============================================================
ذكر عيسى ابن مريم عليه السلام إذا احتال له الناس وأته يظهر في أكثر الأحوال كذبه، وأما الساحر فلا يمكنه أن يحيي الطير وأما التصوير فريما يصور ويخيل إلى الناس آنه يصنع ولا يفعل ولم يكن ما فعله عيى كذلك فإنه صور ما اقترحوه عليه ولا يفعل الساحر ما يقترح عليه فاعله. رجعنا إلى القصة فلما قال شمعون لا أظن أحذا يقدر على إحياء الموتى فإن رأيت أن تدعو عيسى فتسأله عما يقول صاحبه فإن أنكر فشأنك بصاحبه وإن أقر لا أظنه يفعل فإن فعل ما يقوله آمنا به، فإنه نبي ثم قال للملك: أرأيت إن فعل عيسى ما يقول هذا الرجل من إحياء الموتى اليس تؤمن به قال: نعم، فقال للرجل آرأيت إن عجز عيسى عما يقوله أليس الملك في حل مما يصنع بكم؟ قال: بلى، قال: فأرسلوا إلى عيسى حتى جاء وكان الله تعالى البسه من الهيبة والمحية ما لم يصل إليه أحد فقال الملك لشمعون كلمه فقال شمعون: يا عيسى إن هذا المبتلى يزعم أنك رسول الله قال صدق قال: ويقول إنك تبرىء الأكمه والأبرص وتبرىء السقيم قال: صدق قال: ونحن قد اشترطنا عليه أنك إن لم تفعل ما قاله قتلناك وأصحابك، قال: نعم، قال: فإن تفعل فابدأ بأصحابك قال: فأخذ عيسى بيديه ورجليه فضمهما إلى موضعهما ثم مسحهما بيده فبرا ثم مسح عينيه فصحتا فقام صحيحا، قال شمعون: آيها الملك هذه واحدة، ثم قال شمعون: يا عيسى آخبرهم بما أكلوا البارحة وما ادخروا فقال: نعم يا فلان، أكلت كذا وكذا وادخرت كذا حتى سمى رجلا رجلا فأخبره فقال شمعون: يا عيسى إن هذا يزعم أنك تخلق من الطين كهيثة الطير فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله تعالى بين السماء والأرض قال: صدق قال: فأرنا ذلك قال: فأي طير تريدون؟ قال: نريد خفاشا فإنه أعجب الطيور أمرا فصوره ثم نفخ فيه فطار، وروي عن سلمان الفارسي في هذه القصة أنه لم يبق في مديتهم زمن ولا مبتلى ولا مريض إلا جمعوه له، فدعا لهم فشفاهم الله تعالى فاتبعوه ثم قالوا له: ابعث لنا ميتا فقال: من تريدون؟ قالوا: سام بن نوح وكان قد مات منذ آربعة آلاف سنة فقال: آرني قبره فأروه فصلى عيسى ركمتين ثم دعاه فأجابه وانشقت عنه الأرض فخرج من قبره ينفض رأسه من التراب وهو أبيض الرأس واللحية وهو يقول: لبيك يا روح الله تعالى وكلمته ألقاها إلى مريم فآمنوا به واتبعوه فقال له عيسى: ما بال شعرك قد ابيض ولم يكن الشيب في زمانك؟ فقال: لما دعوتني خفت أتها القيامة فشاب رأسي ولحيتي من الفزع، فقال له: منذ كم سنة مت؟ قال: منذ أربعة آلاف سنة، قال: أتريد أن أدعو الله تعالى حتى يبقيك فينا؟ قال: فهل أذوق مرارة الموت بعد ذلك؟ قال: نعم، قال: فلا أريد فإني أجد مرارة الموت في حلقي بعد فادع الله تعالى أن يعيدني إلى التراب فدعا عيسى ربه فسواه الله تعالى بالأرض قال فأمن الملك وقومه بعيسى وبلغ عدد من آمن به تسعة آلافي:
Halaman 325