Sejarah Babylon dan Assyria
تاريخ بابل وآشور
Genre-genre
وذكر ديودوروس في جملة أبنية بابل قصرين أو قلعتين بنتهما سميراميس على كل من طرفي الجسر الذي ابتنته على النهر، فقال بعد ذكر بنائها للمدينة والسور: إنها بنت الجسر على أضيق موضع من النهر في طول خمس إستادات، وقد رفعته على قواعد راسخة في جوف الأرض بين الواحدة منها والأخرى اثنتا عشرة قدما، وشدت حجارتها بأربطة من حديد وعقدت بينها بالرصاص المذاب، وزلمت نواحيها المعرضة لمجرى الماء بحيث لا تتمكن منها قوة الماء في اندفاعه، وسقفت الجسر بخشب السرو والأرز على جوائز من جذوع النخل، وكان عرض الجسر 30 قدما، وهو يعد في جملة أبنية سميراميس العظيمة. قال: ثم بنت على كل من طرفي الجسر قصرا يشرف على سائر المدينة، أحدهما ينظر إلى شطرها الشرقي والآخر إلى شطرها الغربي؛ لأن المدينة كانت منقسمة كذلك؛ إذ كان النهر يخترقها من الشمال إلى الجنوب، فكان هذان القصران بمنزلة مفتاحين لشطريها المذكورين، وكانا على أتم صنعة من الإحكام والزخرفة. والقصر الغربي منهما محيطه 60 إستادة، وذلك نحو 11 كيلومترا وحوله سور شامخ من الآجر، ويليه من الداخل سور آخر من اللبن، وعليه صور من الحيوان بديعة الصنعة رائعة الإتقان يتخيل الناظر إليها أنها حية، وطول هذا السور 40 إستادة، وثخنه يعادل 300 آجرة، وارتفاعه على ما ذكر أكتزياس 50 أرجية وهي نحو 90 مترا.
ثم وجد أمام هذا السور سور ثالث أعلى منه، وهو يلي القصر من حوله، ومحيطه 20 إستادة، وكان على الأسوار والأبراج التي عليها صور من الحيوان في غاية الإتقان وصورة مشهد صيد فيه كثير من أنواع الحيوان، وهناك صورة سميراميس على فرس وفي يدها حربة قد طعنت بها نمرا، وبمقربة منها صورة نينوس زوجها وفي يده رمح يطعن به أسدا، وكان للقصر باب ذو ثلاثة مداخل ووراءه غرف من الشبه.
وأما القصر الثاني فكان دون هذا في الرونق والسعة، ولم يكن له إلا سور واحد من الآجر محيطه ثلاثون إستادة، وهي نحو 5520 مترا، وكانت فيه تماثيل لنينوس وسميراميس وجماعة من رجال الدولة والعمال، وكلها من الشبه وتمثال يوبتير، وهو الذي يسميه البابليون بعلوس، وفيه فضلا عن ذلك صور معارك ومصارعات ومشاهد صيد متقنة الوضع محكمة الصنع، وبين القصرين نفق ينفذ إليهما من طرفيه احتفرته تحت النهر ارتفاعه 12 قدما، وسعته عرضا 15 قدما، وسقفه معقود بالأجر في ثخن أربع أذرع مطليا بالحمر المذاب، وثخن الجدار 20 آجرة وأتمته في سبعة أيام. انتهى كلام ديودوروس ببعض تصرف، إلا أن أكثر أهل التحقيق على أن باني القصرين هو بختنصر كما تدل على ذلك كتابة له على بعض الآثار لا سميراميس التي نسب إليها ديودوروس جميع ما سوى الحدائق المعلقة من عظائم بابل، وأخربة القصر الشرقي من القصرين المذكورين باقية إلى الآن، وفيه كانت وفاة الإسكندر.
