Sejarah Ilmu Sastra
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
Genre-genre
فالفرنساويون أخذوا لسانهم من قوم ليس لهم به قرابة جنسية، وسموا أنفسهم باسم قبيلة أجنبية من قبائل الجرمان الذين خرجوا من ألمانيا، وتغلبوا على فرنسا، وأسسوا فيها حكومتهم وسموها باسمهم، وتناسوا اسمها القديم وهو أرض الغول واسم سكانها الغولوا.
ولما دخل العرب فرنسا كان أهلها يتكلمون لغات كثيرة همجية غير مدونة؛ إذ كانت القراءة والكتابة باللسان اللاتيني الفصيح في فرنسا، وفي عموم أوروبا الغربية بما فيه إنكلترة. فمن تلك اللغات التي لم تدون حينئذ لغة الباسك، وكان يتكلم بها قبائل الواسكون سكان البلاد في قديم الزمان، ومنهم سميت إكيتانيا بأرض غسكونية، ولم يزل من المتكلمين بلسان الباسك نحو 120000 في فرنسا، ونصف مليون في إسبانيا. ومنها لغة بروفانسال، ولم يزل لها عدة لهجات (باتوا) يتكلم بها أهل القرى في الولايات الجنوبية وفي ضواحي مرسيليا، ومنها لغة بريتون وهي بقية لغة القلت أو السلت، ولم يزل من المتكلمين بها نحو مليون ونصف في شبه جزيرة بريطانيا غربي فرنسا، ومنها لغة فلاماند وهي نوع من الألمانية ولم يزل يتكلم بها نحو 165000 من سكان الحدود الشمالية. وغير ما ذكر من اللغات التي انقرضت بدون أن يبقى لها أثر في اللغة الفرنساوية كلغة أكيتانيا، أو بقي لها أثر فيما يسمونه باتوا من لغات أهل القرى؛ إذ لكل ناحية باتوا مخصوصة بها لا يفهمها أهل الناحية الأخرى بخلاف اللغة العربية الدارجة؛ فإن المرسيني، والإسكندروني، والبيروتي، واليافي، والإسكندري، والطرابلسي، والتونسي، والجزائري، والطنجي يفهم بعضهم بعضا بأدنى تأمل وأقل فكر مهما تحرفت كلماتهم، وكذا أهل المدن في داخل تلك السواحل، فلا يتعذر عليهم فهم لهجات بعضهم بعضا مع أنه لم يحصل عناية ولا همة في نشر اللغة العربية وتعليمها، بل الهمم مصروفة في تلك البلاد العربية لنشر غير العربية من اللغات الأعجمية كالفرنساوية، والإنكليزية، والطليانية ، والتركية. فبينما كانت فرنسا متفرقة الكلمة لغة وسياسة إذ دهما العرب واستولوا على أكثرها. •••
لما جلس الوليد بن عبد الملك بن مروان (ولد 48-96ه) سادس الخلفاء الأمويين والثالث من آل مروان، كانت ولاية إفريقية ملحقة بولاية مصر ، والعامل عليهما عبد العزيز بن مروان، فلما أتاه الحسن بن النعمان بالغنائم التي غنمها من البربر طمع فيه، فشكاه الحسن بن النعمان إلى الوليد، ففسخ عن مصر إفريقية وولاها موسى بن نصير، وكانت مملكة القوط في اختلال من استبداد رودريك بالأمر، وتغلبه على طليطلة عاصمة الملك، وظلمه في قبائل الغوط وتسلطه على أعراض بناتهم، فاستجار الإسبانيول بالعدالة الإسلامية واغتنم موسى الفرصة، وكتب للخليفة يستأذنه في فتح بلاد أطيب هواء من الشام، وأخصب أرضا من اليمن، وأعطر زهرا من الهند. وبعد استحصاله على إذن الخليفة سير طارق بن زياد بجيش من البربر، فاجتاز بحر الزقاق على المراكب من أضيق