Pendidikan dan Pengajaran dalam Islam
التربية والتعليم في الإسلام
Genre-genre
ويروي ابن الأثير في تاريخه أن المنصور كان له دفاتر علم، وكان شديد الحرص عليها حتى أوصى ابنه المهدي بها عند وفاته.
90
ويقول القفطي: قدم على المنصور في سنة 156 رجل من الهند بالحساب المعروف عندهم بالسند هند في حركات النجوم ... مع ضروب من أعمال الفلك والكسوفين ومطالع البروج وغير ذلك في كتاب يحتوي على عدة أبواب ... فأمر المنصور بترجمة ذلك الكتاب إلى العربية وأن يؤلف منه كتاب تتخذه العرب أصلا في حركات الكواكب، فتولى ذلك محمد بن إبراهيم الفزاري.
ويظهر أن الخزانة الكبرى التي تناقل الناس أخبارها في عصر بني العباس هي الخزانة التي عني بها الخليفة المأمون العباسي (؟-218)؛ فقد نقلت الأخبار عنه اهتمامه بالعلم وأهله وبجمع الكتب وترجمتها، وأنه كان يتحف ملوك عصره بالهدايا النفيسة طالبا إليهم أن يعطوه ما في خزائنهم من كتب الحكمة والفلسفة، فبعثوا إليه بعدد كبير من آثار أفلاطون وأرسطو وأبقراط وجالينوس وبطليموس وإقليدس وغيرهم، فأمر بترجمة تلك الآثار واختار لها البارعين من التراجمة، ونشرها بين الناس وحض على قراءتها واستنساخها، وأمر بتشييد درا الحكمة ووضع فيها هذه الكتب وترجمتها، وكان لا يفتأ يبعث البعوث العلمية إلى بلاد الروم وفارس والهند والصين يشترون له الكتب ويترجمونها، وقد بلغت محفوظات هذه الدار آلافا في جميع فروع العلم من حديث وقديم، وقد تولى أمرها جمهرة من أهل الفضل، نذكر منهم الفيلسوف المتكلم غيلان الشعوبي (؟-؟) وأبا سهل بن نوبخت (؟-؟) وسهل بن سابور الطبيب (؟-218) وسلما المترجم (؟-؟) وأبا حسان المنجم (؟-؟)، وغيرهم من أئمة العلم والفلسفة في العصر المأموني الزاهر.
91
ولا شك عندنا في أن هذه الدار كانت مركزا ثقافيا جليلا في بغداد، وأن العلماء كانوا يقصدونها من شتى أنحاء العالم الإسلامي، ولكنا لا نستطيع أن نقول إنها كانت مركزا تعليميا أو مدرسة أو ما أشبه ذلك، بل إنها كانت في الغالب مركزا ثقافيا مفتوحا للناس أجمعين يقصدونها ويطالعون ما فيها من الآثار، وإن هؤلاء العلماء والفلاسفة المقيمين فيها أو الذين يتولون أمورها كانوا يعينون من يقصد إليها إذا ما أشكل عليه فهم نص من نصوص كتبها، وبخاصة سلم المترجم الفيلسوف؛ فقد كان من عيون الناس وفضلائهم، وهو الذي أتقن تفسير المجسطي،
92
وكان يتولى أمر البعوث العلمية ويوالي الأسفار إلى بلاد الإغريق لانتقاء الكتب النفيسة من خزائنها وترجمتها ووضعها في هذه الدار تلبية لرغبة الطالبين. ويحدثنا القاضي القفطي في ترجمة أرسطوطاليس أن المأمون رآه في نومه، فلما استيقظ من منامه حدثته نفسه بطلب كتب أرسطو، فلم يجد منها شيئا ببلاد الإسلام، فاغتم لذلك وأخذ يتطلبه، واستحضر منها خمسة أحمال سيرت إليه، فأحضر لها المأمون المترجمين فاستخرجوها من الرومية إلى العربية.
93
ولا ريب في أن المأمون ومن اختارهم للخدمة في تلك الدار من العلماء والتراجمة كانوا ينقلون نفائس الكتب إلى العربية ويضعونها في خزائنها المفتوحة للطالبين يفيدون منها ضروب العلم والحكمة. ويظهر أن هؤلاء التراجمة كانوا ينقطعون فيها للترجمة والبحث؛ فقد اقترنت أخبار رجال الترجمة في العصر المأموني بأخبار هذه الدار، فسلم المترجم كان صاحبها على ما يحدثنا ابن النديم وابن أبي أصيبعة والقفطي،
Halaman tidak diketahui