Pembersihan Para Nabi
تنزيه الأنبياء
جاز على هؤلاء الإخوة من فعل القبيح ما يجوز على كل مكلف لم تقم حجة بعصمته وليس لأحد أن يقول كيف تدفعون نبوتهم والظاهر أن الأسباط من بني يعقوب كانوا أنبياء لأنه لا يمتنع أن يكون الأسباط الذين كانوا أنبياء غير هؤلاء الإخوة الذين فعلوا بيوسف (ع) ما قصه الله تعالى عنهم وليس في ظاهر الكتاب أن جميع إخوة يوسف (ع) وسائر أسباط يعقوب (ع) كادوا يوسف (ع) بما حكاه الله تعالى من الكيد وقد قيل إن هؤلاء الإخوة في تلك الحال لم يكونوا بلغوا الحلم ولا توجه إليهم التكليف وقد يقع ممن قارب البلوغ من الغلمان مثل هذه الأفعال وقد يلزمهم بعض العقاب واللوم فإن ثبت هذا الوجه سقطت المسألة أيضا مع تسليم أن هؤلاء الإخوة كانوا أنبياء في المستقبل مسألة فإن قيل فلم أرسل يعقوب (ع) يوسف (ع) مع إخوته مع خوفه عليه منهم وقوله وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون وهل هذا إلا تغرير ومخاطرة الجواب قيل له ليس يمتنع أن يكون يعقوب (ع) لما رأى ببنيه ما رأى من الإيمان والعهود والاجتهاد في الحفظ والرعاية لأخيهم ظن مع ذلك السلامة وغلبة النجاة بعد أن كان خائفا مغلبا لغير السلامة وقوي في نفسه أن يرسله معهم إشفاقه من إيقاع الوحشة والعداوة بينهم لأنه إذا لم يرسله مع الطلب منهم والحرص علموا أن سبب ذلك هو التهمة لهم والخوف من ناحيتهم منه ومن يوسف (ع) وانضاف هذا الداعي إلى ما ظنه من السلامة والنجاة فأرسله مسألة فإن قيل فما معنى قولهم ليعقوب (ع) وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين وكيف يجوز أن ينسبوه إلى أنه لا يصدق الصادق ويكذبه الجواب أنهم لما علموا على مرور الأيام شدة تهمة أبيهم لهم وخوفه على أخيهم منهم لما كان يظهر منهم من أمارات الحسد والنفاسة أيقنوا بأنه (ع) يكذبهم فيما أخبروا به من أكل الذئب أخاهم فقالوا له إنك لا تصدقنا في هذا الخبر لما
Halaman 44