وفى فصل الشتاء وهو وقت غلبة الكفار، كان يتجمع هنالك من كل قرية جمع غفير للغزو، وينزل كل قوم برباطهم، وكان أهل بيكند جميعا تجارا يتجرون مع الصين ويركبون البحر وكانوا أغنياء جدا وقد لقى قتيبة بن مسلم عنتا شديدا فى الاستيلاء عليها لأنها كانت فى غاية الحصانة، وكانت تسمى «المدينة الصفرية» «1». وهى أقدم من مدينة بخارى، وقد اتخذها كل ملك فى هذه الولاية مقاما له. وبين فرب «2» وبيكند بيداء رملية تمتد اثنى عشر فرسخا، وقد عمر أرسلان خان محمد بن سليمان فى أيامه بيكند وجمع فيها الناس، وبنوا عمارات جميلة. وبنى الخاقان لنفسه دارا بالغة التكاليف يمر بها نهر «حرام كام» ويتصل ببيكند مقاصب «3» ومستنقعات عظيمة يقال لها «باركين فراخ» «4» وتسمى أيضا «قراكول» «5» وقد سمعت من رجال موثقين أن مساحتها عشرون فرسخا.
وروى فى كتاب المسالك والممالك أنها تسمى «بحيرة سامجن» ويتجمع هنالك فائض نهر بخارى «6» ويوجد بها حيوانات مائية ولا يحصل من خراسان على كل هذا القدر من الطيور والسمك الذى يحصل عليه هنالك. وأمر أرسلان خان بحفر ترعة على حدة لبيكند بحيث يصل ماؤها إلى عين عماراتها، لأن ماء «حرام كام» كان يصل حينا وحينا لا يصل.
وتقع بيكند على جبل ولكنه قليل الارتفاع، وأمر الخاقان بحفر ترعة فى الجبل، وقد بدا الصخر فى غاية الاندماج بحيث لم توجد فيه ثغرة وحاروا فى هذا الأمر وبذلوا مقادير عظيمة من الزيت والخل ليلين الصخر، فلم يستطيعوا حفر أكثر من فرسخ واحد وهلك خلق كثيرون، فانصرفوا عن ذلك بعد بذل الكثير من الجهد والمال، وستذكر قصة فتح بيكند فى مكانها.
Halaman 37