Sejarah Filsafat Islam
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
Genre-genre
وقد اتجه نظرنا منذ قرأنا كتب ابن رشد وعزمنا على ترجمته وتلخيص فلسفته؛ إلى المحنة التي أصابته وأسبابها ونتائجها وأثرها في التاريخ الإسلامي وفي تاريخ الفلسفة، وعزمنا على تحقيقها وتحليلها والتدقيق في معرفة أصولها، لنصل إلى حقيقة يحسن الوقوف لديها والسكوت عليها.
ولما كان الذي أوقع المحنة بابن رشد هو المنصور بالله يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن الرابع من خلفاء الموحدين، أخذنا نبحث في تاريخه لنعلم هل كانت النكبة فعلا فرديا أملاه على الأمير ظلمه وحمقه وجهله، أم كانت فعلا قوميا يدل على حالة الأمة في أخلاقها وميولها، وهل كان الأمير سليم العقل والإرادة مسئولا عن أفعاله مسئولية تامة أمام التاريخ والأجيال اللاحقة، أم كان معتلا مختلا لا يسأل عما يفعل، ذهبت بعقله سلطة الفرد ونزق الاستبداد وسوء الوراثة وملاهي القصور التي ينغمس فيها أمثاله.
فإن الظاهر دل على أن نكبة ابن رشد كانت عملا عاما، دعت إليه ضرورة سياسية أو دينية أو اجتماعية، فأقيمت عليه الدعوى الجنائية وحوكم محاكمة استبدادية، وصدرت في حقه عقوبة النفي والتنكيل، ولم يكن لدينا مصدر لفحص هذه المسألة إلا كتب التاريخ؛ لأن عرب الأندلس لم يتركوا متاحف ولا سجلات ولا ملحقات ولا قيودا يلجأ إليها السلف كما هي الحال في بعض الممالك الأوروبية على أننا لا نلومهم على ذلك، فلو تركوا شيئا مما ذكر لما أبقى عليه ملوك إسبانيا الذين خلفوهم؛ فقد أحرقوا كل ما وصلت إليه أيديهم من آثار العرب الأدبية، وبددوا - تحت تأثير التعصب الوطني والديني - ثروة كانت تستفيد منها الإنسانية أعظم فائدة. لأجل هذا كانت مصادرنا في هذا المبحث محصورة في كتب التاريخ العربية والإفرنجية. (19) تاريخ الأمير الذي نكب ابن رشد
هو يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي الخليفة الرابع من دولة الموحدين، التي أسسها بسوس محمد بن تومرت المتسمي بالمهدي في صدر القرن السادس سنة 515 هجرية.
خلف يعقوب أباه يوسف في سنة 580، وكانت سنه يوم صار إليه الأمر اثنتين وثلاثين سنة، وكانت مدة ولايته ست عشرة سنة وثمانية أشهر، وتوفي في سنة 595 وله من العمر ثمان وأربعون سنة، وقد وخطه الشيب وكانت أمه رومية اسمها ساحر (كارمن) فيرى من ذلك أنه من نسل مختلط وأنه الحفيد الرابع لرجل عصامي من مؤسسي الدولة الشرقية في الغرب، ويتبع هذا التسلسل تطور في الغرائز والأخلاق يشاهد في الأحفاد.
وكان عهده حافلا بالحروب والغزوات والفتن؛ ففي سنة 580، وهي أولى أيام ولايته، خرج الميرقيون بنو ابن غانية يقودهم علي بن غانية من جزيرة ميرقة قاصدين مدينة بجاية فملوكها وأخرجوا من بها من الموحدين، فخرج إليهم يعقوب وهزمهم في حسامة دقيوس. وفي عودته انتقضت عليه مدينة قفصة فحاصرها ودخلها عنوة وقتل أهلها قتلا ذريعا.
وفي سنة 585 هجم بطرس بن رودريج (بطرو بن الريق) على مدينة شلب من الأندلس فملكها، فتجهز يعقوب في جيوش ونزل على شلب وأخرج منها بطرس وأخذ من حصون الإفرنج حصنا، وفي سنة 590 انتقض ما بينه وبين ألفونس فخرجت خيل ألفونس تدوس الحدود، والتقى الجيشان في سنة 591 في «فحص الجديد»، وهو مكان بين أشبيلية وطليطلة، فهزم ألفونس وجنوده. وفي السنة التالية هجم على طليطلة وتوغل في أرض الإسبان، فطلب ألفونس منه هدنة فهادنه عشر سنين. (19-1) نيته في غزو مصر
وكان ينوي غزو مصر ويذكرها وما فيها من المناكر والبدع ويقول: «نحن إن شاء الله مطهروها.» ولم يزل هذا عزمه إلى أن مات وكانت بينه وبين ألفونس تلك الهدنة. (19-2) قتل أخيه وعمه
وكان له من إخوته وعمومته منافسون لا يرونه أهلا للإمارة، فلقي منهم شدة. ولما استوثق أمره عبر البحر بعساكره وسار حتى نزل مدينة سلا وبها تمت بيعته، واستجاب له من كان تلكأ عليه من أعمامه ومن ولد عبد المؤمن بعدما ملأ أيديهم أموالا وأقطعهم الأقطاع الواسعة، ثم تركهما فطمع في الأمر أخوه أبو حفص عمر وعمه سليمان بن عبد المؤمن، فأمر بالقبض عليهما وتقييدهما وحملهما بعد التقييد إلى مدينة سلا، ووكل بهما من يقوم عليهما وأثقلهما بالحديد. وسار حتى بلغ مراكش، فكتب إلى القيم عليهما بقتلهما وتكفينهما والصلاة عليهما ودفنهما، فقتلهما صبرا ودفنهما، وكتب يعلمه بذلك وقال له: «بنيت قبريهما بالكدان والرخام.» وجعل يذكر حسنهما، فكتب إليه: «ما لنا ولدفن الجبابرة! إنما هما رجلان من المسلمين، فادفنهما كيف يدفن عامة المسلمين.» وقد استدعت تلك الحروب والفتن تغيبه عن مقر ملكه أمدا وأصيب أثناءه بمرض شديد، ففي غيبته ومرضه طمح أخ له ثان، اسمه أبو يحيى، في الخلافة فقبض عليه وحاكمه وقتله بمحضر من الناس، وأمر بإخراج بقية الأمر حفاة عراة الرءوس. (19-3) أخلاقه
كان شديد الذكاء وكثير الإصابة بالظن، لا يكاد يظن شيئا إلا وقع كما ظن، مجربا للأمور عارفا بأصول الشر والخير وفروعهما ، ولي الوزارة أيام أبيه فبحث عن الأمور بحثا شافيا، وطالع أحوال العمال والولاة والقضاة وسائر من ترجع إليه الأمور مطالعة أفادته معرفة جزئيات الأمور، فدبرها بحسب ذلك فجرت أموره على قريب من الاستقامة والسداد حسب ما يقتضيه الزمان والإقليم. (19-4) سوء شبابه
Halaman tidak diketahui