محل فيه، ونزل بساحل أوروبا عند صخرة هائلة كأنها الجبل فسميت باسمه، وقيل لها: جبل الطارق وقيل لمجمع البحرين المكتنفين بها: بوغاز جبل الطارق (جبل التار)، وكان ذلك سنة 92 للهجرة، وسنة 710م، وألف عبد الحق حامد مستشار سفارة لوندره رواية تشخيصية باللسان العثماني سماها طارق، وأبدع في نظمها ونثرها، وبين فيها هذا الفتح المبين، فانتصر طارق في محاربة وادي ليتة بالقرب من جزيرة قادس، ولحقه موسى بن نصير بجيوش من العرب وأشراف قريش، وفتحوا مالقة وإشبيلية، وهي على شاطئ الوادي الكبير، وقرطبة، وطليطلة عاصمة ملوك القوط، وهي على نهر باجة المسمى بنهر تاج، وظلوا سائرين حتى بلغوا أسفل جبال البيرينة الفاصلة بين إسبانيا، وفرنسا وفتحوا أستورغة، وهي في أسفل تلك الجبال. وهذه أول مرة رأى فيها القرشيون جبال البيرينة، وهم تحت قيادة موسى بن نصير وسموها «جبل البرنات» بكسر الراء؛ هذا من جهة الغرب.
وأما من جهة الشرق فسير الحجاج والي العراق جيشا عقد لواءه لابن عمه محمد بن القاسم الثقفي تجاوز به نهر السند وفتح الهند، وسير جيشا آخر تحت قيادة قتيبة بن مسلم تجاوز به نهر جيحون من خراسان، وفتح ما وراء النهر وتقدم حتى بلغ كاشغر، وأخذ الجزية من ملك الصين. وأصبح ما بين المشرق والمغرب تابعا للوليد، وهو منعم في قصره لم يخرج في غزوة، واستوثقت له الأمور ولم تتغلل عساكره المنصورة إلا في بلاد الترك، وهي في قيادة الحجاج وفي بلاد الروم، وهي في قيادة أخيه مسلمة بن عبد الملك. وبلاد الترك هي تركستان وما بين بحر الخزر، وبحر خوارزم (بحيرة أرال) وما في شمالها من أراضي سيبريا، وكانت في حكم خاقان الترك كما هي اليوم في حكم قيصر الروس. وبلاد الروم هي بر الأناضول والروم إيلي، وكانت تابعة لقيصر الروم؛ أي لدولة الرومان الشرقية كما هي اليوم من أجزاء الممالك العثمانية، ومن حسن حظ الوليد توفقه لبناء المسجد الأقصى، ومسجد المدينة، وجامع دمشق، وفي كل بنيان منها دليل شاهد على حضارة ذاك الزمان، وترقي أهله في الصنائع والعمران.
ثم جلس على كرسي الخلافة أخوه سليمان (54-99ه) ابن عبد الملك بن مروان، وجازى قتيبة بن مسلم فاتح الشرق بما جازى به أخوه الوليد فاتح الغرب، وهو موسى بن نصير. وهكذا كانت الخلفاء تجازي فاتحي الممالك الإسلامية بأشنع مما جوزي به سنمار، فماتوا منكوبين قهرا لا يملكون شيئا مما جنته أيديهم من أموال الغنائم. وزادت نكبة موسى بن نصير بقتل ولده عبد العزيز مكافأة على حسن إدارته في ولاية إشبيلية. وكان موسى متأهبا للإغارة على الأمم التي بين جبال البيرينة وخليج القسطنطينية، وإدخالها جميعا في الإسلام كما دخلت أمم آسيا وأفريقية ولم يكن هذا الأمر على موسى بعزيز لوجود الاختلاف والتفرقة بين أمراء الإفرنج، وعدم النجابة في ملوكهم الملقبين بالبطالين، ولكن سوء تدبير الأمويين صده عن هذا العمل العظيم، ومكن الإفرنج في فرنسا مما لم يتمكن منه القوط في إسبانيا من الائتلاف والاتحاد وصد هجمات العرب.
