كتاب الترغيب والترهيب تصنيف الإمام الحافظ أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الجوزي الأصبهاني المعروف بقوام السنة ٤٥٧ - ٥٣٥ هـ الطبعة الأولى على أوثق نسخة خطية اعتنى به أيمن بن صالح بن شعبان دار الحديث القاهرة الطبعة الأولى ١٤١٤ هـ - ١٩٩٣ م

Halaman tidak diketahui

مقدمة المؤلف قال الشيخ الإمام الحافظ، قوام السنة، موفق الإسلام، الأستاذ: أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني: الحمد لله عالم الغيوب، وسائر العيوب، وغافر الذنوب، والمطل على ضمائر القلوب. ويجزل الثواب فضلًا، ويكثر العقاب عدلًا. ﴿لا يسأل عما يفعل وهم يسألون﴾ . خصنا بدين الإسلام، وجعلنا من أمة محمد ﵇ -صلى الله عليه أفضل صلاة وأزكاها، وأطيبها وأنماها، وصلى على آله وأصحابه- ثم.. إنكم معشر طلبة العلم -أحسن الله توفيقكم- أكثرتم مسألتكم إياي أن أجمع لكم كتابًا، يشتمل على الترغيب في الأعمال الصالحة، والأقوال الحسنة والنيات الخالصة. وعلى الترهيب من الأعمال السيئة، والأقوال القبيحة، والنيات الفاسدة، ويتضمن ما ورد في ذلك من الثواب والعقاب. وذكرتم أن الكتب المصنفة في هذا الباب مطولة بكثرة الأسانيد والتكرار، أو مختصرة غاية الاختصار، لا يظفر طالب العلم منها بالمراد ولا يشفي بها غليل الفؤاد.

1 / 55

فترددت في ذلك زمانًا، ليتقرر لي ترتيب أبواب الكتاب، ثم وقع الاختيار على أن أجمعه على حروف: أ، ب، ت، ث ليسهل على الطالب الاهتداء إليه، وأقدم في كل باب ما ورد فيه من الترغيب، ثم أتبعه ما ورد فيه من الترهيب. ولا أراعي في الحروف: أزائدة هي -أم- من الكلمة؟ نحو: باب «الإخلاص» وباب «الحسبان» أذكرهما في باب الألف لا في باب الخاء والحاء. فإن لم يقع في باب الترغيب والترهيب معًا. اقتصرت على واحد منهما وأسأل الله تعالى أن ينفعني والمستفيدين بذلك، إنه لنعم المفضل.

1 / 56

باب الألف باب في الترغيب في الإيمان وفضله ١- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي ﵀ ببغداد، أنا أبو طاهر المخلص قال: أنا عبد الله بن محمد البغوي قال: أنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن خالد الشيباني ﵁ ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة قال: أخبرني أبو جمرة قال: سمعت ابن عباس يقول: «قدم وفد عبد القيس على رسول الله ﷺ فأمرهم بالإيمان بالله ﷿ قال: أتدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان، وأعطوا الخمس من المغنم» .

1 / 57

٢- أنا أحمد بن علي بن خلف بنيسابور، أنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا أبو النضر، ثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس قال: «كنا نهينا أن نسأل رسول الله ﷺ عن شيء، فكان يعجبنا أن يأتيه الرجل من أهل البادية فيسأله ونحن نسمع، فأتى رجل منهم فقال: يا محمد، أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك. قال: صدق. قال: فمن خلق السماء؟ قال: الله. قال: فمن خلق الأرض؟ قال: الله. قال: فمن نصب هذه الجبال؟ قال: الله. قال: فمن جعل فيها هذه المنافع؟ قال: الله. قال: فبالذي خلق السماء والأرض ونصب الجبال وجعل فيها هذه المنافع آلله أرسلك؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا؟ قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا صدقة في أموالنا؟ قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر في سنتنا؟ قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلًا. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن: -فلما مضى- قال: لئن صدق ليدخلن الجنة.
٣- أنا محمد بن أبي طاهر الخرقي، أنا الفضل بن عبيد الله، ثنا ⦗٥٩⦘ عبد الله بن جعفر، ثنا محمد بن محمد بن صخر، ثنا عبد الله بن يزيد، ثنا الليث، حدثني سعيد عن شريك بن عبد الله بن نمر أنه سمع أنس بن مالك ﵁ يقول: «بينا نحن مع رسول الله ﷺ جلوس في المسجد، دخل رجل على جمل، فأناخه في المسجد، ثم عقله، ثم قال لهم: أيكم محمد؟ -ورسول الله ﷺ يتكئ بين أظهرهم- فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ. فقال له الرجل: يا ابن عبد المطلب. فقال له رسول الله ﷺ: قد أجبتك! فقال الرجل: إني يا محمد سائلك، فمشدد عليك في المسألة، فلا تجدن عليك في نفسك. فقال: سل عن ما بدا لك. فقال الرجل: نشدتك بربك ورب من قبلك، الله أرسلك إلى الناس كلهم؟ قال رسول الله ﷺ: اللهم نعم. قال: نشدتك بالله، الله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال: اللهم نعم. قال: فنشدتك بالله؛ الله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا، فقال رسول الله ﷺ: اللهم نعم. فقال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا: ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر» .

1 / 58