349

============================================================

ذكر أصحاب الكهف إليه درهما فتعجب من ضربه منذ ثلاثمائة وزيادة ثم نظر إلى تمليخا ونظر في الدرهم فأعطاه إلى رجل آخر لينظر في نقشه، وجعلوا يتطارحون الدرهم ويتسارون بأن الفشى وجد كنزا، فلما رآهم الفتى يتسارون ظن أنهم قد عرفوه وهم يريدون أخذه والذهاب به إلى دقيانوس، فقال لصاحب الطعام ادفع إلي ما شئت لأني مسافر وإلا فلكم ما أخذتموه وأنا ذاهب، فقالوا: يا هذا إنك وجدت كنزا وتريد آن تفوز به فلا نتركك حتى تريناه ونشاركك فيه وإلا سلمناك للسلطان فقال تمليخا في نفسه: هذا ما لم اكن أظته ولم يدر ما يقول فلما تحير أخذوه واجتمع الناس عليه يسألونه عن شأنه فإذا أخبر بحاله كذبوه وقالوا: والله ما تعرف ما تقول شينا وظن تمليخا أتهم يذهبون به إلى دقيانوس فجعل يبكي وينرح على نفسه وكان في المدينة رئيس اسمه دريوس وقاض يقال له: سيطوس فذهب القوم به إليهما فلما نظر إليهما وعلم أنه ليس عند دقيانوس سكن فسأله الرجلان الصالحان عن حاله وما وجد من الكنز فقال: والله ما وجدت كنزا؟ قالوا: فمن أين لك هذا الدرهم وهو من ضرب الزمان الأول، قال: إني خرجت من هذه المدينة عشية أمس قالا له: من أنت؟ قال: أنا تمليخا بن فلان وذكر أباه، قالا له: أنت كذاب وإنا لا نعرف في هذه المدينة من تذكره ثم قال له: تريد مخادعتنا هذا درهم من ضرب زيادة على ثلاثمائة سنة وأنت غلام شاب ونحن شيوخ فلا نعرف ما تقول إنا لننظر أنك تعذب عذابا حتى تقر بحالك لنا، قال تمليخا: أخبروني عن شيء أسألكم عنه قالا له: اسأل، قال: ما فعل دقيانوس الذي كان في هذه المدينة عشية أمس، قالا: يا فتى ما على وجه الأرض أحد يقال له دقيانوس وإنما كان ذلك ملكا منذ دهر عظيم طويل وقد هلك وهلكت بعده قرون فتعجب تمليخا وقال: اسمعوا آخرى إني واحد من فتية فررنا من خوف دقيانوس عشية أمس والتجأنا إلى هذا الجبل فكمتا في كهفي فيه فإن لم تصدقوني فانطلقوا معي إلى أصحابي لتروهم فقال الرجلان الصالحان عندما سمعا قوله: يا قوم لعل هذه آية من آيات الله تعالى يظهرها لكم فهلم بنا ننطلق معه إلى حيث يقول، فانطلقوا معه وخلق من أهل المدينة فبينما أصحاب الكهف في كهنهم ويستبطثون رجوع صاحبهم ويخافون إن قد أخذه دقيانوس إذا هم بجلبة الخيل والرجال فلم يشكوا أن قد عثر عليهم وجاء أصحاب دقيانوس فأوصى بعضهم إلى بعض وسبق تمليخا القوم فدخل على أصحابه وقص عليهم قصته ثم دخل الرجلان الصالحان فرأيا عند باب الكهف بابا مختوما وهو ما كان وضعه الرجل الذي كتب خبرهم وأسماءهم ففتحاه بين يدي الناس فوجدوا لوحين من رصاص مكتوبا فيهما شأن الفتية وحالهم وهربهم من دقيانوس وسده عليهم باب الغار إلى آخر أمرهم فلما قرأوا ذلك فرحوا وحمدوا الله تعالى على ما أراهم من آياته وجلس الرجلان بين يدي أصحاب الكهف وسألاهم عن حالهم فأخبروا بحالهم

Halaman 349