Pendidikan dalam Islam: Pendidikan Menurut Pandangan Al-Qabisi
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Genre-genre
والغزالي يضع مقام العوام في مرتبة أدنى من مرتبة النظار، وأن الحق في هذا المقام هو: «الاتباع والكف عن تغيير الظواهر رأسا ... وحسم باب السؤال رأسا، والزجر عن الخوض في الكلام والبحث.»
5
ورأي الغزالي جزء من مذهبه في التصوف؛ لأن حد الكفر والإيمان عنده لا يتجلى للقلوب المدنسة بطلب الجاه والمال وحبهما، بل إنما ينكشف ذلك لقلوب: «طهرت عن وسخ أوضار الدنيا أولا، ثم صقلت بالرياضة الكاملة ثانيا، ثم نورت بالذكر الصافي ثالثا، ثم عذبت بالفكر الصائب رابعا، ثم زينت بملازمة حدود الشرع خامسا، حتى فاض عليها النور من مشكاة النبوة.»
6
وإذا كان الغزالي قد عاب على المتكلمين إسرافهم في مطالبة العوام بمعرفة أسرار الإيمان بأدلة عقلية عميقة يصعب على أذهان العامة بلوغها لقصور أفهامهم، فإننا نعيب على الغزالي وعلى المتصوفة أن يقصروا طريق الإيمان على الكشف والصفاء، مما لا يتيسر للدهماء.
وقد نشأ عن وقوع تعليم الصبيان في أيدي أهل السنة نتائج كثيرة في الحياة العقلية للمسلمين.
وأهم هذه النتائج أن صبيان العامة نشئوا ولا يعرفون من الدين إلا ما لقنهم إياه شيوخ أهل السنة. والآثار التي يحملها الإنسان معه من الصبا تكون عزيزة عليه، ويصعب محوها. وقيل في الأمثال: التعلم في الصغر كالنقش على الحجر. حتى إذا شب الصبي، وخرج من الكتاب، ونزل إلى معترك الحياة، واطلع على صور المنازعات العقلية الدائرة حول الأبحاث الدينية، اتجه دون شعور إلى الناحية التي عرفها في صباه، وتعصب للرأي الذي صحبه مع الحياة. وقد كان النزاع عنيفا حادا بين المتكلمين والفلاسفة وأهل السنة. المتكلمون والفلاسفة يغلبون العقل على النقل، ويبحثون المسائل في كثير من حرية الفكر، وهم على استعداد لتجريح آراء السلف إذا أثبتوا بالعقل فسادها. على أن الانتصار في حلبة هذه المعارك العقلية كان يحتاج إلى سند من الجماهير، وتأييد من العامة؛ لأنهم في آخر الأمر هم أداة الحياة للرأي. وقد يكون المتكلمون على حق، وقد يكون الفلاسفة كذلك، ولكن الحق من غير قوة تسنده مصيره إلى الانهيار. وهذه هي طبيعة الحياة. وقد وقف العامة من المتكلمين والفلاسفة، بل من كل صاحب رأي جديد حر موقفا شديدا أخاف المفكرين، وجعلهم ينطوون على أنفسهم خشية غضب العامة وثورة الجماهير، والثورة تلتهم ولا تعرف رحمة ولا عقلا. فإذا كنا في القرن السادس الهجري نجد تعصب الجماهير قد بلغ الأوج فأحرقت كتب ابن رشد وأصيب بمحنة عظيمة. وانتصر الغزالي لأن العامة كانت من ورائه تشد أزره وتعضد رأيه بالعنف والقوة. وأغرب من ذلك مهاجمة أهل السنة للمنطق لأن الفقهاء لم يعترفوا بمنطق اليونان، ومن أقوالهم: «إن هذا الشافعي وأحمد وسائر أئمة الإسلام وتصانيفهم وأئمة التفسير وتصانيفهم لمن نظر فيها، هل راعوا فيها حدود المنطق وأوضاعه وهل صح لهم علمهم من دونه أم لا، بل هم كانوا أجل قدرا وأعظم عقولا من أن يشغلوا أفكارهم بهذيان المنطقيين.»
7
وبهذه الوسائل العنيفة من الهجوم والطعن، أبطل فقهاء أهل السنة الاشتغال بما عدا المعروف عن الأئمة، واستمع لهم العامة والجمهور؛ لأنهم نشئوا على التعاليم منذ الصغر في الكتاتيب.
فإذا شئنا أن نبحث في علة ركود الحركة العقلية عند المسلمين بعد القرن السادس بعد أن ظلت هذه الحركة قوية مزدهرة منذ القرن الثاني في التأليف والترجمة في شتى العلوم والمعارف، بما كان يبشر بأن يحمل المسلمون لواء العلم والحضارة في العالم أجمع، فينبغي أن نتلمس أسبابها في بذورها الأولى عند الصبيان الذين انطبعت نفوسهم على طريقة خاصة في فهم الدين يصعب التحول عنها.
Halaman tidak diketahui