Penguasaan Perancis atas Tanah Mesir dan Syam
ذكر تملك جمهور الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية
Genre-genre
وأما الإنكليز لما بلغهم خروج هذه العمارة العظيمة، وظنوا أنهم قاصدون بلدانهم فحصنوا ثغورهم ومكاناتهم، ولما حققوا أنهم قصدوا الديار المصرية جهزوا أربعة عشر مركبا بكلك كبار، وصاروا إلى محاربتهم؛ لأنه كان بين الإنكليز والفرنساوية عداوة عظيمة وحقود قديمة، وقد تسلموا بعض بلدان في الهند كانت للفرنساويين، وبهذا السبب كان مسير الفرنساويين إلى الديار المصرية مؤملين أنه بعد تملكهم الأمصار المصرية يستسيرون في بحر السويس إلى بلاد الهند؛ لأن المسافة قريبة، وحين دخلت مراكب الإنكليز ثغر الإسكندرية أرسلوا قاربا يطلبون حاكم المدينة، فتوجه إلى مقابلتهم كمركجي الإسكندرية السيد محمد كريم الذي كان متروسا من قبل الأمير مراد بيك، وبعد وصوله للمراكب سألهم عن سبب قدومهم، فأخبروه أنهم طالبون عمارة الفرنساوية؛ لكي يصدوها عن الدخول إلى ثغر الإسكندرية، فارتاب السيد محمد كريم، وقال في نفسه: ما هذا إلا خداع عظيم، وأجابهم أن الفرنساوية غير ممكن أنهم يحضروا لبلادنا، ولا لهم في أرضنا شغل، ولا بيننا وبينهم عداوة، ولا جلبنا عليهم رداوة، وهذا كلام غير ممكن أن نصدقه، وإن حضروا - كما تزعمون - فنصدهم عن الدخول وليس لهم إلينا وصول، وأما أنتم فليس لكم الإقامة بهذه الديار، وإنما إذا جئتم تأخذون شيئا من الماء والمأكل فلكم الاختيار، فأجابوه الإنكليز: أنتم لستم في هذا الحين كفوا لصد الفرنساويين، ولكن سوف تندمون على عدم قبولكم إيانا، وعلى ما يحل بكم تتحسرون، وفي الحال أقلعوا من مقابل الإسكندرية، وكان ذلك في ثلاثة عشر من شهر محرم افتتاح سنة 1213.
فرجع السيد محمد كريم وهو حاير من ذلك البلاء العظيم، وفي الحال أعرض ذلك الأمر إلى مراد بيك إلى مصر، وفي ثالث الأيام من بعد قيام مراكب الإنكليز من ثغر الإسكندرية عند العصر نفد مركب عظيم في البحر، ولما قرب إلى البوغاظ أرسل قاربا إلى أسكلة الإسكندرية يطلب قنصل الفرنساوية، ولما بلغ أهل المدينة خافوا خوفا عظيما، وعقدوا ديوانا واتفق رأيهم على عدم توجه القنصل، وكان يوميذ مركب الريالة في البوغاظ وقبطانه في المدينة، فأمرهم أن يطلقوا القنصل وقال لهم: وإن حصل سؤال عن ذلك فعلي الجواب، وسار في القارب إلى المركب، ثم ما أغربت الشمس إلا وأقبلت العمارة العظيمة التي ليس لها عدد، فسقط على أهل الإسكندرية خوف عظيم وهم جسيم حين نظروا وجه البحر تغطى من المراكب، وحرر السيد محمد كريم يعلم مراد بيك عن قدوم تلك العمارة في هذه الألفاظ: سيدي إن العمارة التي حضرت مراكب عديدة ما لها أول يعرف ولا آخر يوصف، لله ورسوله داركونا بالرجال. وفي تلك الليلة أرسل ثلاثة عشر ساعيا بلا خلاف، وقد أيقنوا بالموت والتلاف.
وأما الفرنساوية بقوا تلك الليلة ينقلون العساكر من المراكب إلى البر بالقوارب إلى مكان يقال له العجمي بعيدا من مدينة الإسكندرية مسافة ساعتين، وعند الصبح نظرت أهالي البلد إلى العساكر في البر، ليس لهم عدد ولا لهم على حربهم جلد، فتأهبت الإسلام إلى الحصار، ومحاربة تلك الكفار، وأطلقوا المناداة: اليوم يوم المغازاة، ولكن إذ كانت المدينة مؤامنة من تلك الحوادث، وغير مستعدة لمثل هذه النواكس، فما وجد في قلع هذه المدينة إلا قليل من البارود، وأكثره كالتراب من طولة الأيام، وعند طلوع الشمس هجمت عليهم تلك العساكر كالبحار الزواخر والأسود الكواسر، فما مضى نحو ساعتين من النهار حتى تملكت الإفرنج الأسوار، ودخلت المدينة قوة واقتدارا، وكان ذلك في 15 محرم سنة 1213، الموافق لشهر حزيران سنة 1798، وطلبت الأمان الرعية من العساكر الفرنساوية، فأعطاهم أمير الجيوش الأمان وعدم المعارضة والعدوان.
