شفا الهلاك بهواه وعجبه، فما بالعقل وحده هداية إلى حدود الهدى، وما بعد العقل ولا شرع معه إلا الهوى.
- وعارف لربه عالم بنصوص شرعه تفسيرًا وتأويلًا وطرق الفقه في أصل الشرع تعليلًا، وهذا الرجل من بينهم إمامهم لكنه على شفا الفسق، فالعلم صالح لكسب الدنيا والآخرة وطلب المولى والورى، ما ينجو عن المحظور بالمأمور إلا بالنظر في المستور من أقسام أعماله وأحواله.
وأنها أقسام أربعة:
- قسم لهو عن العمل بالعلم.
- وقسم شغل بالعمل عن العلم.
واللاهي قسمان:
- قسم اتخذ العلم مكسبه للدنيا.
- وقسم اكتفى بالعلم حظًا يبتغي.
وهما على ضلال، فما العلم إلا للعمل به، وما العمل إلا ترك العاجلة بالآخرة على مخالفة الهوى في إشارته إلى كسب الحاضرة.
والعامل قسمان:
- عامل على قرار وعزلة.
- وعامل على قرار ودعوة، وأنه من بينهم إمامهم، وإليه نهاية الطبقات.
فأقصى مراتب العبد في الدعوة إلى الله تعالى فإنها رتبة الأنبياء ﵈، وتركوها ميراثًا للعلماء، ولأن الداعي إلى الحق هو الله تعالى بآياته، والعبد عامل له فيها بأمره.
وأما العبادة فحق الله تعالى على عبده، والعبد مؤدٍ عن نفسه ما عليها، فلن يصير العبد بالعمل عاملًا لله حتى يدعو، قال الله تعالى: ﴿وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا﴾، وقوله: ﴿ومن أحسن قولًا ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا﴾، وقال الله تعالى في شأن الرسول ﵇: ﴿إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا﴾، ﴿وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا﴾.
فأبان الله تعالى شرف الرسول بالدعوة والهداية دون العزلة والعبادة، وقال الله تعالى في شأن الأمة: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض﴾ يعني يثبت لهم ولاية الأرض وأهلها وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومبدأه من الهدى ثم العمل به.
وقال الله تعالى: ﴿وهو الذي جعلكم خلائف الأرض﴾. فالخلافة
1 / 10