144

============================================================

ذكر أيوب عليه الشلام رب قد جزع عبدك أيوب وفعل كذا وكذا وإن أيوب لما قال ما قال راجع التوبة عن قريب، وندم على فعله فسبقت توبته إلى السماء قبل إبليس فقال الله تعالى لابليس: يا لعين لقد تاب عبدي من فعله وسبقك بتوبته الي فارجع خائبا، ويروى أن الله تعالى قال له: كيف رأيت صبر عبدي فقال عدو الله: يا رب قد علم أنك ستعوضه مما فاته لذلك لا يجزع مع آن نفسه سالمة، ولو أصابه البلاء في نفسه لجزع فسلطني على جده فسوف ترى صنيعي كيف يكون بك، قال: اذهب فقد سلطتك عليه لكني لا أسلطك على روحه ويقال: سلطتك إلا على لسانه وسمعه وبصره وقلبه وروحه وكان لسانه للذكر وقلبه للشكر وعينيه للنظر إلى السماء للعبرة وسمعه لاستماع ما يوحى إليه قال: فأتاه إبليس وهو ساجد فنفخ في منخريه ويقال في إبهام فقال لهم: ألا ترون ما نزل بأخيكم أيوب فقص عليهم قصته وأمرهم آن يأتوه بطعام من عندهم ويقال إن امرأته كانت تسأل الناس ما تطعمه فقال لهم: احملوا إليه سقاة من خمر فإن شفاءه في الخمر إن يشرب منها، فانطلق إخوته إليه فلم يستطيعوا الدنو منه من نتن ريحه حتى قبضوا على أنوفهم فسلموا فرة عليهم السلام وجلسوا عنده، ثم قالوا: يا أيوب ما هذا الذي ابتليت به، لقد كنت عندنا من الأخيار ولا يظلم الله عبذا فيعذبه بغير ذنب ولعلك كنت تسر أمرا لا يطلع عليه الناس من معاصي الله فعاقبك الله عليه قال لهم أيوب: الله أولى بسرائر عباده وإن الله ليعلم أني كنت أطعم الجائع قبل أن أطعم وأكسو العريان قبل أن اكسى وأعود المرضى وأتبع الجنائز وأضيف الضيف وآوي الغريب وأفعل كذا وكذا فنودي من الهواء يا أيوب اشدد حجرتك وقم مقام المتخاصم قال: يا رب ومن أخاصم قال: فإنك زعمت آنك كنت تفعل كذا وكذا فمننت علي بفضلك قال أيوب: لا يا رب، ولكن أردت أن أدفع الظنة عن نفسي، ولست أمن عليك سبحانك بل لك المنة علي، قال: فعذره ربه ثم إن إخوته قالوا له: قد أتيناك بطعام وشراب قال: فما شرابكم قالوا: شراب فيه شفاؤك قال: وما هو؟ قالوا: الخمر، قال: إن الله حرم علي طعامكم وشرابكم ولا حاجة لي فيكم فانصرفوا عنه راجعين ثم إن إخوته قالوا له: قد أتيناك بطعام وشراب ثم إن أيوب لما أعياه إبليس اللعين جمع مردته فقال: ويحكم أعجزتم جميعا عن هذا الرجل فقالوا قد عجزنا وإنما بقيت واحدة أن نأتيه من جهة امرأته فلعله يرق لها فيطيعها بما تريد، قال: فانطلق إبليس فجلس على طريقها، فقال لها: يا رحمة أين المال وأين البنون وأين النعمة وأين السعة وأين الماشية وأين الخدم فأبكاها وبكى معها، ثم قال: إن لمريضك شفاء هنيئا سهلا قالت: وما هو؟ قال: شربة خمر وكانت الخمرة محرمة على أيوب ثم إذا شرب تاب منه إلى ربه، قالت: سأطلب منه ذلك فذهبت وذكرت ذلك لأيوب فعرف أيوب أن إبليس هو الذي علمها

Halaman 144