فإن التفتازاني لم ينفرد بذلك، وإنما هو أحد من نسبه إلى الجمهور١، فمخالفة المؤلف لهم لا يستدعي إنكار نسبة القول إليهم.
إلا إذا كان يرى أنَّ رأي الجمهور قد انتقض بمخالفة الزمخشري والسكاكي لهم، فيكون لاعتراضه وجه.
ومن ذلك - أيضًا - اعتراضه على السيد الشريف في جعله مثل:
أنا الذي سمّتني أمي حيدرة٢، وأنت الذي أخلفتني، ونحن قوم فعلنا، وأنتم قدم تجهلون - من باب الالتفات، حيث يرى أنه لم يتحقق النّقل فيها، ولو تحقّق لكانت منه.
مع أنّنا نجد أن كلام السيد الشريف مقبول، خاصة وأنه لم يجزم بكونها من الالتفات؛ وإنما قال: "لا يبعد أن يجعل مثل: أنا الذي سمّتني أمّي حيدرة.... الخ من باب الالتفات من الغيبة إلى التكلم أو الخطاب"٣.
فيمكن توجيه كلامه، بأن هذا احتمال جائز، وهو وارد لأن فيه عدولًا عن صيغة إلى أخرى. فالصيغة التي هي على الظاهر: أن يقول: أنا الذي سمته أمه حيدرة ... الخ لأن الاسم الموصول اسم ظاهر، والاسم الظاهر بمنزلة الغائب، فكان مجرى الظاهر أن يأتي بغائب بعده، ولكنه عدل عنه إلى التكلم.
ومذهب السكّاكي يقبل مثل هذه الأمثلة التي أوردها السيد الشريف.
وهنا نجد تذبذبًا في تطبيق المؤلف، لأنه ذكر أنه يرتضي رأي السكّاكي في تفسير الالتفات سابقًا، ثم يشترط تحقق النقل هنا من صيغة إلى أخرى كما هو
_________
١ انظر: الإيضاح للخطيب القزويني: ١٥٧. وشروح التلخيص: ١/٤٦٥، ٤٦٧.
٢ انظر تخريج الرجز في النص المحقق: ٦٢-٦٣.
٣ شرح القسم الثالث من مفتاح العلوم للسكاكي: لوحة (٣٨/أ) .
مخطوط بمكتبة عارف حكمت تحت رقم (٨٦/٤١٦) بلاغة.
1 / 326