Sejarah Ilmu Sastra
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
Genre-genre
هو أول ديوان نشره فيكتور هوكو في الشعر، وافتتحه بمقدمات نثرية بليغة ترجمنا إحداها لمناسبتها المقام، ومنها يعلم أن تعبيرنا عن الأود والبالاد بالمدائح والمطربات فيه تساهل؛ لأن قصائد هذا الديوان لا تقتصر على المدح والغزل، بل فيها أيضا الرثاء والهجاء ممزوجة بعضها ببعض.
قال فيكتور هوكو:
هذا ديوان في الشعر الموسيقي (الغرامي)، فيه نوعان من أفانين الشعر أحدهما «أود» ويدخل تحته جميع المنظومات المشتملة على إلهامات دينية أو مطالعات قديمة، أو المترجمة عن واقعة عصرية، أو عن تأثر شخصي. والثاني «بالاد» وهو نوع مخالف للفرع المتقدم، ومنظوماته إنما هي مسودات فن هوائي، وهي عبارة عن ألواح مصورة وخيالات وأحلام ومناظر بديعة، وحكايات دارجة وأحاديث خرافة وأساطير ووسوسة، والقصد من نظمها إعطاء فكر عن ماهية الأشعار والقصائد التي نظمها في القرون الوسطى شعراء التروبادور المتقدمون الذين هم رواة الشعر في عالم النصرانية. وكانوا لا يملكون من الدنيا إلا السيف والرباب، ويطوفون على الأمراء في قلاعهم وقصورهم، ويتضيفون على موائدهم وينشدونهم الأشعار استجداء لإحسانهم. ولو لم يكن في التعبير فخفخة لقال المؤلف: بأنه وضع روحه في الأود وتخيله في البالاد، على أنه لا يعبأ بتقسيم الشعر إلى أنواع وأفانين، ولا بتصنيفه أصنافا متباينة؛ لأن حقيقة الشعر واحدة مهما اختلفت عروضه وأدواره؛ ولذا فهو لا يبالي باعتراض من يزعم أن ما ورد في هذا الكتاب ليس هو في شيء من الأود ولا من البالاد - كما قيل عن شعر المتنبي والمعري؛ لأنهما لم ينسجا على منوال شعر الجاهلية، ولا حافظا على الأساليب القديمة - فدعهم يقولون ما يشاءون ويسمونها بما يشتهون من الأسماء.
فإن العبرة للمسمى لا للاسم، ونسمعهم يتشدقون كل يوم بصلاحية الفن الفلاني من فنون الشعر، وأوفقية الفن الآخر، ويقولون بمحدودية هذا وبوسعة ذاك.
ويمنعون في فن التراجيديا ما يجيزونه في فن الرومان، ويسمحون في نوع الغناء بما يحظرونه في نوع الأود ... إلخ، فمن سوء حظ هذا أنه لا يفهم شيئا مما يقولونه، ويفتش في كلامهم عن المعاني ولا يرى فيه إلا التشدق بالألفاظ، فالذي يظهر له أن ما هو في الحقيقة ونفس الأمر جميل صحيح يكون جميلا وصحيحا في كل مكان، وما كان دراماتيقيا؛ أي فاجعا في قصة من القصص يكون دراماتيقيا أيضا في رواية ممثلة على المرسح، وما كان موسيقيا؛ أي غراميا في دور (قويله) من أدوار الشعر يكون موسيقيا أيضا في سمط (سنروف) من أسماط الشعر المنظوم أسماطا أسماطا وأغصانا أغصانا، والحاصل التمييز الوحيد الحقيقي في محصولات الفكر إنما هو التمييز بين الحسن والقبيح، والفكر أرض مخصبة لم تفتلح تبغي محصولاتها النماء فيها بحرية، أعني حسب التصادف بدون أن تصنف صنفا صنفا، أو تجعل صفا صفا في أحواض مصنعة كما جعلت الأزهار في البستان الصناعي، أو كما جمعت نوابغ الكلم في رسائل البيان، وقيدت المنتخبات في سفائن الأشعار.
ومع ذلك فلا ينبغي لك أن تظن هذه الحرية مستلزمة للتشويش، كلا بل هي بالعكس باعثة على حسن الانتظام. وإيضاحا لذلك نقول: تأمل في الحديقة الملوكية التي في قصر فيرسايل بالقرب من باريس تجدها في غاية من التسوية، والتعشيب، والتقضيب، والتنظيف، والجرف، والكري، والترميل مشتملة على كثير من الشلالات الصغيرة، والبحيرات الصغيرة، والروضات الصغيرة، وفيها من التصاوير النحاسية ما هي على هيئة آلهة البحر، نصفها سمكة والنصف الآخر إنسان، وهي سابحة على الماء، ومتجمعة فوق بحار صناعية جلبت من نهر السين بصرف النفقات الباهظة، وفيها من تماثيل المرمر والرخام ما هو على صورة آلهة اليونان والرومان، وهم يغازلون حور الجنان، ويعزفون بالمزامير والعيدان، وقد أحدقت بهم أشجار السرو العالية على هيئة رمزية، وترى شجر اللبان في شكل أسطواني، وشجر الليمون في شكل كروي، وشجر الآس في شكل منحرف، وأشجارا كثيرة لم تكن في أصل خلقتها الطبيعية على أشكال منتظمة، ولكنها اقتضبت بمقص البستاني وهندمت بآلاته الزراعية، ثم قايس بفكرك بين هذه الحديقة المصنعة وبين غابة عذراء من غاب العالم الجديد تجد فيها أشجارا ونباتات على سائر الأشكال من غياض، وآجام، وآيك، ودوح، وكلاء،
26
وحشيش، وعشب طويل، ونبات متعرش بلبالب وشوك وأوراق مختلفة، وفيها مروج نضرة كأنها بين تلك الأشجار الصلبة الشامخة شوارع، أو طرق واسعة لا يسقط فيها نور الشمس، ولا يمتد ظل الشجر إلا على بساط من الخضرة، ويطير في تلك الغابة ألف نوع من الطير بألف لون من الريش، وتجري فيها أنهار كبيرة تقتلع الأشجار وتسحب جزرا مكللة بالأزهار ، وتتدفق المياه الجارية من مكان أعلى إلى مكان أسفل فتحدث الشلالات، ويتخلل الضياء بين تلك المياه الساقطة فينقلب إلى قوس قزح، ويتألف من هذا الهدير والخرير والتغريد والزئير ألحان وحشية لا مثيل لها؛ فنحن لا نقول أين العظمة؟ أين العزة والجبروت؟ أين الجمال الحقيقي؟ بل نسأل فقط أين الانتظام وأين عدم الانتظام؟ فهناك مياه حبست وحولت عن مجراها الطبيعي؛ لتتدفق من ينابيع صناعية وتركد في حياض محتفرة ثم تنتن فيها. وهناك أيضا آلهة تحجرت، وأشجار قلعت من الأرض التي أنبتت فيها، ونقلت من الإقليم الذي ربيت فيه، وحرمت من شكلها الطبيعي، ومن ثمارها الطيبة، وأكرهت على تحمل منجل البستاني يفعل فيها حسب أهوائه ومشيئته، ويدبرها كيف دار حبل استقامته، فالانتظام الطبيعي مضاد، معكوس، مقلوب، مخروب.
وأما هنا فبالعكس كل شيء خاضع لناموس لا يتغير، وفي كل شيء آية على وجود إله حي،
27
Halaman tidak diketahui