وبقرب أخربة القصر الملكي آثار مسافتها مائة متر يظن الباحثون أنها الحمامات التي ذكرها أريانوس، ويليها على مقربة منها أخربة يقال لها تل عمران، وهيئتها أشبه بربوة مضلعة تضليعا أفقيا طولها من الغرب إلى الشرق ستمائة وخمسون قدما، إلا أنها أدنى ارتفاعا من سائر الروابي التي تجاورها وعليها بقايا أبنية من الآجر، وقد احتفر فيها بعض السياح، فوجدوا قبورا مكدونية في بعضها أكاليل ذهبية حملوها إلى قصور التحف في أوروبا، ومن الناس من يظن أن هذه الأخربة هي بقايا الحدائق المعلقة التي مر ذكرها، إلا أن ذلك ضعيف؛ أما أولا فلأنه لم ير اسم لبختنصر على بقاياها كما هو دأبه في كل ما بناه أن ينقش عليه اسمه، فلو كانت هذه من أبنيته لم يتركها غفلا مع ما هي عليه من العظمة والغرابة حتى كانت تعد من جملة عجائب الدنيا، وأما ثانيا فلأن مساحة الحدائق المذكورة كانت 400 يرد لكل جهة من جهاتها والأخربة المذكورة طولها 1100 يرد، فبين المساحتين تفاوت بعيد، والله أعلم، وفي جملة ما كشفه الباحثون في بابل أثر سور في جانب النهر قالوا إنه السور الذي بناه نبونيدوس ملك بابل، وقد ذكره بيروسوس فقال: إنه يمتد من طرف السور الشمالي الذي دخل منه قورش مدينة بابل إلى منفذ الفرات في الجنوب، وعليه فتكون مساحة السور مساحة مدينة بابل كلها، والمظنون أن بناءه كان لصيانة الجانب الأدنى من المدينة حين طغيان الماء، ووجدوا أيضا آثارا يقولون إنها من بقايا الجسر الذي ذكره هيرودوطس وديودوروس الصقلي، وقال قوم إنها من آثار الأسوار التي كانت لكل من القصرين على جانبي النهر.
وكانت بابل هذه مربعة الشكل طول كل جهة من جهاتها اثنان وعشرون كيلومترا، وذكروا أن أول من بنى عليها سورا بلأدان، إلا أن هذا الاسم يطلق على غير واحد من ملوك بابل يتعذر معرفة زمان كل منهم وتعيين المراد منهم هنا، وفيما قرره بعضهم أن المراد به مرودخ بلأدان الذي كان في خلال القرن الثامن قبل الميلاد، ويرد عليه أن معظم أهل التحقيق على أن نيوبت بيل، وهو السور الأوسط بنته سميراميس وكان عهدها في أواسط القرن التاسع، وعليه فيكون السور الأوسط قد بني قبل الأصغر وهو مخالف لمقتضى النظر؛ إذ السور إنما يبنى للإحاطة بالبلد، فإذا كان البلد محاطا بسور فلا معنى لبناء سور آخر في داخله، ولعله بين بلأدان الذي كان في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، فقد تحقق من الآثار أنه سور بعض مدن بابل والله أعلم، وكان السور المذكور يسمى نيوبت مرودخ؛ أي مسكن مرودخ وهو إله لهم مشهور، ولعل هذا أصل ما ذهب إليه بعضهم من نسبة بنائه إلى مرودخ بلأدان للملابسة بينهما في التسمية، وأثر هذا السور فيما يقال باق إلى الآن، وهو لا يحيط إلا بقسم صغير من أخربة بابل .
