكرات مع الدولة تتعلق بالإصلاحات الداخلية في سورية وبتسكين الأمور بين العرب والترك، وكانت الدولة استرجعت أدرنة، فدعتنا إلى زيارتها لأجل تهنئة أهلها بالرجوع إلى حضن السلطنة العثمانية فذهبنا إلى هناك واحتفل الجيش المرابط بوصولنا، وفي حضور الجيش تلوت قصيدة منشورة في ديواني الذي هو الآن تحت الطبع مطلعها:

فدى لحمانا كل من يمنع الحمى

ومن ليس يرضى حوضه متهدما

فما العيش إلا أن نموت أعزة

وما الموت إلا أن نعيش ونسلما

وخطب في الجمع الشيخ الشقيري وخطب في صلاة الجمعة الشيخ أحمد الفقيه المكي الذي جاء معنا خطبة بصوته الشجي وفصاحته الحجازية مما حقق قولي في قصيدتي:

أدرنتنا لو كان للصخر ألسن

Halaman tidak diketahui