Pendidikan dalam Islam: Pendidikan Menurut Pandangan Al-Qabisi
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Genre-genre
هذه هي الصورة التي ندركها من الاطلاع على كتاب القابسي على وجه الإيجاز، وأركان هذه الصورة التي تتركب منها أربعة: هي الكتاب والمعلم والصبي والقرآن. هذه العمد الأربعة هي الأساس الذي يقوم عليه التعليم الأولي كما وصفه القابسي. وعلينا أن نبحث بعد ذلك أهذه الصورة مستمدة من الواقع أم يصف فيها ما ينبغي أن يكون، ثم نتبين إذا كان هذا النوع من التعليم إقليميا أم عاما. (5) صورة واقعية أم مثالية
عنوان كتاب القابسي يرشدنا إلى الاتجاه الذي سلكه في معالجة مشكلة تعليم الصبيان، فهي الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين، وأحكام المعلمين والمتعلمين، والأحوال والأحكام كلاهما مستمد من الواقع لا من المثال.
فقد ينصرف الذهن إلى أن هذه الصورة المذكورة عن الصبيان وما يتلقون من مواد مختلفة، وعن طريقة تعليمهم وتأديبهم وسلوكهم، وعن صلة المعلم بهم، ليست منتزعة من الواقع، بل هي المثل الأعلى الذي ينشده القابسي في التعليم.
وليس غريبا أن يسلك بعض المفكرين والفلاسفة طريقة مثالية في كتابتهم عن التربية. في الزمن القديم كتب أفلاطون عن التربية في (الجمهورية). وفي العصر الحديث أخرج روسو كتاب (إميل) في تربية الطفل. وكلاهما مثالي لم يصف حقيقة الحال ولم يأخذ الناس بجميع آرائهما بعدهما. وكثيرا ما يخرج المفكرون في مثلهم عن حدود القوانين الطبيعية والاجتماعية، مما يجعل تطبيق نظرياتهم العقلية ضربا من المستحيل. فقد أراد روسو أن يعود بالإنسان إلى نوع من المعيشة البدائية الفطرية لا يستقيم مع حال الحضارة ولا يتفق مع طبيعة العمران.
ولم يكن القابسي مثاليا من طراز هؤلاء المربين، وإنما كان يصف الواقع، لا ما ينبغي أن يكون. ثم هو لا يتعدى في أحكامه القوانين الاجتماعية.
اتخذ القابسي الواقع أساسا له فيما كتب، وصوره، ثم بين بعد ذلك الأسباب التي تجعله يجيز ما كان سائدا، وكل ذلك بأحكام شرعية. وهو يصور الواقع بما لا يعدو حدود الوصف بكل ما في أحوال التعليم من خير وشر وحسن وقبح. والمظاهر الاجتماعية فيها الصالح وفيها الفاسد في كل زمان ومكان. أما الصالح فإن القابسي يقره، ويأمر به، ويجيزه ويستحسنه. وأما الفاسد فإنه ينهى عنه، ويزجر المعلمين عن الإتيان به، ويستقبحه وينصح بالابتعاد عنه.
وهو حين يحكم على شيء بأنه حسن، فهو يتبع طريقة الفقهاء التي ذكرناها، وهي الاستناد إلى أصول من الكتاب والسنة والإجماع. والمصلحة التي يذكرها هي المصلحة الشرعية أو الدينية. فتعليم «الأنثى القرآن والعلم حسن، ومن مصالحها.» لأن ذلك هو السبيل إلى معرفة الدين وتأدية الصلاة المفروضة على المؤمنين والمؤمنات. ولم تكن هناك حاجة إلى النص على وجوب فصل الجنسين، خشية ما يلحق من فساد، لولا الجمع بين الذكور والإناث في الكتاتيب.
والصورة واقعية؛ لأن كثيرا من المسائل تجري مع العرف الذي أجاز القابسي أغلبه. فوجوب الختمة للمعلم تكون على قدر يسر الأب وعسره، وليس في ذلك حد مؤقت، إنما هو ما يرى أنه واجب في عادات الناس في مثل هذا المعلم. والعطية في العيد مستحسنة، ولم يزل ذلك مستحسنا فعله في أعياد المسلمين.
ولا ننسى أن الكتاب دار على أسئلة وجهها سائل إلى القابسي، فأجاب عنها. وأسئلة السائل هي وصف لأحوال التعليم في عصره، أتتفق مع مبادئ الشرع، أم لا تتفق؟ ولذلك فزع إلى الفقيه يطلب رأيه فيها. ويجيب القابسي بقوله: «وأما وصفك لما جرى عندكم من صنيع معلميكم إذا تزوج رجل ...» 62-ب، فيبعث المعلم صبيانه في طلب طعام وما أشبه بمناسبة الزواج، ويتبطل الصبيان يوما أو بعض اليوم، فطلب الهدية على هذا النحو حرام، وينبغي أن يترك المعلم هذا العمل؛ لأنه من العادات المستقبحة، والعرف المذموم.
وقد يقتضي الأمر في بحث مسألة من المسائل أن يردها إلى أصولها التاريخية، ويتتبع تطورها إلى أن تبلغ زمانه. فالحاضر وليد الماضي. مثال ذلك: مسألة أجر المعلم، ففي عصر القابسي كان المعلمون يتناولون الأجر على التعليم، ولم يكن الأمر كذلك في زمن الصحابة، فما الحاجة التي ألجأت الناس إلى تغيير أحوالهم، والخروج على أفعال الصحابة والتابعين؟ وأفعالهم كما تعلم هي الصراط المستقيم الذي ينبغي أن يسير الناس عليه من بعدهم. إنها حاجة الدين، وحاجة العصر والزمان.
Halaman tidak diketahui