Sejarah Filsafat Islam
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
Genre-genre
تساهل ابن سينا مع المتكلمين كما رأيت، ولكنه لم يتردد في القول مع الفلاسفة بأزلية العالم التي تختلف عن أزلية الله بأن لها سببا خاصا وقائما بها (وهذا السبب لا يقع في الزمان) أما الله فأزلي الوجود بذاته.
إن ابن سينا يقول وغيره من الفلاسفة إن السبب الأول لكونه الوحدة المطلقة لا يمكن أن يكون له أثر مباشر سوى الوحدة، ويقول في البرهان على ذلك إنه ثبت أن الكائن الواجب الوجود بذاته هو واحد في كل صفاته فلا يمكن أن يصدر عنه إلا كائن واحد؛ لأنه إذا صدر عنه كائنان مختلفان حقيقة فإنهما لا يصدران إلا عن جهتين مختلفتين من روحه. فإذا كانت هاتان الجهتان متصلتين بروحه ينتج عن ذلك أن ذلك الروح قابل للانقسام، وقد أثبتنا استحالة ذلك وخطأه. (راجع ما وراء الطبيعة لابن سينا الكتاب التاسع الفصل الرابع، والشهرستاني ص830، والغزالي مقاصد الفلاسفة).
نقول وإذا صدق قول ابن سينا في أنه لا يصدر عن الواحد إلا ما كانت صفته الأولية الوحدة، فكيف نعلل صدور العالم عن الله وهو مجموع كائنات متعددة؟! للجواب على هذا فرض ابن سينا أن حركة الدوائر لم تصدر عن الله مباشرة، ومن المعلوم عن رأي المشائين أن أثر علة العلل في الكون الأرضي ظاهر في الحركة التي تشكل المادة. إنما يصدر عن الله العقل الأول، أي عقل الدائرة المحيطة التي تسبب حركة الدائرة الثانية، وهذه الدائرة المحيطة الأولى وإن كانت صادرة عن الكائن الفرد فإنها مركبة لأن بعقلها غايتين: العقل الأول والدائرة ذاتها. يقول ابن رشد: وهذا خطأ في رأي المشائين أنفسهم؛ لأن العاقل والمعقول هما واحد في العقل الإنساني ، وهما كذلك بقوة أشد في العقول المنفصلة (عن المادة). ثم يقول ابن رشد إن هذا الرأي ليس لأرسطو، إنما استفاده الفارابي وابن سينا من بعض الحكماء الأقدمين الذين قالوا بأن الخير والشر خاصة والأضداد عامة لا تصدر عن سبب واحد.
وإذا عممنا هذا الفرض وصلنا إلى وضع قاعدة منفردة، وهي أنه لا يصدر مباشرة وبلا وسيط عن السبب البسيط المفرد إلا أثر فرد. وقد أظهر ابن رشد أنهم أخطئوا في نسبة هذا الرأي إلى أرسطو، وقد نشأ ذلك عن سوء فهم المعنى المراد لفكرة الوحدة في قول هذا الحكيم عندما وصف الكون بأنه وحدة أو مجموع حيوي صادر عن سبب أول مفرد.
ولم يتردد ميمونيد، الذي يرجع سائر نظريات ابن سينا إلى آراء المعلم أرسطو، في نسبة هذا الفرض إلى سواه. (راجع كتاب مرشد الحيران تأليف ميمونيد القسم الثاني الباب الثاني والعشرين). وقد انتشرت هذه الهفوة في المدارس المسيحية خلال القرون الوسطى، ومن أثر ذلك أن نسب ألبرت الكبير هذا الفرض إلى أرسطو وسائر تلاميذه، واتباع تعليمه ما عدا حكيما واحدا قال إنه يعتقد بصدور شيئين من وحدة بسيطة، هما المادة العامة والشكل العام.
وكان ابن سينا يقول كغيره من الفلاسفة بامتداد إحاطة علم الله بالموجودات العامة لا بالأشياء الخاصة، والحوادث التي تقع مصادفة، وينسب إلى نفوس الدوائر العلم بالجزئيات، وإنه بواسطة تلك النفوس يتصل علم الله بالموجودات الأرضية، ويفرض ابن سينا أن لنفوس الدوائر خاصة التخيل التي تلم بأشياء لا حد لها، لأنه لا يقدر أن لا ينسب العلم بالحوادث التي تقع مصادفة، والأشياء المفردة إما إلى عقول الدوائر، وإما إلى العقل الإلهي. إن الأشياء الخاصة المفردة الأرضية لها رد فعل على علتها القريبة وتخترق صورها الدوائر بالتدريج، فتتصل شيئا فشيئا من علة إلى علة إلى أن تصل إلى السبب الأول، وقد أثبت لنا ابن رشد أن هذا الفرض خاص بابن سينا، وقد رد ابن رشد عليه.
يقول ابن رشد إن الخيال متصل بالحواس ومعتمد عليها، وحيث إن الحواس لا يمكن نسبتها إلى الأجرام السماوية حينئذ لا تمكن نسبة الخيال إليها، وهو يبيح أن ينسب الإدراك للأجرام السماوية، وطبيعة هذا الإدراك كطبيعة إدراك المتفنن الذي يبدع تأليفا أو صورة أو عمارة أو تمثالا قبل إبرازها من حيز الفكر إلى حيز الوجود.
ولكن هذا الإدراك أو الخيال يلم بالأمر المقصود إنجازه إلماما عاما أو نوعيا لا إلماما تفصيليا، لذا لو فرضنا أن للأجرام السماوية خيالا، فلا يمكن أن يكون لهذا الخيال علاقة بالموجودات الخاصة الأرضية، ويظهر مما سبق في الأمثال والإيضاح، أن ابن سينا أراد بفرضه أن يقرب بين السبب الأول وبين الموجودات الأرضية، وقد حاول هذا التقريب بإيجاد حلقات متتابعة يمكن بواسطتها اتصال القوة المجردة بسائر الموجودات المادية، ولا يخفى أن ابن سينا حاول في مواطن شتى أن يحيد عن اتباع آراء أرسطو، ولكن ابن رشد كان على العكس لا يريد إلا تثبيت سلطة أرسطو الفلسفية ومناصرة آرائه ومبادئه وتحقيق فكره؛ لذا لم يعلق أهمية كبرى على ما كان خاصا بابن سينا من النظريات، وكثيرا ما اشتهر امتهانه لها. (راجع مرشد الحيران الجزء 1 ص231 ملحوظة 10 تأليف ميمويند). أما نظرية النفس فقد عالجها ابن سينا بعناية فائقة، وقد نقل بالدقة تقسيم أرسطو للمواهب النفسية ونظرية العقل المؤثر والعقل المتأثر، وأضاف إلى آراء أرسطو ونظرياته شروحا وملحوظات ذات قيمة، فقد تبعه حكماء العرب في التقسيم القياسي لمواهب النفس البشرية الذي وضعه وسار على سننهم فلاسفة القرون الوسطى المدرسيون وبعض الحكماء المحدثين وهذا هو التقسيم القياسي الذي وضعه ابن سينا. (1)
الخواص الظاهرة أو الحواس الخمس. (2)
الخواص الباطنة. (3)
Halaman tidak diketahui