Tarawih: More than a Thousand Years in the Prophet's Mosque
التراويح أكثر من ألف عام في المسجد النبوي
Penerbit
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Genre-genre
فلما أذن المؤذنون قام هذا الخطيب أي الذي قدم للخطبة وهو من الشيعة وقد نفد منه الرانيان السوداوان وقد ركزنا بجانبي المنبر الكريم فقام بينهما فلما فرغ من الخطبة الأولى جلس جلسة خالف فيها جلسة الخطباء المضروب بها المثل في سرعة وابتدر الجمع (مردة) من الخدم يخترقون الصفوف ويتخطون الرقاب كدية (أي شحاذة) على الأعاجم والحاضرين لهذا الخطيب القليل التوفيق، فمنهم من يطرح الثوب النفيس ومنهم من يخرج الشقة الغالية من الحرير. فيعطيها وقد أعدها لذلك، ومنهم من يخلع عمامته لينبذها.
ومن النساء من تطرح خلخالها إلى يطول الوصف، والخطيب جالس على المنبر يلحظ هؤلاء المستجدين بلحظات يكرها الطمع إلى أن كاد الوقت ينقضي والصلاة تفوت، وقد ضج من له دين واجتمع له من ذلك السحت كومًا عظيمًا أمامه.
فلما أرضاه قام وأكمل خطبته وصلى بالناس، وانصرف أهل التحصيل باكين على الدين، يائسين من فلاح الدنيا متحققين من أشراط الساعة" اهـ بإيجاز.
فمن هذا يظهر لنا الوضع في المسجد النبوي مما يؤكد طروء تغيير الأوضاع العامة في المسجد عما كانت عليه من قبلهم.
وقد أكد ذلك ما قاله ابن فرحون في مخطوط له أثناء حديثه عن المسجد النبوي ما نصه: "ولم يكن لأهل السنة خطيب ولا إمام ولا حاكم منهم"، أي من أهل السنة، ثم قال: "والظاهر أن ذلك منذ أن استولى العبيديون على مصر والحجاز فإن الخطبة بالمدينة كانت باسمهم إلى سنة ٦٦٢ اثنتين وستين وستمائة أي إلى منتصف القرن السابع حيث تغلب العباسيون على الحجاز وأقيمت الخطبة لهم من ذلك العهد إلى يومنا هذا" اهـ. أي إلى يوم المؤلف.
ثم قال: "وكان أخذ الخطابة من آل سنان سنة ٦٨٢ أثنين وثمانون وستمائة" اهـ.
ويشهد لهذا ما وقع في مكة من وهن علمي، كما جاء في كتاب السيد السباعي في تاريخ مكة ج١ ص ١٦٥ في حديثه عن الناحية العلمية في مكة في العهد العباسي الثاني قال: "ثم ما لبث أن توزع أعلام مكة في الأمصار فضعف النشاط العلمي فما وافى القرن الرابع الهجري حتى كانت علامات الضعف قد زادت وضوحًا في البلاد. وكان العالم الإسلامي قد زخر في هذا العهد بالاختلافات الدينية فاشتدت دعوة الخوارج وشاعت أقوال المعتزلة، والمرجئة، وذاعت المذاهب الشيعية على اختلاف أنواعها"، إلى قوله: "أما المذهب الشيعي فقد وجد على خلاف غيره من يناصره في مكة والمدينة وبعض مدن الحجاز في أوقات مختلفة".
ومما يؤيد القول بوجود مناصرين
7 / 54