Kajian dalam Sejarah Sains di Kalangan Arab
بحوث في تاريخ العلوم عند العرب
Genre-genre
فانقشع وهم اليقين والضرورة، وأدركنا أن كل نظرية علمية مهما كانت عظيمة هي مجرد محاولة ناجحة، تفتح الطريق أمام محاولة أخرى أنجح وأكفأ، ولن تصل نظرية إلى سدرة المنتهى، ولن تختم مسار البحث العلمي الذي سيظل مفتوحا إلى أبد الآبدين أمام محاولات أنجح وتقدم أعلى.
ولئن كانت هذه الثورة العظمى قد تمت بفضل نظريتي النسبية والكوانتم اللتين هما نظريتا الفيزياء البحتة، فإن الرياضيات المتربعة على عرش النسق العلمي لا تبقى في عليائها بمنجاة عن مد هذه الثورة؛ ليس فقط لأن الحدود تتماوه في منطقة ما بين الفيزياء البحتة والرياضيات، كما تتماوه الحدود بين النار ومجمرها، ولكن أيضا لأن هذه الثورة العظمى قد بوركت بانضمام فيالق الرياضيات البحتة إلى ركابها الثائر. أولا: باستقامة عود - أو بالأحرى نسق - الهندسات اللاإقليدية، وبعد أن كان يظن أن إقليدس قد اكتشف الحقيقة الهندسية للكون، وأن الله تعالى خلقه بموجب الهندسة الإقليدية، أدركنا أن هندسة إقليدس مجرد بناء منطقي بارع، لا سيما بعد أن اتخذ أينشتين من هندسة ريمان هندسة تطبيقية للواقع الفيزيائي. فلحق إقليدس بمصير نيوتن، وثانيا: بإثبات الخاصة التحليلية للقضايا الرياضية. بمعنى أنها جميعا دوال منطقية لها الصورة «أ هي أ»، ولا شأن لها بالإخبار عن الواقع، ولا تحمل فتوى جديدة عنه. فانتهينا إلى أن الرياضيات علم صوري، يعني بصورة التفكير دونا عن مضمونه أو محتواه أو فحواه، الذي هو من شأن العلوم التجريبية.
15
والآن، في تناولنا لأطروحة من أطروحات تاريخ العلم، ما الذي نستفيده على وجه التحديد والتعيين الدقيق من هذه الثورة العلمية العظمى؟ خصوصا وأن دروسها وعبراتها لا أول لها ولا آخر. يهمنا أن الصورة الكلاسيكية التي استمرت حتى نهايات القرن التاسع عشر عن العلم بوصفه بناء مشيدا من حقائق قاطعة اندثرت تماما، وأصبح العلم نسقا من فروض ناجحة. صلب هذه النسقية صميم خصائصها المنطقية تعني التقدم المتوالي والصيرورة المستمرة. العلوم التجريبية تمثيل عيني لهذا.
16
ورب قائل: «إن الرياضيات - بحكم خاصيتها التحليلية - تتمتع بثبات منطقي مطلق فوق حدود الزمان والمكان.» بمعنى أن القضية الرياضية - إن صحت - فهي صادقة دائما وأبدا مهما استجدت خبرات ووقائع جديدة؛ لأنها لا شأن لها أصلا بالواقع والوقائع، وهذا صحيح. القضية الرياضية في حد ذاتها - بخلاف القضية الإخبارية التجريبية - ثابتة، ولكن العلم الرياضي - الذي كان وسيزال يستقطب أحد العقول وأكثرها صلابة ومثابرة - لا يقف في مساره وفي صيرورته ... في تاريخه بمعزل عن مقولة التطور والتقدم، إن لم تكن الرياضيات بحكم طبيعتها الدقيقة الصارمة أكثر من غيرها تجسيدا للتقدم والإنجاز التطوري الممنهج المقنن، فنجد إشكاليات رياضية أعيت أعاظم العقول في الأزمنة الغابرة، وأفردوا لحلها المجلدات الضخمة، أمكن - فيما بعد بحكم التقدم والتطور - حلها بمعادلة أو اثنتين. •••
وأيا كانت الأهداف والمرامي، فلكي تثمر الجهود المبذولة، لا مندوحة عن وضع هذا الطابع التقدمي في الاعتبار، وإذا كنا نهدف - صراحة - إلى إثبات دور الحضارة العربية الإسلامية في خلق قصة العلم المثيرة الرائعة، تفنيدا لخرافة راجت رواجا، ولم ينج منها نفر من أخلص مفكرينا، مؤداها أن العلم على العموم ثم الرياضي والفيزيائي منه على الخصوص نبتة الحضارة الحديثة وصناعة غربية خالصة، فإن ذلك الهدف أو هذا التفنيد يكتسب أهمية قصوى في مرحلتنا الراهنة لسبب ذاتي هو مواجهة الهيمنة الغربية التي تصاعدت أخيرا، وهدف موضوعي هو الفهم السليم لمسار العلم الذي تعاقبت على خلق فصوله الحضارات المختلفة، وجلو حقيقته بوصفه ميراث الإنسانية جمعاء وإمكانية للعقل البشري من حيث هو بشري.
وفي محاولات تحقيق هذا الهدف، وبوضع الطابع التقدمي للعلم في الاعتبار، يتبدى لنا عقم الجهود التي تحاول تحقيقه بالوقوع في لجنة منطوق النظريات، فتستنفد الجهد في البحث عن تشابه ما بين منطوق نظرية حديثة وقول قديم لأحد أسلافنا ... لا بد من تجاوز هذا وإثبات الذات في صلب الحركية والصيرورة وتوالي حلقات قصة العلم وانتقاله من مرحلة لأخرى. هذه الصيرورة لها بعد منطقي خالص هو أصوليات المبادئ المنهجية التي هي القوة المثمرة الولود من وراء كل تغير، ولكن لها بعد آخر متعين، هو البعد التاريخي الذي يجسد مسار هذه الحركية، ويقع في مجاله موضوع هذه الورقة.
إن البعد التاريخي - موضوعنا - لا بد وأن يضع في اعتباره الظروف الحضارية للمرحلة المتعينة، وقبل ثورة وسائل الاتصال المعاصرة لم يكن البعد التاريخي ينفصل عن البعد الجغرافي، في تاريخ العلم وفي تاريخ سواه. بمعنى أن الموقع الجغرافي كان يحدد الدور التاريخي - كما أشرنا بشأن قرطبة - وبالمثل استطاعت بغداد أن تكون عاصمة المجد الإسلامي والعربي ، وأن يتحول الإسلام فيها من عقيدة وشريعة أو حتى نظام دولة إلى مرحلة حضارية خفاقة، بسبب موقعها الفريد على نهر دجلة. يهمنا الآن أن منه إلى شط العرب ثم الخليج العربي نصل إلى الهند التي أهدت البشرية أصول الحساب، وأعظم العطايا طرا رموز الأرقام الهندية والغبارية التي وصلت إلى أوروبا بفضل العرب، أو بفضل ليوناردو فيبوناسي
Fibonnaci
Halaman tidak diketahui