الشرقيات أخصها تاريخ الكامل لابن الأثير طبعهُ في ١٤ مجلدًا وأضاف إليه ملحوظات مهمة وفهارس. ثم تاريخ فاس المسمى كتاب الأنيس المطرب روض القرطاس للشيخ ابن أبي زُرع نشره ونقله إلى اللاتينية. وكذا فعل بمنتخبات من تاريخ ابن خلدون ومن خريدة العجائب لابن الوردي ووصف المخطوطات الشرقية المصونة في مدينة اوبسالا. توفي الدكتور ترنبرغ في لند في ٦ أيلول ١٨٧٧.
الفصل الثاني
الآداب العربيَّة من السنة ١٨٨٠ إلى ختام القرن التاسع عشر
نظر عام
الكليات والمدارس
لم تبلغ الآداب العربية في القرن التاسع عشر كله ما بلغته في حقبته الأخيرة فإنها أصبحت إذ ذاك كالزهرة المتفتحة من زرها المعطرة الأرجاء بعرفها وكالشجرة التي بسقت أفنانها ومدَّت في قاع الأرض أصولها فلم تعد ترهب الأنواء أو تكترث لزعازع الرياح. وكان الفضل الأكبر في نجاز هذا المشروع العظيم لبلاد الشام وخصوصًا لبيروت التي أضحت كمركز دائرة الآداب تجتذب إليها زهرة الشبيبة من أنحاء سوريَّة ومصر والعراق فتغذيهم بأفاويق العلوم وتعيدهم إلى أوطانهم فيرقَّون شيئًا فشيئًا عقول مواطنيهم ويوسعون نطاق التمدن بنفوذهم.
ولا مراء أن المدارس لعبت الدور الأهم في هذا الترقي الشريف فكانت الكليَّة الأمركيَّة بلغت عزَّ قوتها تحت نظارة رئيسها النشيط الدكتور دانيال بلس وبهمة بعض أساتذتها ولا سيما الدكاترة كرنيليوس فان ديك ولويس وجرج بست ويوحنا ورتبات مع مساعدة بعض الوطنيين. وكان وقتئذٍ تعليم المدرسة باللغة العربية فوضعت عمدة الكلية في العربية أو نقلت إليها عددًا وافرًا من التآليف العلميَّة التي أدت خدمًا مؤقتة لنشر العلوم في الشام وغيرها إلى أن عدلت المدرسة عن العربية إلى الإنكليزية لما تحققت إن تلك التآليف تحتاج في كل سنة إلى إصلاح وتحسين بتقدم