وبسوء تدبير الخلفاء أيضا وعدم غرسهم المعروف في أهله، وعدم مكافأتهم المخترعين، والمكتشفين كما كانوا يكافئون الشعراء والمغنيين التحق البعلبكي مخترع النار اليونانية بقيصر الروم ، وأسر إليه كيفية عمل هذه النار، فأمر باصطناعها في معامل القسطنطينية برا وبحرا؛ لأن مسلمة بن عبد الملك أخا الخليفة اخترق بعسكر الإسلام بر الأناضول وعبر من مضيق الدردنيل المسمى «بوغاز چنا قلعه»، وطلع لأوروبا واتبع ساحل بحر مرمرة حتى وصل أسوار القسطنطينية، ووضع الحصار عليها كما حاصرها من قبل سفيان بن عوف الأزدي في خلافة معاوية سنة 48ه، واستشهد إذ ذاك 30 ألفا من أهل الإسلام وفيهم خالد أبو أيوب الأنصاري، ولم يزل ضريحه يزار في الحي المنسوب إليه على ساحل الخليج المسمى بقرن الذهب، وبينما كانت عساكر مسلمة تحاصر من جهة البر كان أسطول الإسلام المجهز في سواحل سورية ومصر من خشب أحراج لبنان راسيا في مياه القسطنطينية، فالذي منع العرب من فتح القسطنطينية هي النار اليونانية؛ لأنها أضرت بعسكر المسلمين وأحرقت مراكبهم، وكانت عدتها ألف وثمانماية مركب، والكبار منها عشرون مركبا أمام عاصمة الروم كأنها ألغاب من الصواري والكماة فيها كالأسود، فاحترقت بأجمعها ولم يعد منها للإسكندرية سوى خمسة مراكب؛ فالمخترع لهذه النار السيالة - على ما ذكره المؤرخ الإنكليزي جيبون - هو رجل من بعلبك يسمى كالينيقوس كان يصطنعها من النفط، والكبريت، وفحم الصنوبر بطريقة مخصوصة ومقدار معين، فكانت تشتعل في الماء والهواء، وتدمر ما تنصب عليه؛ ولذا سميت أيضا النار البحرية.
وما زال العسكر في الحرب يعولون عليها ويتقون ضرها إلى أن اكتشف العرب على ما يظن بارود المدافع بإضافتهم إلى مسحوق الفحم والكبريت ملح البارود، ونقله عنهم في القرن الثالث عشر للميلاد روجر باكون الإنكليزي (1214-1294م) وغيره من كيماويي الإفرنج، واشتهر استعمال البارود في المدافع سنة 1346 في المحاربة التي وقعت بين فرنسا وإنكلترة في قريسي، وهي في شمال باريس على نهر صوم، فكان ملك الإنكليز إدوارد الثالث يقود العساكر هو وابنه البرنس دوغال، وكانوا مسلحين بالقوس والنشاب ومعهم بعض المدافع التي ظهر استعمالها في ذاك الوقت، فغلب الإنكليز مع قلة عددهم بسبب الانتظام والترتيب العسكري، فهذه أول محاربة في أوروبا استعملت فيها المدافع، ولكن المظنون أن العرب استعملوها قبل هذا التاريخ أي في أواخر القرن الثالث عشر للميلاد في محاصرتهم جزيرة صقلية سنة 672ه؛ وعلى كل فلا ندري كيف ترك هذا الكيماوي البعلبكي خدمة الخلفاء الأمويين والتحق بقيصر الروم، وفي الدولة الأموية في ذاك العصر من يحرص على الكيمياء ، وعلى تفرعات مسائلها مثل خالد وجعفر وجابر، ومن أخذ عنهم.
