وظهرت حركات التمرد والخروج عليه (ع) من اليعفريين (1) المدعمين بولاء وقوة الدولة العباسية، وتبعهم على ذلك بعض القبائل في نجران وغيرها، ثم كانت حركة القرامطة ودعوتهم الشاذة مما اضطر الإمام الهادي (ع) أن يقضي معظم حياته مجاهدا في سبيل الله ضد تلك الطوائف لإرساء قيم الحق والعدالة، وقد نصره الله عليهم في جميع المعارك الحربية التي خاضها رغم قلة أصحابه في أكثر المواطن.
وقد بذل حياته (ع) كلها من أجل إرساء دعائم الحق والعدالة فكان يردد ويقول: «والله لوددت أن الله أصلح الإسلام بي، وأن يدي معلقة بالثريا، ثم أهوي إلى الأرض فلا أصل قطعا» (2).
يقول الشيخ أبو زهرة عن الإمام الهادي (ع): «إن أعظم مقاصده إقامة حكم إسلامي، وجمع المسلمين على كتاب الله تعالى، وسنة نبيه (ص)، وقد كان يسعى جهده لجمع شمل المسلمين، وإصلاح أمورهم فيما بينهم» (3).
دروس من حياته (ع)
في ميدان الجهاد:
لعل المتتبع لسيرة الإمام الهادي (ع) يلاحظ مدى محاولة الإمام الهادي (ع) اقتفاء أثر الرسول (ص) في جميع أموره حتى في مسميات الجيش فقد كان جيشه مكون من المهاجرين والأنصار، وكان لايقاتل قوما إلا بعد دعوتهم وإقامة الحجة عليهم وإرسال رسله إليهم بأن يدخلوا فيما دخل فيه المسلمون، وأن يحقنوا الدماء، ويعلنوا توبتهم، ويرجعوا إلى الحق إذا كانوا من ناقضي العهد، فإن أبوا قاتلهم حتى يحكم الله بينه وبينهم.
كان كثير الصفح والعفو مهما تكرر نكث الناكثين وغدرهم، يمنع أصحابه أن يتبعوا مدبرا، أو يقضوا على جريح، أو يقتلوا وليدا أو امرأة أو شيخا لايطيق القتال، أو يقطعوا شجرا، أو يمثلوا بآدمي أو بهيمة.
Halaman 179