العتاب، والإباء عن المواجهة بما فيه الكراهة".
وعقَّب على هذا بقوله: "وأمَّا ما قيل: في الإخبار عمّا فرط منه ثم الإقبال عليه، دليل على زيادة الإنكار، كمن يشكو إلى الناس جانيًا جنى عليه، ثم يقبل على الجاني إذا حمي في الشكاية مواجهًا له بالتوبيخ، وإلزام الحجة -فوهم لا ينبغي أن يذهب إليه فهم"١. وهذا القول الذي أشار إليه بقوله: "وأما ما قيل" ورد عند الزمخشري في الكشاف٢.
٢- اعتراضه على اشتراط "أن يكون التعبير الثاني على خلاف مقتضى الظاهر"٣ في الالتفات ويرى أنه "لا حاجة إلى ذكره، واعتباره شرطًا زائدًا على ما ذكرنا، لأن أسلوب الكلام لا يتغيّر إلا إذا كان كذلك، بناءً على أن المراد من مقتضى الظاهر هنا، ظاهر الكلام لا مقتضى ظاهر المقام"٤.
وهذا الذي ذكره وجيه، إذ إن الالتفات في الأصل لا يكون إلا إذا كان التعبير الثاني على خلاف مقتضى الظاهر، فكأنّ اشتراطه لا داعي له، فهو متحقّق، ومن الأولى تركه.
٣- وقد انتقد الزمخشري في عدم تفصيله لأنواع الالتفات، وأعجب بما أورده السكاكي في هذا الأمر، فقال: "وقد أفصح عن هذا صاحب المفتاح بقوله: بل الحكاية والخطاب والغيبة ثلاثتها ينقل كل واحدٍ منها إلى الآخر، ويسمّى هذا النقل التفاتًا عند علماء المعاني، وإن قصر عنه بيان صاحب
_________
١ النصّ المحقق: ٥٣-٥٤.
٢ الكشاف: ٤/٢١٨- مطبعة البابي الحلبي وأولاده بمصر.
٣ هذا الشرط اشترطه الجمهور. انظر: المطوّل على التلخيص للتفتازاني: ١٣١ مطبعة أحمد كامل ١٣٣٠هـ.
٤ النص المحقق: ٥٣- ٥٤.
1 / 316