Pendidikan dan Pengajaran dalam Islam
التربية والتعليم في الإسلام
Genre-genre
وقد انتقص بعض العلماء من نصيب بني أمية في العناية بالعلم ونشر التعليم، وأبرز هؤلاء العلماء أستاذنا المرحوم أحمد أمين في كتابه القيم «فجر الإسلام»؛ فقد جزم بأن الأمويين لم يعنوا أصلا بالدراسات العلمية والبحوث الدينية والتاريخية، وإنما كان همهم الشعر وما إليه؛ لأنهم لما بنوا دولتهم على الدكتاتورية اضطروا إلى جذب الشعر إليهم لتمجيد أعمالهم والتغني بأمجادهم، لما كانوا عليه من حب التقاليد الجاهلية، فقد قال بعد أن ذكر أنه قامت في صدر الإسلام ثلاث حركات علمية، هي: الحركة الدينية، والحركة التاريخية، والحركة الأدبية، وأن هذه الحركات الثلاث كانت تتساند؛ فأصحاب المذاهب الدينية اعتمدوا في تعليمهم على الفلسفة والكتاب والسنة، والمؤرخون والقصاصون كانوا يستمدون بعض معلوماتهم من القرآن والحديث، والمفسرون والمحدثون كانوا يستعينون بالشعر والأدب على تفهم القرآن: «والذي يظهر لي أن الأمويين لم يشجعوا من هذه الحركات الثلاث إلا الحركة الأدبية والقصص الرسمي؛ ففتحوا أبوابهم للشعراء والخطباء، وبذلوا الأموال وعينوا القصاص في المساجد ولم يفعلوا شيئا من ذلك للعلماء والفلاسفة. ولعل السبب في ذلك أمران؛ الأول: أن حكم الأمويين بني على الضغط والقهر، فكانت حاجتهم إلى الشعراء والقصاص أشد؛ لأنهم هم الذين يبشرون بهم ويشيدون بذكرهم، ويقومون في ذلك مقام الصحافة ... والثاني: أن نزعة الأمويين نزعة عربية جاهلية لا تتلذذ من فلسفة ولا من بحث ديني عميق، إنما يلذ لها الشعر الجيد، والخطبة البليغة، والحكمة الرائعة. قال المسعودي: كان عبد الملك بن مروان يحب الشعر والفخر والتقريظ والمدح، وكان عماله على مثل مذهبه. وشأن أكثر بني أمية شأن عبد الملك نستثني منهم خالد بن يزيد بن معاوية؛ فقد كانت له نزعة فلسفية كما أسلفنا فوق نزعته الأدبية ... كما نستثني عمر بن عبد العزيز؛ فقد كانت له نزعة دينية وقد شقي به الشعراء ... إذا عدونا هذين - خالدا وعمر - لم نجد كبير أثر للأمويين في تشجيع الحركة الفلسفية والدينية والتاريخية كالذي نجده عند العباسيين مثلا، ومع هذا فقد نشطت هذه الحركات من نفسها ...»
32
وقول أستاذنا هذا مردود لأمرين؛ أولهما: أن الاستبدادية التي كان عليها بنو أمية لم تكن لتمنعهم من الانصراف إلى العلم، فأية علاقة لنشر العلم والحض عليه وتعميمه بين طبقات الناس باستبداد الحكام، فقد كان ممكنا مع استبداد الخلفاء الأمويين وضغطهم على الناس وقهرهم ... وحبهم للشعر وتشجيعهم للشعراء والمادحين أن يهتموا بنشر العلم ويشجعوا العلماء والفقهاء كما شجعوا الشعراء وعطفوا عليهم؛ فإن هؤلاء أيضا يكونون ألسنة لهم في المجالس العامة والخاصة، بل إنهم أكثر صلة بالناس من أولئك، ثم إنه لا مانع من أن ينتشر أحد الأمرين إذا ما انتشر الأمر الثاني. وثانيهما: أن البداوة التي كان يميل إليها بنو أمية والنزعة العربية التي كانوا يتعشقونها لا يمكن أن تحول بينهم وبين حب الفقه والعلم والفلسفة، كما أحبوا الشعر والأدب؛ فقد حفظت لنا المصادر نصوصا كثيرة تدلنا على أن منهم من كان يحب العلم والفلسفة والدين غير من ذكره الأستاذ، كما تدل على حبهم للعلم وتشجيعهم أهله وعطفهم على الفقهاء وأهل الدين بصورة خاصة،
33
فهناك أدلة كثيرة تثبت ما ذهبنا إليه، وتنقض رأي الأستاذ؛ فمن ذلك ما يرويه لنا المؤرخون من أن عبد الملك وابنه سليمان وعمر بن عبد العزيز كانوا يرعون الإمام رجاء بن حيوة، ويقدمون إليه كل ما يحتاج إليه في سبيل نشر العلم وتوطيد أركان الثقافة، ومن ذلك أن خلفاء بني أمية أحاطوا الإمام الأوزاعي بكل ضروب الإكبار والرعاية، وأعانوه على إتمام بحوثه العلمية ونشر مذهبه الفقهي في أرجاء البلاد، وقد كلفوه بإقامة حلقات الدرس في جامع دمشق، بل وفي قصورهم فيها.
34
ثم إن نشاط بني أمية في الحركة الفلسفية والعقائدية لم يكن أقل من نشاطهم في تشجيع الحركة الفقهية؛ فقد رووا أن معاوية بن أبي سفيان أحضر البطريرك اليعقوبي تيودوروس وأسقف قنسرين ليناظرا نصارى لبنان في حضرته وبحضور نفر من العلماء، حين أخذوا يدعون إلى بعض عقائدهم ويدعون أنها الصحيحة وحدها.
35
كما رووا أيضا أن عمر بن عبد العزيز كان يناقش بنفسه بعض الخوارج في معتقداتهم المذهبية.
36
Halaman tidak diketahui