367

============================================================

ذكر ذي القرنين فقالوا: نسألك الخلود ودفع الموت، فقال: كيف يكون ذلك وأنا عن قريب ميث قالوا له: فما حاجتك إلى قتال الناس وأخذ البلاد وجمع الخزائن قال: إن ذلك أمر من الله تعالى أمرني به، قال هولاء ثم إنه سار من هنالك إلى بلاد المغرب وذلك قوله تعالى: (فابع سببا حت إذا بلغ مغرب الشمس [الكهف: الآيتان 85، 86]، ذكر أنه رأى في مسيره نحو المغرب بلادا أهلها سحرة يأخذون الفارس مع سلاحه ودابته فيقذفونه في البحر فهابهم قوم ذي القرنين فلم يقاتلهم فتركهم ومضى عنهم إلى آن قطع إلى الموضع الذي تغرب فيه الشمس حيث قال الله تعالى: وجدها تغرب فى عيف حمتة ووجد عندها قوما [الكهف: الآية 86] وكانوا لا يحصون فهابهم قوم ذي القرنين ثم إنه استخار الله تعالى في قتلهم فأظفره الله تعالى بهم وخضعوا له وسار فيهم بما ذكر الله تعالى حيث قال: أما من ظلم فسوف نعذبه [الكهف: الآية 87] إلى آخر الآية، ثم إنه سار حتى دخل الظلمة كما ذكرناه في قول أهل التفسير، فلما خرج من الظلمة سار حتى وصل إلى البحر وركبه فدفع إلى مدينة عظيمة في وسط البحر قد نبتت على الخشب كما تكون السفن فوق الماء فلما دنوا منها تباعدت عنهم فسأل عنها فأخبره من عرف حالها أتها مدينة بناها أهلها من السفن ورضوا بعضها إلى بعض فهي تسير بهم في البحر لا يدركهم أحد فلما خرج من البحر رأى على شاطىء البحر سارية عظيمة وإذا على رأسها تمثال رجل قد كتب على صدرها هذا تمثال كرش الملك وأنه ملك الدنيا في الزمن الأول، فأمر ذو القرنين حتى فرش له على سرير من حديد وأمر أصحابه باتقاد النيران، فلما ذهب ثلث الليل وهم في ليلة مقمرة إذا سباغ كثيرة في غياض هنالك وأقبلت تحو الماء وتبعها عقارب خرجت من رمالي هنالك وحيات كثيرة من كل لون كلما لدغت عقرب أو حية أحذا أهلكته من ساعته فنادى ذو القرنين في عسكره حتى لبسوا السلاح وثبتوا فولت عنهم السباع، فلما أصبح أمر حتى أضرمت النيران في تلك الغياض وخرجت عليهم السباع فمنها من احترق بالنار ومنها من قتل بالسلاح، ثم اله ارتحل فبلغ إلى أرض ذات غياض وأنهار كثيرة وأهلها قوم حفاة عراة لباسهم جلود الغنم وهم سود كالغربان ولهم أنياب كأنياب السباع وأرضهم واسعة وهي كثيرة الفواكه فقاتلوه وقاتلهم حتى غلبهم، ثم إنهم انقادوا وقبلوا الخراج فأخذه منهم ومضى حتى وصل إلى أرض ذات فواكه كثيرة طيبة فأقام بها أربعة أيام يأكلون من فواكهها فخرجت عليهم في اليوم الرابع دابة عظيمة كريهة المنظر هيأتها مثل هيئة الخنزير فحملت على الناس وحملوا عليها فقتلوها، ومضى حتى بلغ أرضا فيها أناس أرجلهم كأرجل الحمير لا مسكن لهم ولا مأوى فحملوا على عسكره يرمونه بالحجارة فشد عليهم العسكر بالسلاح فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وانهزموا فامتنعوا في غيران الجبال ومضى حتى بلغ

Halaman 367