ثم إنا إذا تتبعنا كتابات الملوك يجتمع لنا عدة أسوار لبابل، وذلك أن بعضا منهم كانوا يكتبون أسماءهم على أبنية هذه المدينة ويباهون بأنهم قد شيدوا لها أسوارها وشحنوها بالقلاع الكبيرة كبختنصر؛ حيث يقول على بعض تلك الآثار: إني بنيت أميغور بيل ونيوبت بيل سوري بابل العظيمين، مع أن نيوبت بيل كان قبل بختنصر بزمن بعيد، ولعل الواقع أن أحدهم كان إذا رم في أحد الأسوار موضعا متهدما أو بنى شيئا من أبراجه سواء كان هو واضعه أم أصلح فيه شيئا، يدعي أنه هو بانيه استئثارا بالفخر والذكر الدائم، ونيوبت بيل المذكور هو السور الأوسط الذي يلي نيوبت مرودخ وبانيه في قول المحققين سميراميس على ما مر ذكره، ولا يبعد أن تكون هي أسسته وقد تكون رسمته فقط ثم أتمه الملوك من بعدها، وبيل اسم إله آخر لهم ومعنى التسمية مسكن بيل، وارتفاع هذا السور بإجماع المؤرخين كان نحو خمسين ذراعا، وثخنه ثماني عشرة ذراعا، ومحيطه 84000 ذراع، وارتفاع أبراجه مائة وعشر أذرع، ومساحة البقعة التي يحيط بها 383300 ذراع مربعة. ثم لما اتسع نطاق بابل وكثر سكانها لم يبق موضع لإقامة أبنية جديدة في داخل السور، فأخذ الناس يبنون في ربض المدينة حتى كثرت الأبنية والتفت من حول السور، فأخذ بختنصر في بناء سور جديد وراء الأول وسماه أميغور بيل ومعناه بعل يصون، وكان هذا السور أرفع كثيرا من السور الأوسط الذي هو نيوبت بيل، ولكن لا يتأتى لنا تحقيق قياسه لاختلاف أقوال المؤرخين فيه، والذي يتلخص من مجموع كلامهم أن ارتفاعه كان نحو تسعين ذراعا، وثخنه نحو 85 ذراعا وأن أبراجه كانت أعلى منه بمائة قدم، وكان مكتنفا بخندق من جهتيه؛ ولذلك لما سقط تكورت أنقاضه في ذلك الخندق وتبدد ما بقي منها على تمادي الزمان، فضل رسمه وعفا أثره ولم يبق دليل على موقعه الأصلي، وقد أورد هيرودوطس ذكره فقال: إن السور الكبير يحيط بالمدينة على شكل مربع في طول 120 إستادة لكل جهة من جهاته، ويسمى أميغور بيل ومساحة الأرض التي يحيط بها 513 كيلومترا مربعا. ا.ه. وكان لأميغور بيل مائة باب من الشبه، وهو ضرب من النحاس الأصفر لكل جهة من جهاته خمسة وعشرون بابا تغلق إذا خيف مهاجمة عدو للمدينة، وكان لهذه المدينة على ما رواه قوم من قدماء المؤرخين أسواق مستقيمة تمتد من كل من هذه الأبواب إلى ما يقابله في الجهة الأخرى، وبذلك انقسمت المدينة إلى 625 مربعا أو حواء في كل منها حدائق ومروج فسيحة فيها من جميع أنواع الأشجار المثمرة وأصناف البقول والرياحين، حتى قال أرسطاطاليس: إن صح أن تدعى بابل مدينة واحدة فالبيلوبونسية بأسرها تحسب بلدا واحدا. ا.ه. وقد اختلفت الأقاويل في محيط السور على أنحاء شتى، ولعل ما قاله فيه هيرودوطس هو الأصح لما أثبته كثيرون من أن القياس الذي ذكره له هيرودوطس، وهو أربعمائة وثمانون إستادة موافق تماما لما ذكره بختنصر؛ حيث قال: إني قست أميغور بيل سور بابل العظيم الذي لم يسبقني إلى بنائه ملك قبلي، فكان أربعة آلاف مهرغاغار وهي مساحة بابل. ا.ه. وكان أول افتتاح بابل على يد قورش، وهو الذي أخذ أبواب السور، وجاء بعده داريوس فخرب جانبا منه، ويظن أن خراب هذا السور تم في عهد أكزرسيس وأرتكزرسيس، ولم يبق في عهد الإسكندر إلا السور الثاني المسمى نيويت بيل، ولعل هذا سبب الخلاف الذي بين هيرودوطس ومن تأخر عنه من المؤرخين؛ لأن هيرودوطس لما قدم بابل كان أميغور بيل قائما، فما ذكره من قياس السور إنما كان لأميغور بيل، والذين جاءوا بعده لم يروا إلا نيويت بيل وهو أصغر منه، فهم إنما قاسوا غير السور الذي قاسه هيرودوطس.
هذا معظم ما اتصل إلينا وصفه من أبنية هذه المدينة وغرائبها وهي قديمة عهد بالخراب، فقد ذكر ديودورس أنها كانت في أيامه قد ناهزت الدروس. قال: وفي بابل عدة أبنية عظيمة من أبنية الملوك وغيرهم يتعذر علي وصف ما كانت عليه في إبان أمرها؛ لأنه لم يبق منها إلا بقايا شاخصة ورسوم ناقصة. ا.ه.
