146

Tanbih Ghafilin

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

Penyiasat

يوسف علي بديوي

Penerbit

دار ابن كثير

Nombor Edisi

الثالثة

Tahun Penerbitan

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

Lokasi Penerbit

دمشق - بيروت

وَذُكِرَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ لِابْنِ آدَمَ جُلَسَاءَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَإِذَا ذَكَرَ أَحَدُهُمْ أَخَاهُ بِخَيْرٍ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: لَهُ وَلَكَ مِثْلَهُ. وَإِذَا ذَكَرَ أَحَدُهُمْ أَخَاهُ بِسُوءٍ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا ابْنَ آدَمَ كَشَفْتَ الْمَسْتُورَ عَلَيْهِ عَوْرَتَهُ، ارْجِعْ إِلَى نَفْسِكَ وَاحْمَدِ اللَّهَ الَّذِي سَتَرَ عَلَيْكَ عَوْرَتَكَ. وَذُكِرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ أَنَّهُ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ، فَلَمَّا جَلَسَ قَالُوا إِنَّ فُلَانًا لَمْ يَجِئْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ إِنَّ فُلَانًا رَجُلٌ ثَقِيلٌ. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّمَا فَعَلَ هَذَا بِي بَطْنِي حِينَ شَهِدْتُ طَعَامًا اغْتَبْتُ فِيهِ مُسْلِمًا. فَخَرَجَ وَلَمْ يَأْكُلْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إِنْ ضَعُفْتَ عَنْ ثَلَاثَةٍ فَعَلَيْكَ بِثَلَاثٍ: إِنْ ضَعُفْتَ عَنِ الْخَيْرِ فَامْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، وَإِنْ كُنْتَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْفَعَ النَّاسَ فَامْسِكْ عَنْهُمْ ضُرَّكَ، وَإِنْ كُنْتَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ فَلَا تَأْكُلْ لُحُومَ النَّاسِ. وَذُكِرَ عَنْ وَهْبٍ الْمَكِّيُّ أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ أَدَعُ الْغِيبَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، مُنْذُ خُلِقَتْ إِلَى أَنْ تَفْنَى، فَأَجْعَلُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى. لَأَنْ أَغُضَّ بَصَرِي عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا فَأَجْعَلُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى. ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [الحجرات: ١٢]، وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ [النور: ٣٠] . قَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي تَوْبَةِ الْمُغْتَابِ، هَلْ تَجُوزُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَحِلَّ مِنْ صَاحِبِهِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يَسْتَحِلَّ مِنْ صَاحِبِه. وَهُوَ عِنْدَنَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ قَدْ بَلَغَ إِلَى الَّذِي اغْتَابَهُ، فَتَوْبَتُهُ أَنْ يَسْتَحِلَّ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ تَعَالَى وَيُضْمِرَ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى مِثْلِهِ. وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ سِيرِينَ فَقَالَ: إِنِّي اغْتَبْتُكَ فَاجْعَلْنِي فِي حِلٍّ. فَقَالَ وَكَيْفَ أُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ؟ ! فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَيْهِ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، مَعَ اسْتِحْلَالِهِ مِنْهُ؛ فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ إِلَى صَاحِبِهِ تِلْكَ الْغِيبَةُ، فَتَوْبَتُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَتُوبَ إِلَيْهِ وَلَا يُخْبِرَ صَاحِبَهُ، فَهُوَ أَحْسَنُ، لِكَيْلَا يَشْتَغِلَ قَلْبُهُ بِهِ. وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ بُهْتَانًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى التَّوْبَةِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهَا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ تَكَلَّمَ بِالْبُهْتَانِ عِنْدَهُمْ، وَيَقُولُ إِنِّي قَدْ

1 / 166