توفي سليمان بن عبد الملك مرابطا في مرج دابق من أرض قنسرين وأخوه مسلمة منازل القسطنطينية، ثم جلس عمر (61-101ه) ابن عبد العزيز بن مروان، وأبقى ابن عمه مسلمة على حصار القسطنطينية، وتجاوزت عساكر الأندلس إلى وراء جبال البيرينة من أرض فرنسا ليحققوا آمال موسى بن نصير في الذهاب برا إلى القسطنطينية. وكانت مدينة نربون تفوق مرسيليا في العمران، وتتصل في البحر الشامي بترعة طولها ثماني كيلومترات، فتدخلها المراكب كما تدخل اليوم حاضرة تونس الخضرا، فحاصرها علقمة بجيوش المسلمين من البر والبحر، وامتد الحصار سنتين لتحصنها بالمستنقعات وبالقلاع الرومانية.
ثم جلس يزيد (76-105) ابن عبد الملك بن مروان تاسع الأمويين وسادس المروانيين، وفي أيامه دخل علقمة بالسيف إلى نربونه فرممها وزاد في تحصينها، واتخذها مركزا لحركاته العسكرية في فرنسا وصار العرب يسمونها أربونة، وافتتحوا ما حولها من القرى والقصبات التي في أرض سبتمانية، وظلوا سائرين حتى دخلوا أيالة لانغيدوق وألقوا الحصار على مدينة طولوز (طلوشه)، وكانت إذ ذاك مقر دوق أكيتانيا المسمى أود، فخرج لهم الدوق بجيوشه من الويزي قوط، والواسكون، والفرانك واقتتلا قتالا شديدا قتل فيه كثير من الجانبين، وكان علقمة يستشيط غيرة وحمية ويكر بنفسه ويشجع الأبطال بكلامه، فأصابه سهم قضى به نحبه وافترق الجمعان، وكان ذلك في شهر مايس سنة 721م وسنة 103ه، فاستلم قيادة الجيش عبد الرحمن وكان من ذوي الحمية والاقتدار، ومن أصحاب عبد الله بن عمر، وانقلب راجعا إلى ضواحي نربون وإلى مصب نهر الرون.
وفي سنة 105ه أو سنة 724م توفي يزيد بن عبد الملك حزنا على حبابة، فجلس على كرسي الخلافة أخوه هشام (70-125ه) ابن عبد الملك بن مروان، وعين واليا على الأندلس عنبسة فأراد الأخذ بثأر سلفه علقمة، وتجاوز بالعساكر جبال البيرينة ونزل أيالة سبتمانية وهي اليوم ولاية البيرينة الشرقية، وولاية أود وما جاورها، وافتتح مدينة قرقسون وسموها «قرقشونة»، وهي في غرب نربون وعلى سكة الحديد الواصلة بين مرسيليا، وطولوز، وبوردو، وتقدم عنبسة بالعسكر فجاءه أهل مدينة نيم ، وهي في الشمال الغربي من مرسيليا وطلبوا منه الأمان، فأمنهم ودخل مدينتهم بالصلح وسموها نيمة، وأخذ أبناء أعيانها رهنا على طاعة آبائهم وحفظهم في برشلون (برشلونة)، وهي على ساحل البحر الشامي في أيالة قطالونيا المشرفة عليها جبال البيرينة، وتقدمت جيوش عنبسة على ضفاف الرون حتى دخلت مملكة برغونية وغزت مدينة أتون سنة 107ه، وسنة 725م، وفي هذه السنة قتل عنبسة في إحدى المعارك، وبلغ ما غنمه المسلمون في زمن ولايته ضعف ما غنموه في السنين السابقة من بلاد فرنسا، واستلم قيادة الجيش بعده حديثة ورجع بالعسكر إلى الحدود الإسبانية، فلاقى بها المدد الذي بعث به المرابطون في الأندلس فكر بهم على بلاد الإفرنج، وألقى الرعب في قلوب أهلها، وأوغل في الأرض الشمالية وفي مملكة برغونية.
Halaman tidak diketahui