Sejarah Filsafat Islam
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
Genre-genre
Geschichte der Philosophie (تاريخ الفلاسفة ج8 ص59) أن الغزالي كتب المقاصد لما كان لا يزال قائلا بمبادئ أرسطو، ولكن الحقيقة هي أن الغزالي لم يرد بالمقاصد إلا الاستعداد لهدم المبادئ التي شرحها شرحا وافيا، كما بين ذلك في المقدمة التي لم تنشر في كل النسخ الخطية اللاتينية وفي طبعة فنيس (البندقية)، ولكنها موجودة في نسختين خطيتين باللغة العبرية وفي نسخة لاتينية في مكتبة السربون. وهذا ما قاله الغزالي في المقدمة ردا على من سأله رد حجة الفلاسفة: «تسألني يا أخي تأليف كتاب كامل واضح للرد على الفلاسفة وتبيين خطأ مبادئهم لتتقي بذلك الوقوع في الخطأ، ولكن هذا عبث قبل أن تعرف مبادئهم وتعاليمهم تمام المعرفة؛ لأن الرغبة في الوقوف على خطأ بعض الآراء قبل الوقوف عليها تمام الوقوف تعد خطأ ينتهي بالعمى والخلط. فظهر لي من الضروري قبل الشروع في نقض آراء الفلاسفة أن أضع كتابا أشرح فيه ميول علومهم المنطقية والطبيعية والإلهية دون التمييز بين الخطأ والصواب في مبادئهم، لأن غايتي هي شرح نتائج أقوالهم دون الإسهاب في أمور زائدة عن الحاجة ولا علاقة لها بالبحث، فسأكتفي بشرح مبادئهم مضيفا إليها الأدلة التي يثبتون بها أقوالهم، فغاية هذا الكتاب هي شرح مقاصد الفلاسفة، ولهذا اخترت له ذلك الاسم.» ثم ذكر الغزالي أنه سيترك العلوم الإلهية جانبا لاتفاق العامة على صحة مبادئها، وأن ليس بها ما يحتاج إلى النقض، وكذلك مبادئ المنطق هي على العموم صحيحة والخطأ فيها نادر، أما الطبيعيات فالحق فيها ممتزج بالباطل.
وهذا ختام الكتاب في الأصل العربي والنسختين العبريتين: «فهذا ما أردنا أن نحكيه من علومهم المنطقية والإلهية والطبيعية من غير اشتغال بتمييز الغث من السمين والحق من الباطل، ولنفتتح بعد هذا الكتاب تهافت الفلاسفة حتى يتضح برهان ما هو باطل من هذه الجملة.»
وبعد هذا البيان الشافي، ليس مكان للعجب من شرح مبادئ الفلاسفة في كتاب المقاصد. أما كتاب التهافت فغاية الغزالي منه هي نقض تعاليم الفلاسفة، بنقد عام يظهر ما فيها من التناقض، ويوضح مخالفتها للعقل، وهذا نص ختام كتاب التهافت: «وإذا اعترض علينا بأن انتقادنا لا يخلو من الريب، نقول إن بالنقد يتضح برهان ما هو صحيح وما هو باطل، فإذا عرضت صعوبة أمكن حلها بفحص النقد والاعتراض. إنما الذي نرمي إليه في هذا الكتاب هو أن نشرح مبادئهم وأن نقابلها بما ينقضها من الأدلة، ولا نريد أن نكون على مبدأ منها، وليس مقصدنا أن نذكر أدلة على حدوث العالم، إنما هدم ما ذكروه من الأدلة تأييدا للقول بقدم المادة. وبعد الفراغ من هذه الرسالة سنشرع في تأليف غيرها لإثبات الرأي الصحيح الذي غايته تشييد الحق، كما أن غايتنا من هذا الكتاب هي هدم الباطل.»
وبدأ الغزالي مقدمة الكتاب بنقد آراء القائلين بآراء الفلاسفة، المعرضين عن حكمة الدين؛ ليثبت أن كل ما يقولون به مما يخالف قواعد الدين ليس له أساس.
ثم أسهب في القواعد الأربع، التي اهتدى بها في تأليف هذا الكتاب، وبعد المقدمة شرع الغزالي في نقض حجج الفلاسفة في عشرين نقطة، ست عشرة منها في الإلهيات وأربع في الطبيعيات.
وأهم ما في هذه النقط هو الفصل المتعلق بالمسببات، وملخص قوله في هذا الباب يرجع إلى مسألتين: الأولى: أنه إذا اجتمع أمران معا فليس فيه دليل قاطع على أن الأول علة الثاني، الثانية: إذا فرضنا صحة فعل بعض الظروف (تعلق أمر بأمر) بناء على قانون طبيعي، فليس ينتج من ذلك أن الأثر يكون بذاته في ظروف متماثلة حتى ولو كانت الأشياء متماثلة.
فإن القطن يمكن بإرادة الله أن يتخذ شكلا يقيه الحريق، وبعبارة أخرى أن ما يسميه الفلاسفة بقوانين الطبيعة أو قاعدة العلل، هو أمر يقع تبعا لإرادة الله، ونحن نقبله كأمر واقع محقق، لأن الله سبحانه وتعالى في سابق علمه علم مصير الأمور فعلمنا إياه، فليس هناك، والأمر كذلك، قانون طبيعي ثابت يقيد إرادة الخالق جل وعلا.
نقول إن بعض الفلاسفة، مثل ابن رشد كانوا يعتقدون أن الغزالي لم يكن مخلصا في قوله، وإن الخلاف بينه وبين الفلاسفة، كان على نقط محدودة، إنما أراد الطعن عليهم في سائر النقط لتزداد به ثقة أهل السنة. وذكر موسى بن ناربون، بعد أن ذكر رأي ابن رشد السابق في بداية شرحه على المقاصد، أن الغزالي كتب بعد الفراغ من تأليف التهافت، رسالة صغيرة لم يعلم بها إلا بعض المقربين، وفيها ردود على ما وجهه من النقد إلى مبادئ الفلاسفة، وإن هذا الكتيب يسمى «رسالة وضعها أبو حامد بعد التهافت ليكشف عن فكره للحكماء وفيها مقاصد المقاصد واللبيب تكفيه الإشارة».
وفي هذا الكتاب أبحاث إلهية ذات أهمية كبرى، ولكن لغتها عويصة الفهم على العامة، وقد بدأ هذه الرسالة بالكلام في الدوائر العليا وحركاتها ونفوسها، ثم تكلم في المحرك الأول وفي صفاته، ثم تكلم في النفس، وليس في هذه الرسالة أثر لاحتقار الفلسفة كما في التهافت، إنما يقيم الأدلة كأنه بعض الحكماء لا كالمتكلمين، ويثبت بالحجة العقلية أمورا في الإلهيات، حاول نقضها في التهافت. فإنه يقول في هذه الرسالة مع الفلاسفة بأزلية الزمان وحركة الدوائر السماوية، وفي ختام هذه الرسالة حرم الغزالي الاطلاع عليها إلا على أهل النفوس القويمة، والعقول السليمة، عملا بقول النبي
صلى الله عليه وسلم «خاطبوا الناس على قدر عقولهم.»
Halaman tidak diketahui