وكان قد قتل في ذلك النهار من المسلمين ماية قتيل، ومن الفرنساوية شيء قليل، وانجرح جرحا كبيرا الجنرال كليبر، ثم حضرت قدام أمير الجيوش أعيان البلد فتوسلوا إليه، فترحب بهم وأمنهم، واختار منهم سبعة أنفار من الأعيان الكبار، وهم الأستاذ الفاضل والحاذق العاقل الشيخ محمد المسيري العالم العلامة والمشهور بالفضل والمكرمة، ثم السيد محمد كريم عين الأعيان ورئيس الديوان، ومعهم خمسة أنفار من أهالي الإسكندرية الأخيار، وقلدهم زمام الأحكام وما يحتاج إليه البلد من النظام، وأن كل يوم يعملوا ديوان مشهور، ويحكموا بما بينهم من الأمور، وقال لهم: إنه على مقتضى الحرية يجب أن تتقلد الأحكام عقلاء الرعية؛ لأن الخلق عند الله كل بالسوية، وليس يتفضل أحد على الآخر إلا بالعقل والنية، وبعد ذلك أمر بإحضار المطابع التي أحضرها معه من مدينة رومية، وكانت تطبع في اللغة الفرنساوية ولغة اللاتينية واليونانية والسريانية والعربية، وكتب فرمانات وطبعها في العربية ووزعها على الديار المصرية، وهذه صورتها حرفا فحرفا:
بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله، لا ولد له ولا شريك بملكه
من طرف الجمهور الفرنساوي المبني على أساس الحرية، والسر عسكر الكبير بونابارته أمير الجيوش الفرنساوية، نعرف أهالي مصر جميعهم أن من زمان مديد السناجق الذين يتسلطون في البلاد المصرية، يعاملون بالذل والاحتقار في حق الملة الفرنساوية، ويظلمون تجارها بأنواع البلص والتعدي، فحضرت الآن ساعة عقوبتهم، وحسرت من مدة عصور طويلة هذه الزمرة المماليك المجلوبين من جبال الأباذا والكرجستان يفسدوا في الأقاليم الإحسان ما يوجد في كرة الأرض كلها، فأما رب العالمين القادر على كل شيء قد حتم في انقضاء دولتهم.
يا أيها المصريون قد يقولوا لكم: إنني ما نزلت في هذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم، وذلك كذب صريح فلا تصدقوه، وقولوا للمفترين: إنني ما قدمت إليكم؛ إلا لكيما أخلص حقكم من يد الظالمين، وإنني أكثر من المماليك أعبد الله - سبحانه وتعالى - وأحترم نبيه محمد والقرآن العظيم، وقولوا لهم أيضا: إن جميع الناس متساوين عند الله، وإن الشيء الذي يفرقهم عن بعضهم بعض فهو العقل والفضايل والعلوم فقط، وبين المماليك ما العقل والفضل والمعرفة التي تميزهم عن الآخرين وتستوجب أن يتملكوا وحدهم كل ما تحلو به حياة الدنيا، حيثما يوجد أرض مخصبة فهي للمماليك، والجوار الجمال والحلل الحسان والمساكن الأشهى فهذه كلها لهم خاصة، فإن كانت الأرض المصرية التزام للمماليك فليوردوا الحجة التي كتبها لهم الله رب العالمين، هو رءوف وعادل على البشر، بعونه - تعالى - من اليوم وصاعدا لا يستثنى أحد من أهالي مصر عن الدخول في المناصب السامية، وعن اكتساب المراتب العالية، فالعقلاء والفضلاء والعلماء بينهم سيدبروا الأمور، وبذلك يصلح حال الأمة كلها، سابقا في الديار المصرية كانت المدن العظيمة والخلجان الواسعة والمتجر المتكاثر، وما زال ذلك إلا لطمع وظلم المماليك.
أيها القضاة والمشايخ والأيمة ويا أيها الشورباجية وأعيان البلد، قولوا لأمتكم: إن الفرنساوية أيضا مسلمين خالصين، وإثباتا لذلك قد نزلوا في رومية الكبرى وخربوا بها كرسي البابا الذي كان دايما يحث النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطة وطردوا منها الكوليرية الذين كانوا يزعمون أن الله يطلب منهم مقاتلة المسلمين، ومع ذلك الفرنساوية في كل وقت كانوا محبين الخاص لحضرة السلطان العثماني وأعداء أعدائه أدام الله ملكه، وفي الخلاف المماليك امتنعوا من طاعة السلطان، غير ممتثلين إلى أمره، فما طاعوا أصلا إلا لطمع نفوسهم، طوبى ثم الطوبى إلى أهل مصر الذين يتفقون معنا بلا تأخير، وينصلح حالهم وتعلا مراتبهم، طوبى أيضا للذين يقعدون في مساكنهم، غير مبالين لأحد من الفريقين المحاربين إن يعرفونا بالأكثر يسرعون إلينا بكل قلب، لكن الويل ثم الويل للذين يتحدوا مع أوليك المماليك، ويساعدوهم في الحرب علينا، فما يجدوا طريق الخلاص، ولا يبقى لهم آثار.
المادة الأولى:
جميع القرى القريبة ثلاث ساعات عن المواضع التي يمر بها العسكر الفرنساوي ترسل للساري عسكر بعض وكلاء؛ لكيما يعرفوا المشار إليه أنهم أطاعوا ونصبوا السنجق الفرنساوي، الذي هو أبيض وكحلي وأحمر.
Halaman tidak diketahui