أما موقع بابل فقد اجتمع العلماء وأرباب البحث، على أنه المكان الذي فيه تلك الأخربة العظيمة الممتدة إلى مدى شاسع قرب مدينة الحلة على مسافة خمسة أميال منها على ضفة الفرات كما مر ذكره، ومن هذه الأخربة يستدل على ما كانت عليه سالفا من العظمة والأحكام، ومع اتفاقهم على أن هذه البقايا هي بقايا مدينة بابل المشهورة فإنما هو حكم استدلال وغلبة ظن لا يقين قاطع؛ إذ لم يجدوا هناك ما يقضي بالجزم ولم يجدوا مع ذلك ما يناقض هذا الاستدلال فصار قسما بمنزلة اليقين. ثم إن معظم هذه الأخربة واقع على ضفة الفرات الشرقية وليس على الضفة الغربية إلا جانب صغير، ومن الناس من يقول إن ملوك بابل في إبان أمرها كانوا قد حولوا النهر إلى وسط المدينة وزينوا جانبيه بالرصف المتقنة، فكان يقسم المدينة إلى شطرين متآزيين كما أسلفنا ذكره. فلما انقضى أمر أولئك الملوك وسقطت دولتهم أخذت المدينة في الانحطاط وأخطأتها عناية المرممين، ومال النهر مع كرور الأيام إلى مجراه الأصلي شيئا بعد شيء مستعرضا إلى جهة الغرب حتى عاد إلى موضعه القديم.
ويؤيد هذا القول أنا نرى بقايا الشطر الشرقي من المدينة أبين آثارا وأعرف رسما، حتى إن بقايا الرصيف الذي على ميسرة الفرات لم تزل إلى يومنا هذا وعليها اسم آخر ملوك بابل بخلاف الشطر الغربي؛ فإن ماء النهر قد جرف تلك الأبنية وترك موضعها قاعا بورا، ومما يزيد هذه المدينة غرابة أنها مع عظم أبنيتها وكثرتها واتساعها كانت تلك الأبنية من طين كانوا يخلطونه بالحمر، ويصنعون منه قطع الآجر واللبن طبخا بالنار أو تجفيفا في الشمس ويبنونها موضع الحجارة؛ لأن الصخر قلما يوجد هناك، وبذلك قامت تلك الهياكل العظيمة والأسوار الشامخة والمعاقل الحصينة التي صبرت على مهاجمات الزمان وسطوات الأقدار قرونا متوالية، وبعد خرابها بقيت زمنا طويلا بمنزلة مقلع تنقل منه مواد البناء إلى ما يجاورها من البلاد؛ حتى إن سلوقية وأكتزيفون وبغداد والكوفة والحلة وغيرها من المدن بنيت من بقايا بابل فضلا عما بقي فيها من جبال الأنقاض المنتشرة في تلك النواحي، وخلالها بقايا رسوم لا يأويها إلا البوم والغراب، وقد تحققت فيها نبوة رجال الله ولا سيما أشعيا القائل: ويكون من أمر بابل التي هي بهاء الملك وزينة فخر الكلدانيين، كما كان من تقليب الله لسدوم وعمورة، فلا تعمر أبدا ولا يأوي إليها ساكن من بعد ولا يخيم هناك أعرابي ولا يربض راع سرحه، لكن يربض هناك وحش الصحراء ويملأ بيوتهم البوم وتسكن هناك رئال النعام وتطفر معز الوحش وتصيح بنات آوى في قصورهم والذئاب في هياكل ترفهم (13 : 19 إلى آخره).
ومدينة الحلة مبنية على آثار أخربة بابل، قيل أحدثت سنة 1093 ميلادية وبانيها صدقة بن منصور، ويستفاد من بعض الكتب أنها كانت في أول أمرها مقام قبيلة من العرب، وهي اليوم قرية دنيئة وغالب سكانها قوم صعاليك، وهناك محط للمسافرين من خليج فارس إلى بغداد، وفي شمالها الشرقي آثار عديدة يظن أنها من آثار مدينة القوطيين الذين كانوا يعبدون زحل أو المريخ، وفي الجهة الجنوبية منها قاعدة صنم كبير يقال إنها قاعدة الصنم الذي نصبه بختنصر وهو المذكور في سفر دانيال.
Halaman tidak diketahui