Sejarah Pemikiran Arab
تاريخ الفكر العربي
Genre-genre
Naymah
إلى السريانية ونشرها بين الناس في صورة كتاب مستقل منسوب إلى أرسطوطاليس.
قد يؤخذ على هذا المترجم أنه لم يكن أمينا في النقل، وأنه أظلم مفاوز العلم وأضل العلماء، غير أننا لا ننسى أن اسم أفلاطون وأفلوطين متقاربين في اللغة العربية، كما هما في اللغة اللاتينية، وربما كانا متقاربين في اللغة السريانية أيضا، فلا يبعد أن يكون «ابن ناعمة» قد تأثر بالرأي الذي شاع في مدرسة الإسكندرية من القول بأن فلسفة أرسطوطاليس وفلسفة شيخه أفلاطون، غير مختلفتين في الجوهر، وأن التوفيق بينهما مستطاع، وتلك فكرة ورثها العرب، ومضوا عليها عاكفين.
ولما ذاع كتاب «إيثولوجيا» اقترن درسه بدراسة تعاليم الإسكندر الأفروديسي، وكلاهما يشرح أصول المذهب الأفلاطوني الجديدة، فكان لذلك أثر ظهر بارزا في ما كتب العرب من كتب الفلسفة الإسلامية في سائر فروعها.
أما بين يدي الفلاسفة، والذين هم جديرون بحق أن يسموا فلاسفة، فقد ظهر بين العرب فيما كتبوا ضرب من الأفلاطونية الجديدة مصبوغا بالصبغة الإسلامية، تشكل في آخر حالاته بما كتب الرئيس ابن سينا، والفيلسوف ابن رشد، ونقل على هذه الصورة إلى الفلسفة المدرسية في العالم اللاتيني في أوروبا، فكان أثره بين اللاتين لا يقل عن أثره بين العرب، ولما استشم هذا المذهب ريح الفكر الغيبي انقلب إلى «باطنية» قاسية الأحكام ظهرت تحت عنوان «التصوف» عند العرب، وكانت سببا في ذلك الضرب من «اللاهوت التأملي» الذي نمته الباطنية وشربته بروحها الخيالية، وكثيرا ما تخالطت الفكرات الشائعة في ذلك المذهب باللاهوت الإسلامي الصحيح، وظهرت ممزوجة به أو ممزوجا بها، مزجا يظهر جليا في سطور المؤلفات التي تناولت تلك الأبحاث.
أما التعاليم الأولى لتلك «الأفلاطونية الجديدة» كما تحنرت في اللاهوت الإسلامي، فتنحصر أولا في الاعتقاد بالعقل الإيجابي - ويسمونه «العقل الفعال» - الذي كان الإسكندر الأفروديسي أول من قال به، على أنه فيض من فيوض الله، ثم العقل السلبي - ويسمونه العقل المستقل - ويختص به الإنسان وحده، ولا ينشط هذا إلا بقوة يبعثها فيه العقل الفعال، وما هذا المذهب في مبناه وتفصيله إلا مذهب الأفروديسي إذ يقول: «إن غرض الإنسان من الحياة ينحصر في أن يصل بين عقله الهيولاني والعقل الفعال بوحدة متينة»، غير أن طريقة هذا الاتصال تختلف عند الفلاسفة وعند الباطنيين. •••
يأتي بعد الفلسفة علم الطب، وهو من أكبر ما ورث العرب عن اليونان، غير أن هذا العلم، وقد استمد من مدرسة الإسكندرية ومن بيئتها، لم يظهر بين العرب إلا مسمما بتعاليم المدرسة المصرية المتأخرة، فظهرت تعاليم جالينوس وأبقراط ممزوجة بضروب من السحر والطلسمات والتنجيم، فظلت هذه العوامل شديدة الأثر في أكثر ما خرج في الطب من المؤلفات العربية، أما الأثر الحقيقي في الطب فقد نقل عن اليونان، وقد استمد أولا من كتب النساطرة في الفلسفة، ثم من بعد ذلك عما كتب النساطرة والزرادشتيون في مدرسة جنديسابور.
