وافت ليلة «سورى» (1) فأوقدوا نارا عظيمة جريا على العادة القديمة فطارت شرارة واشتعل سقف السراى واحترقت كلها مرة أخرى، وذهب الأمير السديد أيضا فى الليل إلى جوى موليان، وأمر الوزير كذلك فأخرج الخزائن والدفائن كلها فى تلك الليلة وأرسلها إلى جوى موليان على يد الثقات. فلما طلع النهار تبينوا أنه لم يغب شىء سوى فنجان (2) من الذهب، فأمر وزيره بفنجان من خالص ماله كان وزنه سبعمائة مثقال وأرسله إلى الخزانة، ومنذ ذلك الحين بقى ذلك الموضع صحراء وتخرب، ومن ثم صارت سراى الملوك فى جوى موليان. ولم يكن فى بخارى موضع أو منزل أفضل من مقام جوى موليان النفيس الشبيه بالجنة، لأن كل أماكنه قصور وحدائق وخمائل وبساتين وأمواه جارية على الدوام تتلوى فى مروجه، وكانت تتخللها كذلك أنهار تجرى فى ألف اتجاه نحو المروج والرياض وكان كل من يشاهد هذه الأمواه الجارية يحار من أين تأتى وإلى أين تمضى. وقد خططها نوادر أساتذة العصر والمعماريون على صورة قال فيها أحد السراة: بيت:
وأكثر الأنين لاضطراره إلى مغادرة هذا الروض
جاء ماء الحيوان إلى الخميلة ومضى
باكيا
ثم إن ما بين باب ريكستان إلى «دشتك» (5) بأجمعه كان دورا منسقة منقوشة ممتازة مشيدة بالأحجار ومضايف مزدانة بالصور، وحدائق كبيرة غناء
آب حيوان بچمن آمد وبا شيون رفت
نالهها كرد كه مىبايد از اين كلشن رفت
Halaman 47