ولهذا المعنى قال قدماء المفسرين إن المقدمات الكاذبة إما دائمًا وإما فى الأ كثر هى خاصة بهذه الصناعة، كما أن الصادقة فى الأ كثر خاصة بالجدل، والصادقة دائمًا خاصة بالبرهان، والكاذبة والصادقة على التساوى خاصة بالخطابة.
وإذ كان ذلك كذلك، فيشبه إذا استقريت المواضع المغلطة التى تضمنتها هذه الصناعة، أعنى صناعة السوفسطائية، ألا يوجد بهذه الصفة إلا هذه السبعة فقط. وذلك أن سائر الأشياء التى يدخل منها الفساد على صورة القياس، ما عدا السببين اللذين ذكروا فى هذا الكتاب، يشبه ألا تكون قلة شعورنا بها أكثريًا. فإنا لا نجد من النظار من قد غلط من قبل استعمال سالبتين فى الأشكال الحملية، ولا من قبل جزئيتين، إلا قليلا. وكذلك يشبه أن تكون سائر لمواضع المغلطة فى النقيض، ما عدا ما ذكرها هنا، منها فقط. وأما الأشياء التى تغلط فى المقدمات فتوهم أنها صادقة، فإن الذى عدد أيضًا منه ها هنا هو ما كان قلة شعورنا به أكثريًا. وأما الذى يفعل الغلط أقليًا فهو خاص بالجدل، والذى يفعله على السواء فيشبه أن يكون خاصًا بصناعة الخطابة. وهذه هى حال المثال. ولذلك ليس ينبغى أن يعد تغليطه جزءًا من هذه الصناعة، كما لا يعد تغليط الاستقراء.
لكن قد يتشكك فى هذا القول، فيقال،: إنا نجد أرسطو قد استعمل موضع اللاحق فى هذا الكتاب، واستعمل قياس العلامة فى الخطابة، فكيف الأمر فى ذلك؟ فنقول:
إنه إنما استعمل موضع اللاحق هنا من حيث هو مغلط فى المقدمات أنفسها، وقلة الشعور به هو أكثرى، وفعله الغلط أيضًا أكثرى. وأما إذا
1 / 68