Pendidikan dalam Islam: Pendidikan Menurut Pandangan Al-Qabisi
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Genre-genre
وإذا كانت هذه السيرة بعيدة عن أنظار الصبيان، لا يتم التأثر بها إلا بمقدار، فالمعلم ينبغي أن يكون هو نفسه مثلا حيا للسيرة الفاضلة، ليكون عنوانا على الفضيلة. لهذا أوجب القابسي أن تكون صفات المعلم حميدة ليتأثر بها الصبيان، وتتم بها الفائدة في التربية الخلقية.
وهذا جانب من الطريقة السقراطية في الأخلاق؛ لأنه هو نفسه كان مثلا حيا للفضيلة.
والأمر الثاني المفيد في كسب الفضائل هو معرفتها أو العلم بها. فالإنسان يحب أن يخضع لما يعقل، أو لما له سبب، فهو لا يذهب مذهبا خلقيا إلا بعد الإيمان بأنه مشروع. والإنسان يكون واثقا من نفسه إذا سار على هدى من المعقولات، لا بدافع من النزوات. لذلك نجد المجرم يبرر جريمته، ويقنع نفسه بأن ما يعمله مشروع.
لذلك كانت الأخلاق تحمل في طياتها جراثيم التعليم، سواء أكان تعليمها أو العلم بها صادرا من الشخص إلى نفسه، أم من شخص آخر إليه؛ والبيئة التي تريد أن تنشر الفضيلة، لا بد لها من تعليمها وبيان العلة فيها. وقد أشار القابسي إلى هذا التعليم الواجب للفضيلة قبل الأمر بها، وقبل إنزال العقاب على مخالفيها. قبل أن يلجأ المعلم إلى الضرب، ينبغي أن ينبه الصبي مرة بعد مرة إلى خطته. وقال في موضع آخر: «ويأخذ عليهم ألا يؤذي بعضهم بعضا.» وحين تكلم عن التبايع الذي يحصل بين الصبيان أوجب على المعلم: «أن يشدد عليهم في الأخذ ألا يعودوا إلى التبايع فيما بينهم ، ويعرفهم وجه الربا فيما صنعوا على ذلك، يخبره بعيبه ويقبحه عنده ...»
فنحن نرى القابسي يطلب العلم بالفضائل أولا، أو المعرفة بها، على أن يكون هذا العلم مستمدا من القرآن والسنة بطبيعة الحال. والقرآن غني بالفضائل وأسبابها، زاخر بالتوجيهات الخلقية، والدوافع إلى الخير.
وتلك هي الطريقة السقراطية في جانبها الثاني، وهو العلم بالفضيلة، بل إن سقراط وحد بين العلم والفضيلة، فجعل العلم شرطا للفضيلة لا تتحقق إلا به، وجعل الذي يعمل الفضيلة عالما بها.
وسبيل الوصول إلى الفضيلة عند سقراط هو الاستقراء والنظر إلى النفس، وفي ذلك يقول الحكمة المأثورة: «اعرف نفسك بنفسك.» وفي القرآن إشارة إلى ذلك حيث قال تعالى:
وفي الأرض آيات للموقنين * وفي أنفسكم أفلا تبصرون (الذاريات: 20-21) كما حث الله العباد على وجوب النظر والاستدلال.
ولكن الصبي الصغير لا يستطيع أن ينعطف على نفسه ليستخرج منها هذه المعاني الخلقية بنفسه. لهذا اكتفى القابسي بما يفعله المعلم من توجيه نظره وتفهيمه ما يجب عليه. هذا التفهيم مستمد من القرآن والسنة. وقد أشار القابسي إلى ذلك عندما أراد معالجة الولد العاق لوالديه فقال: «فاقرأ على ولده القرآن، وفهمه ما عليه لوالده في لين ورفق لعله يتذكر أو يخشى.»
بذلك يكون الدين نفسه هو المحور الذي يدور عليه التعليم، والذي تدور حوله التربية الخلقية. والنظريات الحديثة في التعليم والتربية تجعل الطفل نفسه هو المحور الذي يدور عليه التعليم. هذا الانقلاب في وجهة النظر التعليمية لم يتم إلا في عصر متأخر، أما في العصر الذي نتحدث عنه فكان الدين مستغرقا حياة الناس العقلية والخلقية والاجتماعية. ولهذا السبب كان أول شيء يعرفه الطفل ويتعلمه هو القرآن، فيه كل ما يحتاج إليه الإنسان في حياته، كما قال تعالى:
Halaman tidak diketahui