ذكر المقريزي في خططه عند الكلام على تاريخ اليهود وأعيادهم أسماء جماعة من علماء اليهود منهم العالم ابن سعيد الفيومي، وهو على ما ذكر في كتاب الفهرست لأبي الفرج كان من علماء اليهود وأفاضلهم المتمكنين من اللغة العبرانية، وتزعم اليهود أنها لم تر مثله، واسمه سعيد الفيومي ويقال سعد، وله من الكتب كتاب المبادي، وكتاب الشرائع، وكتاب تفسير أشعيا، وكتاب تفسير التوراة نسقا بلا شرح، وكتاب الأمثال وهو عشر مقالات، وكتاب تفسير أحكام داود، وكتاب تفسير النكت وهو تفسير زبور داود - عليه السلام - وكتاب تفسير السفر الثالث من النصف الآخر من التوراة مشروح، وكتاب تفسير كتاب أيوب، وكتاب إقامة الصلوات والشرائع، وكتاب العبور وهو التاريخ.
العالم الشيخ شعبان الفيومي
هو الفاضل الشيخ شعبان الفيومي الأزهري الشافعي الإمام الفقيه المتضلع بالعلوم الشرعية، شيخ الأزهر، ما قرأ عليه أحد إلا انتفع به وحصلت له بركته. ولد بالفيوم سنة خمسة عشر وألف هجرية تقريبا، وحفظ القرآن، ودخل إلى مصر وأخذ عمن بها من أكابر العلماء كالشهاب القليوبي، والشمس الشوبري، وكان ملازما لهما سنين عديدة، وكان يستغرق أوقاته في إقراء العلم والتدريس في العلوم النافعة، وكان يقرأ عليه كل يوم ما ينيف عن مئة طالب، وله في كل يوم ثلاثة دروس حافلة: واحد بعد الفجر إلى قرب طلوع الشمس، والثاني بعد الظهر، والثالث بعد العصر، وهذا دأبه دائما، وكان يجتمع فيها من طلبة العلم خلق كثير، وكان محافظا على الجلوس في الأزهر لا يخرج منه إلا لحاجة، وكان يستحضر كتب الفقه المتداولة بين المصريين، وتخرج به كثير من العلماء، منهم العلامة منصور الطوخي ، وإبراهيم البرماوي، وعطية الشورى، وغيرهم.
وكان قليل الكلام، كثير الاحتشام، لا يتردد إلى أحد، معظما عند العلماء، مشهورا بالورع، وكان إذا قرأ القرآن يكاد يغيب عن حواسه، وكان كثير الدعاء لمن يقرأ عليه، ولا يسمع منه كلام إلا في تقرير مسائل العلم، وكان إذا مر في السوق يمر مسرعا مطرق الرأس. وله كرامات ظاهرة، منها أن رجلا تسلط عليه فكان إذا مر مطرقا يحاكيه ويتمثل به ويطرق رأسه مثله، فأتى إليه ذات يوم وهو مطرق ففعل مثله وأطرق رأسه فلم يقدر على رفعه ولا تحريكه يمينا ولا شمالا، ثم أتى إليه واعتذر وتاب فعفا عنه ودعا له فعافاه الله تعالى ببركته، ومنها الاستقامة في جميع الأحوال التي هي أوفى كرامة. توفي بمصر في جماد الأول سنة خمس وسبعين وألف، ودفن بتربة المجاورين، رحمه الله!
العالم الشيخ عبد البر الفيومي
هو عبد البر بن عبد القادر بن محمود بن أحمد بن زين الفيومي العوفي الحنفي، أحد أدباء الزمان الموفقين وفضلائه البارعين، كان كثير الفضل، جم الفائدة، شاعرا مطبوعا، مقتدرا على الشعر، قريب المأخذ، سهل اللفظ، حسن الإبداع للمعاني، مخالطا لكبار العلماء والأدباء، معدودا من جملتهم، أخذ العلم بمصر عن الشيخ أحمد الوارشي الصديقي، والأدب عن الشيخ محمد الحموي، والقراءات عن الشيخ عبد الرحمن اليمني، وفارق وطنه فحج أولا وأخذ بمكة عن ابن علان الصديقي، وكتب له إجازة مؤرخة بأواخر ذي الحجة سنة اثنين وأربعين وألف، ثم دخل دمشق وحلب في سنة ثمان وأربعين، وأخذ بحلب عن النجم الحلفاوي الأنصاري، ولزمه للقراءة عليه في شرح الدرر في الفقه مع حاشية الواني، وشرح ابن ملك على المنار مع حواشيه الثلاث لعزمي زاده، وقرأ كمال والرضا ابن الحنبلي الحلبي، وشرح الجامي مع حاشيته لعبد الغفور، ومختصر المعاني مع حاشيته للخطائي. ثم خرج إلى الروم فورد مورد العلامة أبي السعود الشعراني وقرأ عنده جامع الأصول للربيع اليمني، وهو في تحرير الأحاديث، وشرح الهمزية لابن حجر بتمامه، ونصف سيرة الخميس أو قريبا منه، وجانبا من فتاوى قاضي خان، وبعض فرائض السراجية، وكثيرا من مباحث التفسير، وأجازه، ولزم الشهاب الخفاجي فقرأ عليه بعض شرح المفتاح للتفتازاني، وبعض شرح نفسه على الشفا، وكتب له خطه على هامش الكتابين.
ولما ولي قضاء مصر استصحبه معه إلى صلة رحمه، واستنابه بين بابي الفتح والنصر، وصيره معيدا لدرسه في حاشيته على تفسير البيضاوي وفي شرح صحيح مسلم للنووي، وأخذ بالروم عن المولى يوسف بن أبي الفتح الدمشقي إمام السلطان، وولى من المناصب إفتاء الشافعية بالقدس مع المدرسة الصلاحية، ودخل دمشق وأقام بها في حجرة بجامع المرادية نحو سنتين، ولم يقدر على الدخول إلى القدس خوفا من الشيخ عمر بن أبي اللطف مفتي الشافعية قبلهم، ثم لما مات الشيخ عمر ترحل إليها، ومكث بها أياما، ولما لم ينل حظه من أهلها ترك الفتوى والتدريس ورأى المصلحة في الرجوع إلى الروم، فانتقل إليها وأقام بها مدة، ثم انتظم في سلك الموالي، فولي بعض مناصب، ومات وهو معزول. وله تآليف كثيرة حسنة الوضع، أشهرها كتاب «منتزه العيون والألباب في بعض المتأخرين من أهل الآداب»، جعله على طريقة الريحانة، إلا أنه رتبه على حروف المعجم، وجمع فيه بين شعراء الريحانة وشعراء المدائح الذي ألفه التقي الفارسكوري، وزاد من عنده بعض متقدمين وبعض عصريين، وهو مجموع لطيف، وفيه يقول الأديب يوسف البديعي:
كتاب ذي الفضل عبد البر منتزه ال
عيون أحسن تأليف ومنتخب
حوى محاسن أقوام كلامهم
Halaman tidak diketahui