بعد ذلك يدخل الأثر الحراني في الطب عند العرب، وكانت مدرسة حران الوثنية ذات صلة وآصرة بالأفلاطونية الجديدة أيضا، ولما مر المنصور الخليفة العباسي بحران على رأس جيشه؛ ليحارب إمبراطور بيزنطية، أبدى عجبه من زي تزيى به بعض الذين قدموا من حران ليؤدوا فروض التحية والولاء، فرآهم مهدلي الشعر، يرتدون ملابس ضيقة تلاصق أجسامهم، ولما وقف على أمرهم وأنهم ليسوا نصارى ولا زرادشتيين ولا يهود ولا من أهل الكتاب، علم أنه استكشف مستعمرة وثنية في ملكه الإسلامي، فأمرهم أن يعتنقوا دينا من الأديان ذوات الكتب قبل أن يعود من الحرب، وإلا فإنه يكون في حل إذا حكم السيف رقابهم، فاعتنق بعضهم الإسلام، وبعضهم الدين النصراني أو الزرادشتي، وظل بعضهم أمينا لعقيدته الوثنية، غير أن هؤلاء ظلوا في حيرة من أمرهم حتى أدركهم مدره عربي أعطوه مالا تلقاء ما ينصح لهم به من سبيل يخلصون به من سيف الخليفة، فنصح لهم بأن ينقلبوا صابئين، وهم من أهل الكتاب بنص القرآن، على أن الخليفة لم يمر بحران في عودته، ولكن ظل الحرانيون الذين انتحلوا الصابئية آمنين بذلك النعت الجديد، في حين أن الذين اعتنقوا الإسلام أو المسيحية أو الزردشتية، ارتدوا إلى دينهم تحت عنوان الصابئية.
كان «ثابت بن قرة» أعظم من عرف في مدرسة حران في العالم العربي، توفي سنة 289ه، وكان يجيد اللغة اليونانية، كما يجيد السريانية والعبرية، وترجم في المنطق والرياضيات والتنجيم والطب، وكذلك في طقوس الوثنيين وتعاليمهم التي ظل أمينا عليها ثابت العهد لها، وهو أبو الحسن ثابت بن قرة بن هرون «ويقال: زهرون» بن ثابت بن زكريا بن إبراهيم بن كرايا بن مارينوس بن مالاميروس الحاسب الحكيم الحراني. «وكان في مبدأ أمره صيرفيا بحران ثم انتقل إلى بغداد واشتغل بعلوم الأوائل فمهر فيها، وبرع في علم الطب، وكان الغالب عليه الفلسفة، وله تآليف كثيرة في فنون العلم مقدار عشرين تأليفا، وأخذ كتاب إقليدس الذي عربه حنين بن إسحاق العبادي فهذبه ونقحه وأوضح ما كان مستعجما، وكان من أعيان عصره في الفضائل، وخرج من حران لخلاف بينه وبين أهل مذهبه فنزل إلى كفر توشا، قرية كبيرة بالجزيرة الفراتية، أقام بها مدة، إلى أن قدم محمد بن موسى من بلاد الروم راجعا إلى بغداد فاجتمع به فرآه فاضلا فصيحا فاستصحبه إلى بغداد، وأنزله في داره، ووصله بالخليفة فأدخله في جملة من المنجمين، فسكن بغداد وأولد الأولاد» (راجع ابن خلكان مجلد أول ص124 و125 طبعة أميرية).
ولقد توارث آل قرة العلم، فكان منهم ابنه أبو سعيد سنان، ومن أحفاده إبراهيم ثابت وأبو الحسن ثابت وإسحاق أبو الفرج، وكل هؤلاء نبغوا في الرياضيات والفلك.
Halaman tidak diketahui